ابتلانا الله في اليمن بجماعة سلالية أعادت الظهور على حين غرة بعد أن تمكن جيل الأباء المناضلين من إبعادها عن التحكم بمصير اليمن واليمنيين في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م ، إلا أن التسويات اللاحقة والتسلل على حين غرةٍ مكنها لتعاود الكرة بانقلابها الاسود في العام 2014م الذي نسفت فيه كل ماتوافق عليه اليمنيون رغم انها كانت جزء من هذا التوافق ، لكن المؤشرات على الارض تقول أنها ستواجه نفس المصير الذي واجهته في نسختها السابقة ، ولن تتمكن من تحقيق أحلامها الخبيثة بتحويل البلد الى ملكية خاصة لسلالة بعينها .
دعونا الان من تقرير مصيرها فذاك امر محسوم وهي فقط تراوغ لكسب المزيد من الوقت لاغير ، لكن الأسوأ فيما يحدث أن ثمة أخطار طويلة الأمد تزرعها هذه الجماعة وتستفيد من الوقت التي تكسبه من مرواغاتها للإيغال أكثر في تفخيخ المستقبل ، وهذه الأخطار تتجاوز الحرب القائمة واثارها القريبة إلى المدى البعيد الغير منظور ، فما تزرعه مليشيات الحوثي الانقلابية اليوم عبر تفخيخ فكر وعقيدة أبناء اليمن ستظل أثاره تعكِّر مستقبلنا ومستقبل الأجيال ، وسيكلفنا القضاء على هذه الأثار سنوات وعقود وإمكانات وجهود نحن في غنى عن إهدارها ، وسيعيق هذا التفخيخ جهود البناء والتنمية والاستقرار ، وتتحول الجهود لفترات طويلة لمعالجة هذه الإشكالات وحلها بدلاً من توجهها نحو الأهداف التنموية الأخرى.
نظرة عابرة دون عناء التفحّص والتحليل تعطينا صورة عن مظاهر التفخيخ التي تزرعها هذه الجماعة في واقعنا الحالي ، وأهمها إيقاظ السلالية التي تعتقد بها القلة المشاغبة ولايؤمن بها عامة اليمنيين ، وتقسيم المجتمع الى طبقات متباينة وفق العرق ، والطعن في عقيدتنا المتأصلة منذ الأزل ، واستجرار صراعات مرّ عليها ألف وأربعمائة عام لا يجدي استحضارها ولايفيد واقعنا إلا المزيد من التدمير وزراعة الفتن والأحقاد ، ومن الاخطار كذلك الاستهانة بالدماء والأرواح ونشر ثقافة إباحة القتل للمخالف والنهب لأمواله وأرضه وتفجير و إحراق منزله ، واعتبار المال العام حق لسلالة بعينها دون سواها ، والتعامل مع بقية الشعب كخدماً لهذه السلالة مباحين الدم والمال والجهد.
هذا غيض من فيض المفخخات التي تزرعها هذه الجماعة المليشاوية في مستقلبنا بعد أن انتهت أو أوشكت على تدمير حاضرنا بانقلابها وحربها على البلد أرضاً وإنساناً وقيماً ، ومع إيماني المطلق أن مشروعها وحلمها في السيطرة على البلد لم يعد خياراً قابلاً للتحقق إلا اني أؤمن أن هذه الاختلالات التي تمس عقيدتنا وسلمنا الاجتماعي سيمتد خطرها لعقود من الزمن ، وسندفع ثمناً كبيراً من أوقاتنا وجهودنا وامكانياتنا لاجل مجابهتها ومعالجة نتائجها.
بلغة جلية يمكنني القول إن كل يوم يمر في عمر هذا الانقلاب فإنه يزيد من فداحة الأخطار التي تزرعها هذا الجماعة السلالية في واقعنا ومستقبلنا ، وستكتوي الأجيال بهذا الخطر لعقود تزداد كلما طال عمر هذا الانقلاب المشئوم ، ومن الحكمة اليوم استكمال القضاء على هذا الانقلاب ، وكبح جماح هذه الجماعة عن الاستمرار في جهودها الرامية إلى تدمير واقعنا وتفخيخ مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة.
يمكن القول ونحن في السنة الثامنة من عمر هذا الانقلاب أنه لا سبيل للقضاء عليه إلا باستكمال الحسم العسكري ، واتخاذ قرار صارم بنزع كل الامكانات العسكرية التي وقعت في يد هذه الجماعة السلالية ، فكل فرص السلام أهدرتها هذه الجماعة التي لاتؤمن بالتعايش والقبول بالأخر ، والحسم العسكري هو فقط من سيضمن لنا العودة الى النظام الجمهوري الذي يجعل الدولة في موقع الخدمة للشعب ، وللشعب كله المشاركة في السلطة والثروة دون اعتبار لسلالته او منطقته او قبيلته ، والكل في ذلك سواسية حقوقاً وواجبات ، يتشاركون المغنم والمغرم ، والوطن يتسع للجميع.
دمتم سالمين ..