(التاسعة والخمسون)
(1)
بداية نرحب دائما بكل من عاد إلى الحق من أهلنا وعشيرتنا واعتنق المنطق وصحح نظرته نحو إفرازات الواقع فيما يخص الجنوب وقضيته وفي مقدمة هؤلاء منظري جماعة الإنتقالي ومتشددي قيادتها واعضاء كشوف مرتباتها وبكل من دفعته الضغوط والظروف إلى محاولة تشويه ومعاداة الحقيقة!
(2)
الحق دائما طريقه شائك ومُرهِق وهو أصعب بكثير من طريق الباطل ولهذا دائما انصار الحق في بداية كل محنة وكل دعوة قليلون حتى يظهر ذلك الحق فيتهافت ويتزاحم عليه الأنصار لدرجة يختفي معها كل أثر للقلة الذين صمدوا حتى اظهروه وهذه سنة من سنن الحياة الإنسانية!
(3)
هناك قلة من أبناء الجنوب صمدوا صمود اسطوري أمام تيارات جارفة من التخوين والتصنيف والإغراءات المادية والعينية وقاوموا الانهزام النفسي ورفضوا وجاعوا وعانوا ومازالوا يعانون ولكنهم آمنوا بأنهم على الحق فثبتوا بإذن الله واليوم أهل الباطل واعترافا منهم بثبات هؤلاء يتسللون لواذا عن باطلهم ويطرقون باب الحق وأهله وهو الباب الذي لايرد أحد!!
(4)
في عام النكسة 2017م عام اختطاف الثورة الجنوبية وتحويلها من دعوة وطنية شرعية إلى حركة سياسية لصيقة بتكوين هلامي لا ملامح له ولا هدف وما تلاه كان تيار الباطل جارفا لم يصمد في مواجهته إلا قلة مجاهرة بصمودها ورفضها لايتجاوزون أصابع اليدين تؤيدهم وتنتظر حصاد صمودهم جموع غفيرة سحقتها السلوكيات المناطقية المتطرفة فآثرت الصمت حفاظا على ما تبقى لها من اسباب الحياة في مواجهة آلة القتل والتنكيل التي كانت الوسيلة الوحيدة التي توظفها ألادوات والجماعات والمجالس حينها لتجاوز اخفاقاتها وفشلها!
(5)
اليوم وبعد مضي أكثر من سبع سنوات على عام النكسة الجنوبية بات الشارع الجنوبي من أقصاه إلى أقصاه يجاهر برفضه ويعلن صموده في وجه نتائج تلك النكسة التي أعادت الجنوب إلى ماهو أسوأ من زمن حكم القبيلة في عهد الرئيس صالح وحولته إلى معسكر كبير للسجون السرية والمدافن غير الشرعية ولا القانونية!!
(6)
هناك شوائب مازالت عالقة في زوايا عقول البعض الجنوبي تحتاج إلى المزيد من الصبر والجهد لاستئصالها وإنقاذ تلك العقول منها ، تلك الشوائب تخلق ضبابية في التفكير عند اصحابها تجعلهم يقعون دائما في خطيئة ربط الجنوب بجماعة أو مجلس أو حزب أو فرد وهي الخطيئة التي حان الوقت للتحلل منها بعد أن أثبتت الأيام عدم واقعية مبرراتها!
(7)
على إخوتنا الذين مازالوا واقعين تحت تأثير هدير الآلة الإعلامية لعام النكسة والذين يرزحون تحت وطأة ضغط الإغراءات المادية أن يكرروا لأنفسهم دائما عبارة ((الجنوب مظلة لكل القوى والجماعات والاحزاب وليس العكس)) حتى يتجاوزوا حالتهم ويعودوا طبيعيين ويكونوا فاعلين في صف قضيتهم لا خاملين في صف مكونهم !!
(8)
ماتشهده الساحة الجنوبية اليوم من أفعال وممارسات لايجوز لعاقل نعتها بالأخطاء ونسبها للبلاطجة للهروب من المسؤولية لأن مايحدث هي جرائم تُمارس بمنهجية وتستهدف اطرافا بعينها وهي حلقة من حلقات مسلسل طويل بدأ في العام 2009م واكتسب القبح في العام 2015م واستفحل وخرج عن السيطرة في العام 2017م.
(9)
قضية المقدم علي عشال الجعدني جنائية إلى حد الآن وميزتها أنها فضحت كذبة الدولة والقانون وكشفت عورة المتدارين خلف ستارها واثبتت أن الجنوب تتقاذفه عصابات مناطقية مسلحة لن يتعافى إلا بالخلاص منها وليس بتصحيح اخطاءها كما يطالب المستفيدين من استمراريتها ، ومن يحاول تسييسها هو الطرف المشتبه به في القضية لمحاولة الهروب من مواجهة تبعات جريمته تارة بتقديم كباش فداء وأخرى بتصدير الأزمة نحو المعارضين لتلك الجرائم ولمن يرعاها ويشرف على تنفيذها !!
(10)
صلاح العقول يبدأ من فضيلة الاعتراف بالخطأ وتسمية الأشياء بمسمياتها والبعد عن تقسيم الجنوب إلى مخلصين وخونة والكف عن تشغيل أسطوانة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي والتي ازدهرت فيها مصطلحات التخوين وتوسعت مساحات المقابر الجماعية والسجون وغابت فيها خطط البناء والتطوير والتسامح والسمو على الصغائر!
عبدالكريم سالم السعدي
30 يوليو 2024م