من المهم الاشتغال على تطوير قدراتنا على المواجهة، ووضع الاستراتيجيات المناسبة، وتحديد الأولويات والمهام وتصنيف القضايا حسب درجة الخطورةً والأهمية وبذل الطاقة بالقدر المطلوب للتخلص والتجاوز والتركيز على فعل المقاومة، وعدم تبديد الجهد فيما هو ثانوي وهامشي وغير ذي بال.
إدارة الصراع فن، وعمل مهم وخطير، يبدأ من داخل العقل والروح بعقلنة الصراع، وأنسنته وتأطيره ضمن أبعاده الوطنية ووفق القيمة والمعنى وتفكيكه والتعامل معه بوعي وبروح محاذرة.. لا تصارع كي تصرع ذاتها، وتخسر قضاياها المركزية ومبادئها الأساسية.
وحين يكون الصراع وطنياً فهو يستوجب الارتفاع بالقضايا الى مستوياتها اللازمة، وعدم الانغلاق داخل تأطيرات وصيغ ضيقة، تهزم المشروع الجمعي، وتقزم الأدوار ، وتكرس حالة من العصبوية، والانقسام الهوياتي والإنتماءات الجغرافية الضيقة.
صنع الحوثيون انحطاطهم الخاص وفرضوا علينا للأسف صورتهم ومنطقهم وخطاباتهم وسجالاتهم ونجحوا في تعميم بشاعاتهم وتفجير الوعي والروح والوجدان وسمموا الذائقة الخاصة والعامة.. فرضوا صراعهم البالي والرث واستنفدونا كثيرا في ملاحقة الترهات وجعلونا نذهب أحيانا بعيدا عما هو جوهري وأساسي في الصراع.
النقاشات الدائرة والاطروحات والأحاديث والمنشورات والمهاترات العنيفة حول كثير مماهو ثانوي على الأغلب حالة عمى وتشوش وعجز عن الإمساك بالزمام.
من المهم عدم البقاء في مربع رد الفعل والعمل وفق أجندة الخصم والاستجابة للنزال وفق شروطه ودواعيه.
الصراع على هذا النحو يدمر الروح ويستهلك الطاقات ويبعثرالقضايا والجهود ويبعدنا عن المراد.
كثير مما يدور ، صخب وجنون وهستيريا ونزق متبادل وضجيج باعث على الدوار ، وغالبا حول ماهو سطحي وعابر.
لكأننا في مقلب كبير مشغولين بالنبش فيه ليل نهار ، وعلى نحو يوحي بفقداننا نموذجنا الخاص وتضييعنا لصورتنا وحكمتنا وقدرتنا على التحكم في مسار الصراع حد العجز عن البقاء مستنفرين في التعامل مع القضايا باعتبار أولويتها وأهميتها.
يجب عدم السماح لخصومنا بجرنا بعيدا عن خطوط النار إلى الهوامش لملاحقة كل ماهوثانوي وشكلي وغير ملح.
بلدنا في وضع صعب وفي حالة عري فاضح وانكشاف مريع ونعرف جيدا أن لدينا ويلات وكوارث لعينة ، هي أكبر من كل هذه الجلبة المشتعلة حول العادي والبسيط.
نحن نعمل على جندلة الوعي بهذا الإسقاط لكل ماهو هام وضروري، وهو مايعني مزيدا من التشوش والارتباك والتخبط وانعدام التركيز وغياب الرؤية وضياع الوجهة.
من صفحة الكاتب على فيسبوك