*منصور بلعيدي*
الوفاء هو أحد أهم مكارم الأخلاق العشرة التي ما إن توفرت في شخص إلا وكان قدوة يُحتذى بها.
وقد كان العرب في جاهليتهم يتميزون عن العالم كله ببعض صفات مكارم الأخلاق، وهي التي هيأتهم لأن يختارهم رب العزة لنزول الوحي عليهم دون كل الناس.
ذلك لأن واقع العالم حينها كان يموج بالمفاسد والمظالم والتجاوزات الأخلاقية.
حين يتصف الإنسان بصفات مكارم الأخلاق أو حتى ببعضها، فإن الناس يأمنونه على سائر شؤون حياتهم، وإن تصدر المشهد انقادوا له مطمئنين.
لكن في زماننا هذا، افتقدت في الناس أغلب صفات مكارم الأخلاق.. أما فيمن يتصدرون المشهد السياسي اليوم في بلداننا العربية، فقد غابت عنهم جميع مكارم الأخلاق تماماً، حتى خيل إلي أن عرب الجاهلية كانوا أرقى أخلاقاً من هؤلاء القوم.
لك أن تتخيل - عزيزي القارئ - أن تعيش تحت ظل حكام فقدوا مكارم الأخلاق العشرة بالكلية، وهي:
1. الصدق
2. الوفاء
3. الأمانة
4. مداراة الناس
5. المكافأة بالصنائع (رد الجميل)
6. إكرام الضيف
7. حسن الجوار
8. إغاثة الملهوف
9. إجارة المستجير
10. الإقدام والذود عن المحارم (الشجاعة)
ترى كيف سيكون عليه الحال في واقع كهذا؟ لا شك أنك ستقول: فلتقم الساعة، فلا عيش يليق بالبشر إن حكمهم فاقدو مكارم الأخلاق جميعها، فباطن الأرض أفضل من ظاهرها.
وهنا تحضرني حكاية جميلة ومعبرة ذات معنى: يُحكى أن رجلاً باع جمله في السوق، ثم أخذه المشترون إلى المسلخ ليذبحوه، لكن الجمل رفض الدخول إلى المسلخ. استخدموا معه جميع الوسائل لكنه أبى. فقال أحدهم: اطلبوا صاحبه ليقوده إلى المسلخ. فجاؤوا بصاحب الجمل، وعندما رآه الجمل طأطأ برأسه وأغمض عينيه وسار خلف صاحبه مغمض العينين حتى دخل المسلخ.
تقدم القوم ليذبحوه، لكن صاحبه كان له رأي آخر.
قال: لا والله لن تذبحوه، خذوا فلوسكم، فأنا لا أخون من ائتمنني على نفسه، أنا لا أخون من وثق بي ومشى خلفي مغمض العينين لثقته فيني.
أعوذ بالله أن أكون من الخائنين. وأخذ جمله وعاد به إلى منزله.
هذا هو الوفاء بعينه، أن تكون على قدر الثقة التي يمنحها لك الآخرون.
لكن وآه من لكن...
اليوم، هم لم يخونوا الأمانة فحسب، بل خانوا أهلهم وناسهم وباعوا الجمل بما حمل للأسف.
وصباحكم جميل،،،