صفقة سياسية بغطاء نووي

2013/11/26 الساعة 03:58 مساءً

لعل من البساطة وصف اتفاق جنيف قبل أيام بين إيران وما سمى 5 1 (أي أعضاء مجلس الأمن الدائمين بالإضافة لألمانيا) بأن ذلك محصورا فقط في الجانب النووي وبغض النظر من الكاسب الاكثر من هذا الاتفاق المؤكد بأن صفقة سياسية شاملة قد ابرمت في وقت سابق عبر تفاهمات سرية ذلك أن (أمراً قد دُبر بليل) بين هذين الفريقين ليس فقط قبل شهور من الاتفاق بل حتى قبل فوز روحاني والذي تواصل نسق أكثر من لقاء بينة والإدارة الأمريكية ، الأمر الآخر ان بلدا خليجيا قد مهد للإسراع بذلك الاتفاق وهى سلطنة عُمان بسياستها الهادئة دون ضجيج وتحمل أعباء والتزامات مادية ، الحاصل بأن الغرب قد اقر بدور إيران الإقليمي واعتبرها رقما محوريا في أي ترتيبات مقبلة ولعل أقربها مؤتمر جنيف 2 المخصص لإيجاد حلول سلمية للازمة السورية ، الأمر المحير للمراقب انه يتيه بين نتيجة وخلاصة ذلك الاتفاق هل هو خسارة لإيران ام مكسب والحاصل ان كل تحليل ينطلق من رؤية خاصة فإذا كان المنبر مواليا لإيران فأنه يُجمل الاتفاق ويذكر محاسنه بالنسبة لإيران وبأنه انتصار ودهاء بينما ينتقل المتابع التائه إلى منبر آخر فيرى بأن إيران قد تنازلت عن جزاء هام من حقوقها النووية فبدلا من ان كانت قاب قوسين او أدنى من انجاز نووي مدوي فأنها قد تراجعت في أولويات أهدافها بنسبة مخفضة لتخصيب اليورانيوم بالصورة التي لايتيح لها إنتاج سلاح ذري ولا يدركون أصحاب هذه الرؤية خفايا الأمور فلم تقدم إيران على هكذا صفقة الا بعد أن وقفت اما م حقيقة الربح والخسارة من تقييم سياستها الخارجية لأكثر من ثلث قرن مضى فالحلم النووي قد بداء منذ مطلع السبعينيات في عهد الشاه عندما كان شرطي الخليج ، وقد تعثر في محطتين زمنيتين الأولى هى مرحلة الثمانينات التي انشغلت فيها ايران بالحرب مع العراق لثمان سنوات عجاف وعند مطلع التسعينيات بدأت إيران تراودها الأحلام النووية فبعد ان طوعت الفن لصالح مبادئ الثورة الإيرانية فقد أصدرت في مجال الفن سيمفونية نووية بدلا من أغاني (كوكوش)و( ازيتاء) ، فكان كل شئ مسخر لمعركتها مع الشيطان الأكبر والاستكبار العالمي واليوم تتوارى تلك الشعارات الضخمة في ميدان (جمهوري إسلامي) وشارع (انقلاب) و(ولي عصر) أي ( ولي الزمان وهو وفق مفهومهم الإمام المهدي المنتظر الذي سيملأ الأرض عدلا بدلا من ان ملئت جوار!!) إنها سياسة المصالح والبرجماتية والواقعية الايرانية فضلا عن مبداء التقية في الفقة الشيعي ودهاء العجم الذي يفضح غباء العرب الأقحاح ، يبدو ان الإقرار الغربي رسميا بدخول إيران كفاعل أساسي في المنطقة هو في الوقت نفسه الإعلان غير الرسمي من قبل الإدارة الأمريكية عن فشل المحور السعودي التركي الإسرائيلي القطري في الأزمة في قضايا عربية وتناقض المواقف داخل هذا المحور نفسه وأبرزها الأزمة السورية والمصرية ، عجبي لامة تحول بوصلة أعدائها من إسرائيل إلى إيران وتصبح والأعداء الحقيقيين في خندق واحد ، أمة ترى من حولها امم شرقية وغربية لها مشاريعها الا العرب بدون مشروع فقط يتناحرون بين انفسهم بل وبين أجزاء المجزاء أيضا ، إنا شخصيا ومن رؤيتي المتواضعة ، لا أقيم سياسة إيران الإقليمية والدولية بردود أفعال لمواقف معينة إزاء اليمن وغيرها فهى شأنها شأن أي قوة أخرى في العالم لها مصالحها وإنما الأجدر البحث عما وراء الأسباب في تلك الدول التي سادها غياب الدولة المدنية العادلة ومن هنا أقيم الحالة الإيرانية فقط من منظور تدخلها في اليمن بل وفق رؤية إستراتيجية اشمل فمن يقول اشهد ان لا اله الا الله فهو مسلم ، عجبي لأمة تنطلق من قناعات مسبقة وتنميط مسبق لدرجة الإصابة بعمى الألوان!