وظيفة في الصين
اطباء ومهندسون يمنيين - وفي جمهورية المليار والنصف انسان " الصين " - أول ما تخرجوا وتسلموا شهاداتهم من جامعات الصين إلا وبات بمقدورهم العمل بوظيفة محترمة عائدة عليهم وعلى عوائلهم بدخل مادي يمكنهما الاثنين من العيش بكرامة واستقرار وفي بلد يتربع دول العالم كثافته ونشاطا وانضباطا وحركة وتجارة وتعليما وسرعة ومنافسة ووالخ .
لا اتحدث هنا عن كفاءة نوعية مهاجرة كتلك المستوطنة اصقاع اوروبا وامريكا خلال عقود ماضوية ، لكنني احدثكم عن يمنيين اكملوا لتوهم دراستهم الجامعية في الصين ، ونظرا لصعوبة الحصول على فرصة عمل في بلدهم الصغير والفقير ؛ إلا من تخمة بطالة ، قرروا العودة ثانية ولسان حالهم يردد : اطلبوا الوظيفة ولو في الصين " .
كيف قدر لهم العمل في بلاد تعدادها مليار ونصف ودونما مشقة او وساطة او حائل ثقافة ولغة ؟ وكيف انهم لم يعثروا على فرصة عمل في بلادهم القليلة السكان والكثيرة الجهالة والبطالة والحاجة ؟ الاجابة متروكة لك عزيزي قارئ هذه الاعجوبة .
لواء معتقل ولواء في حمى شيخ !!
قائد اللواء لا يواظب على الحضور او الانصراف من معسكره إلا راكبا مدرعة ومخفورا بأطقم وجنود حماية وعتاد من الاسلحة المتوسطة والثقيلة ؛ فكيف له حماية الارواح والمنشآت والطرقات من القتل والتخريب والارهاب والحرابة ؟ إنه لمن السخافة والبلادة ان تطلب الحماية ومن كائن لا يملكها إزاء ضباطه وجنوده وحتى معسكره ؟ .
فهذه جميعها عرضة للقتل والخطف والترهيب والتخريب والترهيب ، وبرغم هذه الوضعية المأساوية والمذلة التي تحيط بضباط وجند وقوة الدولة مازلنا ننتظر من قادة لصوص وفاسدين - جل تفكيرهم في النهب والسلب والسرقة للمرتبات والغذاء والدواء والملبس – ان يحملوا راية التغيير على كواهلهم وان يقودوا جيشا ضعيفا خائرا وغير مؤهل لمهمة وطنية نبيلة لأن يكونوا حماة للشعب ومكاسبه ونظامه وسيادته .
تصوروا مثلا لواء عسكريا قوامه يزيد عن قوام فرقة اسرائيلية ، ومزود بترسانة عتاد حربي وقوة بشرية كفيلة بتحرير حضرموت من ربقة الاغتيالات والارهاب ، وبتطهير مأرب وشبوه من المخربين والخاطفين ، ومع كل ما يمتلكه من ترسانة وبشر بات عاجزا عن حماية ضباطه وجنوده ؛ فكيف بحماية الكهرباء والطريق والمؤسسات والممتلكات والارواح ؟ .
ليت للمسألة علاقة بصون دم انسان او حفظ كبريائه المهدرة غالبا ؛ لكنها تتعلق بقادة عسكريين آثروا حفظ مناصبهم أكثر من أي شيء أخر ، فالمنصب لهؤلاء يعني فلل في صنعاء ، ومزارع في تهامة ، وعقارات في عدن ، وشركات تجارية واستثمارية ، كما ويمثل المنصب وجاهه ونفوذ في شؤون السياسة والقضاء والاقتصاد والاحزاب والصحافة والتجارة والانتخابات وووالخ .
لم أقل لكم بعد ان هذا الجيش وصل به الامر لحد فتح مراكز صرافة لشركتي الكريمي والصيفي داخل المعسكر ، كما وتجنبا منه لحدوث صدامات مسلحة مع البلاطجة والمخربين واللصوص والقتلة والخاطفين حضر على جنوده وضباطه ارتياد سوق المدينة ، بحيث صار بمقدورهم شراء وريقات القات من سوق تم ابتكاره داخل المعسكر .
إما مياه الشرب فقد حرص قادة اللواء على امداد منتسبي المعسكر بمشروع كلف الوزارة الملايين ؛ إذ تم عمل خزان تنقية وتقطير لهذه المياه ، وبهذا المنجز العظيم يكون اللواء قد حقق الاكتفاء الذاتي بحيث يستطيع افراده الشرب وكذا طبخ الاكل وتعاطي القات براحة ودونما مواجهة او قتال مع الخارجين على النظام ، فلقد وصل غرور هؤلاء لحد محاصرة اللواء في ثكناته واجباره على التزام الصمت والحياد إزاء كل اعمال القتل والتقطع والتخريب والخطف .
في صعده وفي ذروة الإحتراب ما بين جماعتي الحوثيين والسلفيين كنت قد رأيت الفرحة في وجه صديقي وهو يهاتف قريبه الجندي في اللواء المرابط في منطقة النزاع في دماج ،سألته وبفضول : هه ماذا قال لك حتى تطلق ضحكتك ؟ اجاب : قال لي بان الجيش ليس طرفا في المعركة الدائرة بين الطرفين ، وان جنود وضباط اللواء في موضع حياد ، وانهم يتسوقون بحرية ودونما حاجة لحملهم سلاح ، فجميعهم تحت حماية اشياخ القبيلة والحرب .
الرئاسة تدين ، الحكومة تشجب ، البرلمان يستنكر ، مجلس الشورى يأسف ، اللجنة الامنية العلياء تعرب عن استنكارها لهذه الجريمة البشعة ، وهكذا دواليك من بيانات الشجب والاستنكار المألوفة عادة في مثل هكذا اغتيالات ، المؤتمر الشعبي والتنظيمات التابعة له يندد بحادثة الاغتيال ،المشترك واحزابه وحلفائه جميعها في سباق لإصدار بيان .
ما اعلمه هو ان الرئاسة وفي كل اقطار الدنيا لا تدين بل تطلب من اجهزتها الامنية تقريرا مفصلا حول جريمة الاغتيال ، الحكومات في بقاع المعمورة لا تشجب بل تستنفر قواها الامنية وبما يجعلها ترد على مزاعم معارضيها ان وجدوا وكي تبرأ نفسها من جريرة ترهيب خصومها وبما يكسبها ثقة مواطنيها في صندوق الاقتراع .
البرلمان ، الاحزاب السياسية في أي ائتلاف حكومي ، وزارة الداخلية ، اجهزة امن الدولة ، فكل هذه المسميات ليست مهمتها اصدار بيانات الشجب والاستنكار ، فلديها سلطة ووظيفة تؤهلها لممارسة سلطة ودور حيال قضايا الاغتيالات والارهاب والتخريب ، كما وعلى كاهلها مسؤولية وواجب اخلاقي ونظامي أمام المجتمع الذي تستمد وجودها ومشروعيتها وسلطانها بتفويض منه باعتباره أصل السلطة ومصدرها الوحيد .