غلطة السلال وسقطة صالح

2014/01/29 الساعة 11:48 صباحاً

في معرض السخرية من الرئيس عبدالله السلال يورد نائبه عبدالرحمن البيضاني في مذكراته قصة مفادها أنه ذهب والسلال ووفد رفيع المستوى إلى موسكو عاصمة الاتحاد السوفيتي طلباً لتأييد روسي لثورة الجمهورية على النظام الملكي المستبد.

 

حظي الوفد باستقبال جيد، وعقب مأدبة غداء أو عشاء وقف رئيس الاتحاد السوفيتي ملقياً كلمته، ثم جاء بعده دور السلال ليلقي كلمته هو الآخر، وكانت مشكلة السلال أنه انتقل من مربع الجيش إلى الموقع الأول في مربع السياسة بشكل مفاجئ، ولم يكن تدرب من قبل على شيء من المهارات التي تتطلبها اللقاءات بالأطراف السياسية الداخلية والخارجية والخطابة والمؤتمرات الصحفية والحوارات.. وإلى آخر ذلك.

 

تحدث في تلك الكلمة بما لديه من لغة بسيطة، وأثناء الكلمة قال للروس: هناك وجه شبه بين كل من اليمن والاتحاد السوفيتي. وهنا شخص الجميع بأبصارهم نحوه وأبدو اهتماماً شديداً لسماع الجملة التالية، فإذا به يقول لهم شارحاً وجه الشبه بين الدولتين: أنتم السوفييت لديكم نجمة حمراء، ونحن اليمنيين لدينا بحر أحمر!.

 

كان البيضاني –حسب قوله- هو المترجم لتلك الكلمة، وأكد أنه تلافى هذه العبارة وأورد لها ترجمة بمعنى آخر، ثم كتم الأمر إلى أن ضمّنه مذكراته الصادرة قبل بضع سنوات. ومن حسن حظ السلال أنه لم يكن في ذلك الوقت نقل مباشر على الهواء لمثل هذه الفعاليات، إضافة إلى أنه سيجد العذر لدى الرأي العام اليمني تبعاً لما سبق الإشارة إليه من عدم امتلاك الرجل مهارات الخطاب الدبلوماسي لأسباب طبيعية.

 

وعلى أن علي صالح والسلال كليهما من "سنحان" إلا أن المقارنة بينهما في النقاط السابقة تبدي الفرق كبيراً، حيث تدرب صالح على الخطابات والحوارات لخمسة وثلاثين سنة حتى الآن، ولا يمكن  بحال أن تقبل منه سقطة كالتي سقطها السلال في مطلع الستينات، لكن وقع في واحدة أسوأ منها.

 

ما أشير إليه هو العبارة السمجة التي وردت قبل يومين ضمن حواره التلفزيوني مع قناة "اليمن اليوم" حين أراد أن يرسل رسالة مجاملة إلى روسيا مستبقاً جلسة مجلس الأمن القادمة بعد أيام، فإذا المذيع يسأله بما معناه: سمعت أنك تحب قناة "روسيا اليوم" وتتابعها. فأجابه مثبتاً المعلومة: نعم، أحب قناة "روسيا اليوم" وأتابعها ولهذا أطلقت على هذه القناة اسم "اليمن اليوم"!.

 

ما يزيد الأمر سوءاً بالنسبة لصالح هو أنه كان واضحاً وجلياً أن أسئلة الحوار معدة مسبقاً، وليس الوقت الآن للحديث عن أدلة الترتيب المسبق لذلك الحوار، بل الحديث فقط عن سقطة خبير الخطابات والحوارات علي صالح التي تشبه غلطة المعذور السلال، بل وتبدو أسخف منها.