أثار الحكم الصادر عن محكمة سعودية بحق المتهمين في قضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده باسطنبول قبل نحو عامين ردود أفعال متباينة، فيما اكتفت عائلته بالإشادة بالحكم القضائي.
وأول ردود الأفعال كانت من الرئاسة التركية، التي أكدت أن الحكم الذي أصدرته المحكمة السعوديةلم يحقق توقعات تركيا والمجتمع الدولي، داعيةً السلطات السعودية إلى التعاون في التحقيق الذي تجريه أنقرة.
فخر الدين ألتون، رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، أكد ذلك عبر سلسلة من التغريدات على تويتر، رصدتها “وطن”، قال فيها إن “الحكم النهائي الصادر عن محكمة سعودية بخصوص إعدام خاشقجي فشل في تحقيق توقعات تركيا والمجتمع الدولي”.
أضاف ألتون: “لا نعرف حتى الآن ماذا حصل لجثة خاشقجي، من أراد قتله وما إذا كان هناك متعاونون محليون، الأمر الذي يضع قيد الشك مصداقية العمليات القانونية في السعودية”.
المسؤول التركي أضاف: “نحث السلطات السعودية على التعاون مع التحقيق المستمر الذي تواصل إجراءه تركيا في قضية القتل هذه”.
من جانبها، وصفت عائلة خاشقجي أحكام الحق العام التي أصدرتها المحكمة الجزائية بالمملكة أمس بـ”الأحكام العادلة”، معتبرة أنها “تمثل رادعاً لكل مجرم ومسيء مهما كان”.
وقال محامي العائلة، إن “الجرائم المرتكبة من هؤلاء المحكوم عليهم جرائم كبيرة، والأحكام في الحق العام المتضمنة عقوبات السجن المختلفة هي أحكام عادلة ارتضتها المحكمة التي تحكم بشرع الله والنظام العام”.
ورأى أن الأحكام “تعتبر رادعاً لكل مجرم مسيء مهما كان. ولقد ارتضينا كعائلة منذ البداية تطبيق شرع الله وحكمه. ولا توجد في العالم اليوم محكمة أو جهة تطبق شرع الله وحكمه كمحاكم المملكة العربية السعودية”.
وفي مايو الماضي، أعلن أبناء خاشقجي بشكل مفاجئ “العفو” عن قتلة والدهم، حيث قال صلاح خاشقجي، نجل جمال خاشقجي، في تغريدة على حسابه على “تويتر” آنذاك بياناً مقتضباً جاء فيه: “نعلن نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي أننا عفونا عمن قتل والدنا”، مضيفاً أن قرار العائلة يستند إلى آية قرآنية تشجع على العفو.
وأعلنت النيابة العامة السعودية، في وقت سابق من الإثنين، إغلاق قضية مقتل خاشقجي بشقيها العام والخاص، مع صدور أحكام نهائية بحق 8 أشخاص مدانين في إطارها.
حيث أكدت المحكمة الجزائية في العاصمة الرياض، إصدار أحكام نهائية بحق 8 أشخاص اشتركوا في قتل الصحفي السعودي بقنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
كانت المحكمة الجزائية بالرياض عقدت في يناير/كانون الثاني 2019، أولى جلسات محاكمة قتلة خاشقجي، وعددهم 11 شخصاً -لم تسمّهم- بحضور محاميهم، وطالبت النيابة بإعدام 5 منهم -لم تسمّهم أيضاً- وفق ما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”.
كما كانت النيابة، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أعلنت 17 بنداً رئيسياً بشأن القضية، من أبرزها طلب إعدام خمسة من بين 11 مشتبهاً به تم توجيه الاتهام لهم في القضية.
قالت آنذاك، إن أسلوب الجريمة هو عراك وشجار وتقييد وحقن خاشقجي بإبرة مخدر بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته، مشيرة إلى أن رئيس فريق التفاوض مع الصحفي الراحل هو الآمر بالقتل، من دون ذكر اسمه أيضاً.
كما أوضحت أن الجثة تمت تجزئتها من قبل المباشرين للقتل، ونقلها إلى خارج مبنى القنصلية، وتم تسليمها لمتعاون، دون ذكر مكانها.
يُذكر أنه في 5 ديسمبر/كانون الأول 2018، أصدر القضاء التركي مذكرة توقيف بحق النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودي أحمد عسيري، وسعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد محمد بن سلمان؛ للاشتباه في ضلوعهما بالجريمة، وطالب بتسليم بقية المتهمين.
في المقابل قال مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في بيان، إنه لا يستطيع تقييم نزاهة محاكمة خاشقجي، مطالباً بإجراء تحقيق مستقل “بمشاركة دولية”، وهو مطلب تركي لوّحت به أنقرة مراراً.
من جانبها، اعتبرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنيَّة بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية السعودية في قضية الصحفي جمال خاشقجي، “لا تتصف بأي مشروعية قانونية وأخلاقية”.
حيث أعربت كالامار على حسابها بأحد مواقع التواصل الاجتماعي، الإثنين، عن انتقادها للقرارات، وأضافت: “لقد أكملوا عملية (محاكمة) ليست عادلة أو مُنصفة أو شفافة”، ووصفت كالامار موقف النيابة العامة السعودية بأنه “محاكاة هزلية للعدالة”.
ووفقاً لتقرير أممي، فإن السلطات السعودية لم تحاكم كلاً من المشاركين في فريق الاغتيال المكون من 15 شخصاً وهم: “نايف حسن العريفي، عبدالعزيز محمد الهوساوي، خالد عايض الطيبي، مشعل سعد البستاني، غالب الحربي، بدر لافي العتيبي”.
الجدير ذكره، أن الشهر المقبل تصادف الذكرى السنوية الثانية لمقتل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول، فيما لا يعرف مصير أو مكان جثته حتى اللحظة، وسط أنباء عن تقطيعها وإذابتها بمواد كيماوية حارقة