قبل 4 أعوام انتشرت تقارير إخبارية على منصة فيسبوك تدّعي أن بابا الفاتيكان فرانشيسكو يؤيد المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية آنذاك دونالد ترامب، وتقرير آخر يفيد بالعثور على محقق حكومي يحقق في قضية البريد الإلكتروني الخاص بالمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون مقتولا.
ولا يعرف أحد يقينا تأثير تلك الأخبار على اختيارات الناخبين، إلا أن ذلك دفع شبكة فيسبوك للقيام بجهد كبير لمنع استغلالها كمنصة لنشر أكاذيب أو معلومات مضللة.
وأصبحت شركة فيسبوك في واجهة الأخبار المتعلقة بإعلان النتائج الرئاسية القادمة، في ظل توقع تأخير إعلانها نظرا لضخامة أعداد المصوتين عن طريق بالبريد، في وقت لم تسلم فيه فيسبوك من انتقادات جمهورية وديمقراطية.
تتعرض فيسبوك، وغيرها من منصات التواصل الاجتماعية الشهيرة مثل: تويتر وإنستغرام ويوتيوب، لهجمات وانتقادات لا تتوقف من حملتي المرشحين: الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن.
وطالبت حملة بايدن شركة فيسبوك بإزالة منشورات للرئيس دونالد ترامب، واصفة شبكة التواصل الاجتماعي الكبرى بأنها "أبرز ناشر للمعلومات المضللة عن عملية التصويت في البلاد".
من جانبها، تطالب حملة ترامب فيسبوك بأن تتوقف عن تقييد محتوى صفحات مؤيديه أو تعطيل صفحات عديدة داعمة له تضم مئات الآلاف وأحيانا الملايين من المتابعين.
وردّ المتحدث الرسمي باسم فيسبوك على هذه الاتهامات، وذكر لموقع أكسيوس الإخباري أن شركته تواجه انتقادات من الحزبين، مؤكدا أن فيسبوك لديها قواعد لحماية نزاهة الانتخابات وحرية التعبير، ومشددا على مواصلة تطبيقها بنزاهة.
يذكر أن ترامب وبايدن يستخدمان فيسبوك لمخاطبة مؤيديهما بشكل مباشر وتشجيعهم على التصويت لهما، ويشترك في صفحة الرئيس ترامب ما يقرب من 30 مليون متابع، في حين يتابع نائب الرئيس السابق جو بايدن 3 ملايين شخص.
وأعلنت شركة فيسبوك عن تحديث قواعدها بشأن نشر المعلومات والإعلانات الدعائية السياسية المرتبطة بالانتخابات الأميركية.
اعلان
وقالت الشركة إنها ستحجب الإعلانات التي تصف نتائج الانتخابات بأنها غير فعلية، أو تقول إنه كان هناك تزوير واسع النطاق للنتائج، أو تهاجم أيا من طرق الاقتراع.
كما قامت الشركة بمراجعة إستراتيجيتها للتعامل مع الانتخابات القادمة وكيفية نشر وفحص ما ينشر على موقعها، وأصدرت عدة بيانات تفصّل لخططها الجديدة، ومنها:
لكن يرى كثير من خبراء التقنية أن فيسبوك تقتصر في مواجهتها على الأسماء الكبيرة والمعروفة فقط، مما يسمح لكثير من الأشخاص أو الكيانات غير المعروفة على نطاق واسع بنشر ما تشاء من أكاذيب ومعلومات مضللة.
وكانت فيسبوك محفلا للكثير من الشائعات والأكاذيب والتشويه، وشمل ذلك نظريات مؤامرة لا أساس لها، بداية من حقيقة فيروس كورونا المستجد، ووصولا إلى التشكيك في جدوى صناديق الاقتراع البريدية وتزوير الناخبين.
ويقول الباحثون المتخصصون في وسائل التواصل الاجتماعي إن الجهات "الشريرة" تستخدم الشك الناجم عن حالة وباء كورونا، لإرباك الناخبين بشأن كيفية التصويت وتقويض الثقة في نتائج الانتخابات، بل التهديد بنشر العنف.
ويرى الخبراء أن فيسبوك لم تقم بما فيه الكفاية لحماية مصداقية الانتخابية القادمة، ففي بعض الحالات لا تحتاج القوى الخارجية -كروسيا أو الصين أو إيران- إلا لتضخيم وتكرار الأكاذيب التي ينشرها مستخدمو فيسبوك من داخل الولايات المتحدة.
ويشعر مراقبو الانتخابات بقلق خاص إزاء الجهود الرامية لتقويض الثقة في التصويت، وهو ما يقوم به الرئيس ترامب نفسه مرارا وتكرارا، من خلال تغريداته ومنشوراته على فيسبوك وغيرها من المنصات، ومن ذلك زعمه أن بطاقات الاقتراع البريدية عرضة للتزوير.
اعلان
وأعلن فيسبوك تشديده القواعد ضد المعلومات المضللة للتصويت، خاصة ما يمكنه أن يلقي بظلال من الشك على نتائج الانتخابات والادعاءات السابقة لأوانها بالفوز قبل أن تكون النتائج نهائية.
وتجتمع كبرى شركات التواصل الاجتماعي شهريا مع الوكالات الحكومية ووكالات إنفاذ القانون، لمناقشة التهديدات والاستجابة لها، ويقول المسؤولون في كل من فيسبوك وتويتر إنهم مستعدون لاتخاذ تدابير للقضاء على المحتوى الذي يمثل تهديدا بالضرر في العالم الحقيقي، مثل العنف أو قمع الناخبين.
وقد أعلن ترامب مرارا وتكرارا في مناسبات مختلفة أن الاقتراع الواسع النطاق للبريد سيقود إلى "الانتخابات الأكثر فسادا في تاريخ بلادنا"، لكن على النقيض من ذلك، قدّم مدير مكتب التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي -إلى جانب العديد من مسؤولي الأمن القومي والانتخابات الآخرين- ضمانات بأن أنظمة الانتخابات أصبحت آمنة، وسيكون من الصعب للغاية التلاعب بالأصوات الفعلية، شخصيا أو عن طريق البريد.
ويبقى السؤال الكبير: ماذا ستفعل فيسبوك لوقف انتشار المعلومات الخاطئة إذا استغرق الأمر أياما أو حتى أسابيع قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات؟