تَلاسُنٌ حاد وغير مسبوق يعبر عن حدة الخلافات خلال اليومين الماضيين على شاشاتِ التلفزة بين عبد العزيز بن سلمان وزير النّفط السعودي، ونظيره الإماراتي سهيل المزروعي.
بدأ عبد العزيز وعلى غير العادة، بانتِقاد الإمارات لمُعارضتها اتفاق أوبك بلس مُنفَردةً، فردّ نظيره الثّاني مَصحوبًا باتّهامٍ مُبَطّنٍ للسعوديّة بمُحاولة فرض رأيها وتقديم مصالحها على مصالح الآخَرين.
لكن الخلافات التي خرجت علنا، سبقها سلسلة خلافات عميقة خلال السنوات الماضية (المصالح المشتركة) وجاء الخِلاف النّفطي الأخير بمثابة المُفَجِّر له.
ونرصد هنا أبرز نُقاط الخِلاف بين الإمارات والسعودية في النّقاط التّالية:
أوّلًا: التّنافس الاقتِصادي بين البلدين الذي بلَغ ذروته في سِياسات الأمير محمد بن سلمان الانفتاحيّة، وإصراره على ترسيخ أسس اقتِصاد سياحي مُنافس للإمارات.
وقرر بن سلمان خطوات انفتاحيّة داخليّة عُنوانها التّرفيه، وتحرير المرأة، وإقامة مدينة “نيوم” على البحر الأحمر شمال المملكة لتكون مُنافسة لدبي في كُل شيء.
ثانيًا: المُصالحة السعوديّة مع قطر التي هبطت على الإمارات هُبوط الصّاعقة، حيث جاءت اتفاقيّة “العُلا” للمُصالحة مطلع هذا العام، اتفاقيّة ثنائيّة بحتة بين الرياض والدوحة.
وجرى طبخها من وراء ظهر حُلفاء السعوديّة مِثل البحرين وأبو ظبي وربّما مِصر أيضًا.
ثالثًا: إصدار السعوديّة قرارًا مُفاجئًا بضرورة نقل الشّركات التي تعمل على أراضيها جميع مقرّاتها من الإمارات إلى المملكة.
وهدد بن سلمان الشركات التي تُخالف هذا الأمر سيتم الحظر على جميع أعمالها، وهذا يعني توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد الإماراتي، وإمارة دبي على وجه الخُصوص.
رابعًا: الغضب السّعودي من قرار الإمارات الانسِحاب من طَرفٍ واحد من الحرب المُشتركة في اليمن عام 2019، ودون التّنسيق والتّشاور المُسبَق.
وليس هذا فحسب بل ركزت أبو ظبي على السّيطرة على الجنوب اليمني الخالِ من قوّات “أنصار الله” الحوثيّة.
ومنع حُكومة المنفى اليمنيّة من العودة بشَكلٍ كامل والاستِقرار في عدن العاصمة الثّانية، وتشكيلها المجلس الانتِقالي الجنوبي وجيشه ليكون واجهتها هُناك.
خامسًا: تتّهم الإمارات السعوديّة بدفعها إلى التّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، والتّعجيل بتوقيع اتّفاقات “أبراهام”
في إطارِ تفاهمٍ سِرِّيٍّ مُلزِمٍ مع الأمير محمد بن سلمان، وليّ العهد، على أن تلحق الرّياض بها، ولكنّ الأمير بن سلمان نقض الاتّفاق وتراجع عنه خوفًا من رُدودِ فِعلٍ سعوديّة داخليّة.
والأكثر من ذلك خرجت قناة “العربيّة” السعوديّة، ومقرّها دبي، وأجرت مقابلة مع خالد مشعل رئيس حركة “حماس” في الخارج من مقرّه في الدوحة.
وقالت صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية، إن التوتر السعودي الإماراتي الأخير الذي تجلى في الملف النفطي، سببه الرئيسي التغيير الحادث في واشنطن، والندية في علاقات البلدين.
جاء ذلك في تقرير تحت عنوان “بأصدقاء كهؤلاء: قوى الخليج السعودية والإمارات تتصادمان بشأن النفط والاستراتيجية مع تزايد التنافس”.
وكشفت الصحيفة أن التوتر بين البلدين “يتزايد منذ وقت”، مضيفة: “كان الثنائي القوي في الجزيرة العربية قد تعاونا في جهود مشتركة ضد المنافسين الإقليميين بمن فيهم إيران، قطر، تركيا، وأعداء أيديولوجيين مثل جماعة الإخوان المسلمين”
لكن العلاقات بين السعودية والإمارات اتخذت في الأشهر الأخيرة منعطفا نحو الأسوأ.
وأكملت: “حيث ساءت العلاقات حول عدد من الملفات من اليمن إلى إنتاج النفط والحسابات الجيوسياسية الأوسع، والتي نتجت بعد وصول إدارة جديدة في واشنطن”.