انقسام اليمنيين أمام انقلاب 21 سبتمبر عار يقبح وجه التاريخ
عادل الشجاع
في مثل هذا اليوم 21 سبتمبر 2014 , اشتركت الأطراف الداخلية والخارجية في إدخال الحوثيين إلى صنعاء ، فعلى المستوى الداخلي انسحب الإصلاح من المواجهة وترك القشيبي يواجه وحيدا ، بعد أن اعتقد أنه المستهدف من هذه المواجهة ، فقد أطلق أحد قياداته قولته المشهورة " نحن لسنا أبو فاس " ، بينما سارع المؤتمر الشعبي العام إلى عقد تحالف مع الحوثي وفتح أمامه ماسمي بالخط الأسود الذي سود تاريخ اليمنيين ، ولم يكن الرئيس هادي ووزير دفاعه بعيدين عن كل ما يجري ، فقد سارع هادي إلى عمران للاحتفاء بهم وقبله وزير دفاعه محمد ناصر أحمد قال بأن الجيش سيلتزم الحياد ، وكأن الحوثي يقود حربا ضد بلد آخر وليس ضد الدولة اليمنية ، وقبل ذلك كان حميد الأحمر ينصح اليمنيين بالذهاب إلى صعدة كونها أول محافظة تتحرر وفيها الأمن ، أما قادة الاشتراكي والناصري فقد كانوا يعتبرون الحوثي حركة ثورية يجب دعمها لإسقاط النظام الحاكم .
وعلى المستوى الخارجي ، كان المبعوث الأممي جمال بنعمر يظلل المجتمع الدولي بالإنجازات التي حققها على طريق السلام بين اليمنيين ، وكان يروج لتجربة قال عنها ستكون تجربة يحتذي بها العالم ، بينما كانت الإدارة الأمريكية قد أرسلت قوات من المارنز لكي تنقل عبرهم السلاح المتطور لهذه العصابة ، وكانت سفارتها أول السفارات المغادرة إلى عدن ثم إلى الرياض في رسالة واضحة إلى تهيئة الساحة للحوثيين ، وهذا ما كشفت عنه الأيام حينما تدخلت أمريكا لمنع سقوط الحوثيين في الحديدة ورفضها تصنيفهم كجماعة إرهابية .
ولن نتجاوز الصراع الخليجي الذي عكس نفسه على دعم الحوثيين ، فقد سارعت قطر لدعمهم نكاية بالسعودية وذهبت الإمارات لبناء مليشيات لإعاقة مواجهة الحوثيين وهزيمتهم بهدف إغراق السعودية في رمال اليمن المتحركة لكي تتهيأ لها قيادة المنطقة التي ترى أنها الأحق بها والأجدر من السعودية ، بينما كانت السعودية منشغلة بتلك الفرصة التاريخية التي هيأها لها الحوثيون بانقلابهم على الشرعية والتي ظلت تحلم بها منذ عقود لإسقاط الجمهورية أولا والوحدة ثانيا والنظام الديمقراطي ثالثا .
هذه المحطات السوداء والتي لاتزال ماثلة ، بعد سبع سنوات من سقوط الدولة اليمنية بالقوة وعرضت البلد للانفصال ، وسط مخططات إقليمية ودولية وقبول داخلي تستغل حالة الانقسام الداخلي للنيل من الوحدة والنظام الجمهوري تحتم على حزبي الإصلاح والمؤتمر سرعة المصالحة وتوحيد المشروع الوطني الحامل للنظام الجمهوري ولوحدة اليمنيين وهذا يحتم على وجه السرعة تشكيل لجنة مصالحة ، مالم فإن قيادات الحزبين سيلعنها التاريخ جيلا بعد جيل .
ولست بحاجة للقول إن حزب المؤتمر والإصلاح وبقية القوى السياسية الأخرى جميعهم يتحملون مسؤلية ما حصل ، وعليهم أن يتحملوا مسؤليتهم اليوم وينهون هذا الانقسام فورا ، وعلى العقلاء من كل الأطراف المسارعة لإنهائه لأن التاريخ كما قلنا لن يرحمهم ، إذ سيقال تاريخيا بأن هذا الانقسام وهذه القيادات فتحت المجال لعصابة الحوثي لتمارس عنصريتها وتنشب أظافرها في لحمنا وتتغول في دمنا وتمزق وحدتنا .
تلك الوقائع والأحداث يجب ألا تمر في الذاكرة وتكون مجرد أحداث عابرة ، بل يجب على الجميع أن يقفوا أمام أنفسهم ويعترفون بأخطائهم ويعتذرون لبعضهم البعض ، فهذا اليوم يجب ألا يكون حدثا عابرا ، لأنه أحدث شرخا كبيرا في النسيج الاجتماعي وفي الجغرافيا والتاريخ ونشر ثقافة الكراهية والعنصرية وأوقف المسيرة الوطنية وجعلنا غير قادرين على التوحد بالرغم من كل النداءات والمواقف الداعية إلى طي هذه الصفحة السوداء ، فأمام هذا الدمار والانقسام نجد أنفسنا بأمس الحاجة إلى الحكمة ولغة العقل لتتوحد الجهود أمام ما يجري من مؤامرات تستهدف الحقوق الوطنية ، وفي هذا اليوم علينا أن نلعن عصابة الحوثي وكل من يعمل معها ونلعن كل من يرفض أو يعيق توحيد الصف الجمهوري .