الرئيسية - تقارير - جبهة في البحر الأحمر.. كيف يؤثر الحوثيون على توجية الضربات المزلزلة لاسرائيل

جبهة في البحر الأحمر.. كيف يؤثر الحوثيون على توجية الضربات المزلزلة لاسرائيل

الساعة 11:48 مساءً (هنا عدن : متابعات )

يرى مراقبون أن استهداف الحوثيين السفن الإسرائيلية يعطي مؤشراً مهماً على انتقال الحرب التي تشنها إسرائيل ضد غزة إلى مراحل متقدمة، نظراً إلى الموقع الجيوسياسي الذي تتمتع به الجماعة، بفضل سيطرتها على مضيق باب المندب الذي يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن.
أعلنت جماعة أنصار الله الحوثيين اليمنيّة، الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، استهدافها سفينتين إسرائيليتين في مضيق باب المندب في البحر الأحمر غربي اليمن بصاروخ بحري وطائرة مسيّرة.

جاء ذلك في بيان للمتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع، قال فيه إن "القوات المسلحة مستمرّة في منع السفن الإسرائيلية من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على إخواننا الصامدين في قطاع غزة".



هذه العملية ليست الأولى، إذ سبق أن بدأت الجماعة عمليّاتها منذ 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حين أعلنت انخراطها في الحرب ضد إسرائيل "انتصاراً للمظلوميّة التاريخية للشعب الفلسطيني"، وفق تصريح الناطق العسكري باسم الجماعة.

نصرة لفلسطين

إلى جانب الصواريخ والمسيّرات التي يُطلقها الحوثيون تجاه إسرائيل، قالت الجماعة، الأحد 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إنّها نفذت عملية عسكرية في البحر الأحمر، كان من نتائجها "الاستيلاء على سفينة إسرائيلية واقتيادها إلى الساحل اليمني".

وهدد الحوثيون باستهداف جميع أنواع السفن التي تشغلها شركات إسرائيلية، أو تعود ملكيتها إلى شركات إسرائيلية، أو تلك التي تحمل العلم الإسرائيلي.

وعلى ضوء ذلك يرى كثير من المراقبين أن تكرار استهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية يعطي مؤشراً هاماً على انتقال الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة إلى مراحل متقدمة، نظراً إلى الموقع الجيوسياسي الذي تتمتع به الجماعة، بفضل سيطرتها على مضيق باب المندب الذي يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، والذي يمرّ منه سنوياً ما يعادل 17 ألف سفينة.

تداعيات اقتصادية

وفق الإعلام الإسرائيلي، أكد يهودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة Freightos للتكنولوجيا الفائقة، وهي منصة رقمية لإدارة الشحن، أن في أسعار شحن البضائع القادمة إلى المواني الإسرائيلية من الصين أو العكس زيادة بعد اندلاع الحرب.

وحسب بيانات الشركة، التي نشرتها صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية، فإن سعر شحن الحاويات من الصين إلى ميناء أشدود ارتفع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول، وهو رقم رفع كلفة الشحن بنحو 5% منذ اندلاع الحرب.

ويؤكد هذه المعطيات الدكتور مأمون أبو عامر، الباحث المختص بالشأن الفلسطيني، ويقول إن عمليات الحوثيين ضد السفن الإسرائيلية أو التي لها علاقة بإسرائيل سيكون لها تأثير هام جداً بالنسبة إلى أسعار الشحن.

وفي حديثه مع TRT عربي، يعزو أبو عامر ذلك إلى ارتفاع تكلفة التأمين، وكذلك طول المسافة التي تقطعها السفن، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشحن، وقد يؤدي أيضاً إلى تلف بعض المواد.

ويضيف أن أكثر الشّحنات التي ستتأثر جراء هذه المخاطر هي الشحنات القادمة من منطقة جنوب شرق آسيا باتجاه إسرائيل، أو التي تصدرها دولة الاحتلال إلى تلك المناطق.

ويرى الباحث بالشأن الفلسطيني أنّ تكرار عمليّات الحوثيين قد يدفع إسرائيل إلى البحث عن طرق بديلة، وهو ما يعني ارتفاع التكاليف بشكل أكبر، ما ينعكس سلباً على تجارة إسرائيل الخارجية.

 تهديد باتساع الصراع إقليمياً

بدأت آثار العمليات الحوثية، تنعكس على حركة الملاحة الإسرائيلية، ومثالاً على ذلك إعلان شركة الملاحة الإسرائيلية تسيم، الأحد 3 ديسمبر/كانون الأول، أنها غيّرت مسارات سفنها بعد تعرض سفينتين لقصف بالمسيّرات قبالة سواحل اليمن.

وبعد احتجاز الحوثيين للسفينة الإسرائيلية الأولى، حذَّرت جهات إقليمية ودولية عدة من تحول الصراع إلى حرب إقليمية، لا سيّما بعد اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي لإيران بالوقوف وراء هذه العملية.

وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بياناً عقب احتجاز السفينة الإسرائيلية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وندد فيه بـ"الهجوم الإيراني على سفينة دولية"، مؤكداً أن "إسرائيل تتوقع تصعيداً لعدوانية طهران".

وأضاف البيان أن "اختطاف السفينة سيخلق تداعيات دولية تتعلق بأمن ممرات الملاحة العالمية".

وفي هذا الصدد يشير أحمد ناجي، الباحث في الشأن اليمني لدى مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن "التحول الذي تشهده ردود الأفعال على العملية العسكرية الإسرائيليّة على قطاع غزة إشارة هامة إلى اختلافها عمّا سبقها".

ويوضح ناجي في حديثه مع TRT عربي أنه "على خلاف حروب السنوات الماضية التي شهدتها غزة، فإنّ هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها انعكاسات عمليّةً للحرب، تمثلت في مشاركة أطراف عدة في المنطقة في استهداف إسرائيل أو استهداف القواعد الأمريكية كما هي الحال في العراق".

ويشدّد على أن التهديدات الحوثية باستهداف السفن الإسرائيلية أدت إلى رفع منسوب المخاوف الأمنية حول خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، مضيفاً أن إسرائيل "سارعت إلى نشر قوارب صاروخية مطلع الشهر الماضي (نوفمبر/تشرين الثاني) إلى جوار القطع البحرية الأمريكية الموجودة في هذه المساحة البحرية المهمة، مما ينذر بتوسع رقعة الصراع مستقبلاً"، حسب ناجي.

وقد حذرت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير لها عقب العمليات العسكرية للحوثيين من انتشار الصراع في المنطقة وجذب مزيدٍ من المعادين لإسرائيل.

ضغط دولي على إسرائيل

يُعَدّ مضيق باب المندب الذي يسيطر عليه الحوثيون، والواقع جنوب غرب الجزيرة العربية، الخيار المفضل لحركة التجارة بين دول آسيا من جهة، وإفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية من جهة أخرى.

وحسب أبو عامر، يدفع هذا الموقع الحيويّ جيوسياسياً إلى "تداعيات عالمية في مجال النقل من الشرق إلى الغرب نتيجة العمليات الحوثية ضد السفن الإسرائيلية، إذ إن الصراع الدولي كبير على مسألة امتدادات خطوط المواصلات البرية والبحرية".

وحول علاقة ذلك بتشكيل ضغط دولي على إسرائيل، ينوّه الباحث في الشأن الفلسطيني بأن "تكرار عمليات مهاجمة وخطف السفن يجعل العالم كله يشعر بالمخاطر، وهذا سيؤدي إلى أزمة في تأمين خط الشحن البحري الدولي، إضافةً إلى رفع أسعار الشحن البحري والتأمين عليه".

ويشير أبو عامر إلى أن وضعاً شبيهاً يدفع "الدول الكبرى التي تخاف على تجارتها البحرية، والدول الإقليمية، مثل مصر التي تضررت كثيراً بفعل عمليات الاحتجاز هذه، إلى الضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف هذا العدوان وتداعياته".

ورغم التداعيات الاقتصادية والسياسية فإن إسرائيل تحاول تحجيم أهمية العمليات التي تقوم بها جماعة أنصار الله الحوثيين.

ويرى الباحث أحمد ناجي أن "الخطاب الرسمي الإسرائيلي يقلّل تأثيرات ما يقوم به الحوثيون على إسرائيل ومن فاعلية قدراتهم العسكرية أيضاً".

ويستشهد ناجي على ذلك بطريقة تعامل الإعلام الإسرائيلي الرسمي مع حادث استيلاء الحوثيين على سفينة غالاكسي ليدر، إذ صرّح بأنها ليست إسرائيلية ولا يوجد ضمن طاقمها أي مواطن إسرائيلي.

وأكد رئيس مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عقب اختطاف الحوثيين لأول سفينة إسرائيلية في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن السفينة بريطانية تشغّلها شركة يابانية، نافياً أن يكون على متنها "إسرائيليون".