الرئيسية - تقارير - ‏الإمارات تستخدم المساعدات في الحرب السودانية كغطاء لنقل السلاح لحميدتي

‏الإمارات تستخدم المساعدات في الحرب السودانية كغطاء لنقل السلاح لحميدتي

الساعة 05:43 صباحاً (هنا عدن : متابعات )

 

‏نيويورك تايمز



‏ الإمارات العربية المتحدة توسع حملة سرية لدعم طرف في الحرب الأهلية السودانية. تحت راية الهلال الأحمر، تقوم بتهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار.

‏ تحلق الطائرات بدون طيار فوق الصحارى الشاسعة على طول الحدود السودانية، تقود قوافل الأسلحة التي تهرب الأسلحة غير المشروعة إلى مقاتلين متهمين بارتكاب فظائع واسعة النطاق وتطهير عرقي.

‏ وتحلق فوق مدينة محاصرة في قلب المجاعة السودانية المدمرة، لدعم قوة شبه عسكرية قاسية تتهمها منظمات الإغاثة بقصف المستشفيات، ونهب شحنات الغذاء، وحرق آلاف المنازل.

‏ ورغم ذلك، فإن هذه الطائرات تنطلق من قاعدة تقول الإمارات العربية المتحدة إنها تدير منها جهودًا إنسانية للشعب السوداني - جزء مما تصفه بأولوية عاجلة لإنقاذ الأرواح البريئة ومنع المجاعة في أكبر حروب إفريقيا.

‏ تلعب الإمارات لعبة مزدوجة قاتلة في السودان، البلد الممزق بأحد أسوأ الحروب الأهلية في العالم.

‏ تسعى الإمارات لتكريس دورها كصانعة للقرار الإقليمي، وتقوم بتوسيع حملتها السرية لدعم طرف في الصراع السوداني، من خلال تزويد المقاتلين بالأموال والأسلحة، والآن الطائرات بدون طيار القوية، بحسب مسؤولين، ومذكرات دبلوماسية داخلية، وصور الأقمار الصناعية التي حللتها صحيفة نيويورك تايمز.

‏ في الوقت نفسه، تقدم الإمارات نفسها كمدافع عن السلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية. حتى أنها تستخدم رمزًا من أشهر رموز الإغاثة في العالم - الهلال الأحمر، نظير الصليب الأحمر - كغطاء لعملياتها السرية، وفقًا لصور الأقمار الصناعية وتقارير المسؤولين الأميركيين.

‏ يقول المسؤولون إن الإمارات تلعب الدور الأهم والأكثر تأثيرًا في الحرب السودانية، التي غذتها دول عديدة مثل إيران وروسيا بتزويد الأطراف المتحاربة بالأسلحة.

‏ ويقول المسؤولون إن الإمارات، علنًا، تعد بتخفيف معاناة السودان، بينما تؤجج سرًا الصراع المستمر.

‏ الجوع يلاحق السودان. أعلنت الأمم المتحدة عن مجاعة رسميًا الشهر الماضي بعد 18 شهرًا من القتال الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد ما لا يقل عن 10 ملايين شخص، في أسوأ أزمة نزوح في العالم.

‏ تزعم الإمارات أنها لا تدعم أو تسلح أيًا من الأطراف المتحاربة في السودان. لكن منذ أكثر من عام، دعمت الإمارات قوات الدعم السريع، وهي المجموعة شبه العسكرية التي تقاتل الجيش السوداني للسيطرة على البلاد.

‏ تحليل لصور الأقمار الصناعية أظهر أن الإمارات كانت تدير قاعدة جوية في تشاد تستخدمها لنشر الطائرات بدون طيار والأسلحة.

‏ ما زالت الإمارات تقدم نفسها كمدافعة عن السلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية، لكنها في الوقت نفسه تستغل رمز الهلال الأحمر كغطاء لعملياتها العسكرية السرية، وفقًا لصور الأقمار الصناعية وتقارير المسؤولين الأميركيين.

‏ وقد تم الكشف عن دور الإمارات في تسليح قوات الدعم السريع بشكل سري، وهو ما أكده محققو الأمم المتحدة في يناير الماضي عندما أشاروا إلى وجود «أدلة موثوقة» بأن الإمارات انتهكت الحظر الدولي على توريد الأسلحة المفروض على السودان منذ أكثر من عقدين.

‏ والآن، تعزز الإمارات حملتها السرية من خلال نشر طائرات بدون طيار صينية الصنع، وهي الأكبر والأقوى في حرب السودان، من قاعدة جوية تم بناؤها وتطويرها من قبل الإمارات في تشاد، حيث أقامت بنية تحتية عسكرية متطورة تضم حظائر للطائرات ونظام تحكم خاص بالطائرات بدون طيار.

‏ أظهرت صور الأقمار الصناعية وجود محطة تحكم للطائرات بجانب مدرج القاعدة الجوية، على بعد حوالي 750 ياردة فقط من مستشفى يديره الهلال الأحمر الإماراتي الذي يعالج مقاتلي قوات الدعم السريع المصابين.

‏ تستمر هذه الطائرات بدون طيار في تقديم المعلومات الاستخباراتية الميدانية لقوات الدعم السريع، وتراقب قوافل الأسلحة التي تهرب عبر الحدود إلى السودان.

‏ ووفقًا لتحليل خبراء ومسؤولين أميركيين، فإن الطائرات بدون طيار قد تكون موجهة عن بُعد من داخل الأراضي الإماراتية، وقد شوهدت مؤخرًا تحلق فوق مدينة الفاشر السودانية المحاصرة، حيث يعاني السكان من المجاعة وتحيط بهم قوات الدعم السريع.

‏ ورغم أن الطائرات بدون طيار لم تشن ضربات جوية حتى الآن، إلا أنها تستخدم في عمليات المراقبة والاستطلاع وتحديد الأهداف على ساحات القتال الفوضوية، مما يجعلها «مضاعفًا قويًا للقوة»، وفقًا لما ذكره جي مايكل دام، زميل بارز في معهد ميتشل للدراسات الجوية.

‏ وفي الوقت الذي تستمر فيه الولايات المتحدة في الضغط على جميع الأطراف المتحاربة لوقف المجازر، تواجه الإمارات اتهامات متزايدة بأنها تلعب دورًا مزدوجًا: تدعم قوات الدعم السريع في السر بينما تدعي علنًا أنها تدفع باتجاه السلام.

‏ في الواقع، تتعرض الإمارات لضغوط شديدة من المسؤولين الأمريكيين الذين يحاولون ثنيها عن دعم قوات الدعم السريع. في ديسمبر الماضي، واجهت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، زعيم الإمارات الشيخ محمد بن زايد بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع خلال اجتماع جمعهما. وفقًا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على المحادثة، أعربت هاريس عن قلق واشنطن من الدور الذي تلعبه الإمارات في تأجيج الصراع السوداني.

‏ كما دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، هذا الأسبوع، إلى إنهاء «الحرب العبثية» في السودان، محذرًا من أن الحصار الطويل الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر قد تحول إلى «هجوم شامل».

‏ ومن المتوقع أن تثار هذه الأزمة مجددًا عندما يستضيف بايدن وهاريس الشيخ محمد بن زايد في البيت الأبيض لأول مرة يوم الاثنين القادم. وقد صرح جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، حول هذا الموضوع قائلاً: «يجب أن يتوقف الحصار».

‏ ازدواجية الموقف الإماراتي في حين تصر الإمارات على أنها تقدم مساعدات إنسانية فقط، تتزايد الأدلة على أنها تقدم دعمًا عسكريًا مباشرًا لقوات الدعم السريع. وثقت منظمات حقوق الإنسان وجود أسلحة إماراتية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والمدفعية، في مناطق النزاع السودانية، مما ساهم في تفوق قوات الدعم السريع على القوات الحكومية السودانية.

‏ في يناير الماضي، أكد تقرير صادر عن الأمم المتحدة أن الإمارات انتهكت الحظر الدولي على تصدير الأسلحة إلى السودان. كما أظهرت صور الأقمار الصناعية إنشاء حظائر للطائرات وأنظمة تحكم للطائرات بدون طيار في قاعدة إماراتية بالقرب من الحدود التشادية، وهي خطوة تشير إلى نية الإمارات لتعزيز دعمها العسكري لقوات الدعم السريع.

‏ وفي ظل تصاعد الانتقادات الدولية، تواجه الإمارات ضغوطًا متزايدة من حلفائها الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن واشنطن تعتمد على الإمارات في العديد من القضايا الإقليمية والعالمية، بما في ذلك مواجهة إيران، إلا أن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع أصبح موضوعًا حساسًا في العلاقات الثنائية.

‏ ومع استمرار الصراع في السودان وتفاقم الأزمة الإنسانية، يبدو أن الإمارات تجد نفسها في موقف معقد؛ حيث تحاول التوفيق بين دورها كقوة إقليمية تسعى لتعزيز نفوذها من خلال دعم الحلفاء العسكريين، وبين التزامها العلني بالسلام والمساعدات الإنسانية.

‏⁧‫#جلف_بوست‬⁩