الرئيسية - تقارير - ‏الارهاب صناعة استخبارية لتقويض الدول المستهدفة وتبرير الوجود الأجنبي… تنظيم القاعدة وداعش يزحفان من الساحل الافريقي إلى دول الجوار

‏الارهاب صناعة استخبارية لتقويض الدول المستهدفة وتبرير الوجود الأجنبي… تنظيم القاعدة وداعش يزحفان من الساحل الافريقي إلى دول الجوار

الساعة 06:50 صباحاً (هنا عدن/ خاص )

الارهاب صناعة استخبارية لتقويض الدول المستهدفة وتبرير الوجود الأجنبي

 



تنظيم القاعدة وداعش يزحفان من الساحل الافريقي إلى دول الجوار  

‏بقلم  

‏خولة بجطو 

‏باحثة تخصص علوم سياسية وعلاقات دولية بالرباط

 

‏الارهاب ظاهرة سياسية واجتماعية يصعب تدارسها نظرا لعدم توفر محددات مستقرة تحدد أسباب السلوك الارهابي، فهو سلوك عدواني لا علاقة له بأي ديانة ولا مجتمع ولا مستوى الدخل ولا مستوى التعليم، فهو نتاج مخططات دولية وإستخبراتية يتم عن طريق تقوية التغرات لاضعاف سيادة الدول وخلق الانقسامات، عن طريق استغلال الخطاب الديني والسياسي كالتعبير عن رفض العلاقات مع الدول الغربية والغاية من إستخدام هده الخطابات هو التأثير في المتلقي واستغلال نقط ضعف الضحايا سواء المادي أو الفكري... لاستدراج الفئات الهشة داخل أي مجتمع وتسخيرهم للقيام بأعمال عدوانية ضد المدنيين، فالارهاب غايته السيطرة على العقول الضعيفة لحشد أكبر عدد من المؤيدين، فالقادة داخل الجماعات الإرهابية غايتهم السيطرة على الثروات والسلطة و الاحتكار وتقوية نشاطهم التجاري والمالي، لتقوية نفوسهم بالمناطق المستهدفة، فالغاية من الارهاب تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، وتحقيق نفود سياسي للجماعات الإرهابية أو إضعاف الدول لتجد القوى الأجنبية مبررات لبناء قواعد عسكرية لها داخل المناطق المستهدفة . عرف مجلس الأمن الارهاب بتوصية رقم 1566 سنة 2004 حيث اعتبر الارهاب سلوك إجرامي يسبب الموت أو الصدمات النفسية أو جروح خطيرة أو خلق حالة من الرعب والخوف لدى السكان أو مجموعة من الناس أو شعب أو إبتزاز حكومة معينة. منظمة المؤتمر الإسلامي قدمت تعريف واسع للإرهاب فالبنسبة لها الارهاب هو سلوك عنيف أو تهديد بالعنف يهدف للمساس بالافراد أو مخطط إجرامي يعرض حياة الناس للخطر وانتهاك خصوصياتهم والمساس بشرفهم وتهديد حريتهم وأمنهم وحقوقهم للضياع، واتلاف البيئة وتعطيل الخدمات والموارد العامة والخاصة، وتبديد التروات والمصادر الطاقية والمعدنية الوطنية وتهديد استقرار اول ووحدتهم الترابية والسياسية. شهدت منطقة الساحل تغيرا سياسيا واجتماعيا عميقا انعكس على استقرار المنطقة، خاصة مع انتشار الربيع العربي سنة 2011، مما خلف مشاكل أمنية إنعكست على الانظمة السياسية الناشئة. فمنطقة الساحل بإفريقيا منطقة شاسعة وموطن لحوالي150مليون نسمة، لكن انعدام الأمن يمتد لما هو أبعد من حدود سهلة الاختراق، مع تداعيات مأساوية ليس فقط على سكان وحكومات المنطقة بل أيضا الدول المجاورة، كما أن الحركات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة وداعش تعمل الان في جميع أنحاء الساحل، وإن هناك مؤشرات على أن دولا بدأت تفقد السيطرة على الوضع الأمني في العديد من المناطق وظهور أزمة عميقة بين السكان المستضعفين وحكوماتهم مما يخلق بيئة خصبة للدعاية المتطرفة وخطابات الكراهية وتجنيد الإرهابيين. ويعد الفشل الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي من العوامل الرئيسية للهجرة الجماعية مما يجعل المهاجرين والنازحين بسبب الفقر واللاستقرار السياسي والتغيرات المناخية ضحايا الارهاب و مهربي المخدرات والأسلحة، شهدت منطقة الساحل تزايدا في عدد الأحداث الإرهابية التي تورطت فيها الجماعات المتطرفة مند 2021 يبلغ مجموعها 2912 حادث عنف خلف عدد كبير من القتلى والجرحى اد تضاعف العدد بنحو ثلاثة أضعاف أي 87% من أحداث العنف بمنطقة الساحل ممركزة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر بسبب الانقلابات العسكرية والتقلبات السياسية. لا تزال بوركينا فاسو تشهد مستويات عالية من العنف بمنطقة الساحل حيث شهدت أكثر من 50% من الأحداث المبلغ عنها كما أن النتائج تشير إلى أن 62% من حالات القتل بالمنطقة ممركزة فيها بزيادة تقدر ب88% من أحداث القتل، ونتيجة لهده الأحداث توفي حوالي 6130شخص. بوركينافاسو هي واحدة من البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض حيت تحتل المرتبة 182 من أصل 189 دولة، يقدر 0،434% ما يفرض بدل جهود في مجال التنمية البشرية، التي شهدت تراجعا بسبب زيادة الإنفاق العام على القطاع الأمني والعسكري على حساب قطاعات التنمية البشرية، فالازمة الأمنية أثرت على مؤشر التعليم، بسب تأثيرها السلبي على معدل الالتحاق بالمدارس لكن تراجع التعليم لا يرتبط بالارهاب فقط بل له علاقة بإنعدام الأمن وبعد المسافة ونقص الموارد وفقر الأسر. هشاشة الظروف المعيشية والتنمية الاجتماعي والبطالة والفقر و الشباب التائه هدا الوضع يزعزع الاستقرار بشكل أساسي ويترافق مع الفساد الدي خلق أزمة ثقة لدى الرأي العام تجاه دولهم. فالردود العسكرية ستجعل المنطقة تدور في حلقة مفرغة و ستزيد من حجم الازمة وإتقال كاهل السكان بسبب الضرائب وتكاليف العسكرية الباهضة، الساحل بحاجة إلى تنسيق أمني وسياسي أكثر تماسكا للتنسيق بين مختلف الجهات الدولية الفاعلة بالمنطقة لتحقيق الاستقرار والتصدي للتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية.  وبدلك فالحلول البسيطة لن تنجح والمبادرات العسكرية وحدها لن تخلق حل للمشاكل  الامنية، الساحل بحاجة لمبادرات تنموية استراتيجية وتخصيص سياسة فعالة لإدارة الحدود وابتكار حلول اقتصادية تعنى بالقطاعات الحيوية خصوصا المجال الفلاحي والأمن المائي، فالمبادرات العسكرية لن تكون بديلا عن حلول سياسية حقيقية، والإرهاب لا يحارب بالقوة الصلبة بل يحارب بالقوة الذكية والناعمة، كالاستثمار في التعليم، والغداء ،والصحة، والرياضة، والفكر، والفنون... إن الارهاب عبارة عن وباء معدي ينتشر بقوة ولسيطرة عليه تحتاج الدول إلى التعامل مع مشاكل المجتمع بجدية والاستجابة لمطالبهم، ففي البداية اقتصر الارهاب على شمال مالي إلى أن سيطر على 75% من الأراضي تم إمتد إلى بوركينا فاسو والنيجر. ويمكن تفسير هدا الانتشار الواسع للافكار المتطرفة هو الرفض لتواجد العسكري الأجنبي خصوصا الدولة الاستعمارية والرفض لبناء الدول الحديثة خصوصا أن المنطقة أغلب سكانها ريف 80% كما أن التدخل الأجنبي جعل الارهاب ينمو واستمر الساحل في التدهور والتراجع، تعتبر موريتانيا إستثناء لعدة أسباب فمن الناحية الديمغرافية تتوفر موريتانيا على هرم سكاني غير متنوع 100% مسلمين يبلغ عددهم 4مليون نسمة كثافة سكانية تقدر بكيلومتر واحد لكل خمسة سكان، أي منطقة الاقل كثافة سكانية بالعالم، منطقة الساحل تعرف تطرفا عنيفا يجعل المنطقة تعيش داخل صراع متكرر وعلى سبيل المثال أصبحت بؤرة لصرعات العرقية بين الدوغون والفولاني، كمجزرة أوغوساغو الفولانية التي وقعت بقرية أوغوساغو بتاريخ 23مارس 2019 خلال حرب مالي خلفت 157حالة وفاة و56 جرحى، فالفقر والصراع على الموارد والاعتماد على الزراعة والرعاية جعل منطقة الساحل حساسة بشكل خاص للإرهاب.