الرئيسية - أخبار محلية - أوروبا تُقر بفشل ترمب في اليمن: لا استراتيجية واضحة والتدخل العسكري غير مجدٍ

أوروبا تُقر بفشل ترمب في اليمن: لا استراتيجية واضحة والتدخل العسكري غير مجدٍ

الساعة 08:36 صباحاً (هنا عدن : متابعات )

بعد أكثر من عام من الضربات العسكرية الأمريكية والبريطانية ضد اليمن، تعترف وسائل الإعلام الغربية أخيرًا بصعوبة القضاء على القوة العسكرية اليمنية، حيث أكدت تقارير استخباراتية وصحفية غربية أن الولايات المتحدة تواجه مأزقًا استراتيجيًا غير مسبوق في البحر الأحمر، مع تزايد مؤشرات الفشل العسكري والاستخباراتي.

ضربات جوية غير فعالة.. والواقع الميداني لا يتغير



في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن تبرير عدوانها العسكري تحت ذريعة “تحييد التهديدات الحوثية”، تؤكد التقارير أن العمليات العسكرية الأمريكية لم تحقق أي نتائج تُذكر، بل على العكس، تمكنت صنعاء من تعزيز قدراتها الهجومية وزيادة نفوذها في البحر الأحمر.

وبحسب تقرير نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، فإن الضربات الجوية الأمريكية، التي أودت بحياة 53 شخصًا وأصابت 98 آخرين في غارات السبت الماضي، لم توقف القدرات الصاروخية والمسيرة اليمنية، حيث تمكنت القوات المسلحة اليمنية من تنفيذ ثلاث هجمات متتالية على حاملة الطائرات الأمريكية في البحر الأحمر بعد الضربات مباشرة، في تأكيد على فشل الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في ردع صنعاء.

حملة تجنيد يمنية تُعزز قوتها وتُغير معادلات الصراع

على عكس الدعاية الغربية التي تحاول تصوير اليمن كطرف ضعيف ومعزول، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن صنعاء نجحت في تعزيز قوتها البشرية بشكل كبير خلال العامين الماضيين، حيث ارتفع عدد مقاتليها من 220 ألفًا في عام 2022 إلى 350 ألفًا بحلول منتصف عام 2024، ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة واستمرار معركة اليمن لإسناد غزة عسكرياً بحصار إسرائيل من البحر الأحمر وقصف الاحتلال بشكل مباشر، كان العدد قد ارتفع إلى أكثر من 700 ألف مقاتل خلافاً للقوة العسكرية الرسمية التابعة لوحدات الجيش اليمني التابع لحكومة صنعاء، وهو ما يعكس مدى التجذر الشعبي لهذه الحركة، وقدرتها على توسيع نطاق تأثيرها العسكري، في حين تفشل واشنطن في كسر إرادتها أو التأثير على بنيتها التنظيمية.

هذا الواقع الجديد يطرح تحديات إضافية أمام واشنطن وحلفائها، حيث يعترف الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية فابيان هينز بأن “الطبيعة غير المتكافئة للصراع” تمنح اليمنيين اليد العليا، وأن “مواصلة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة في البحر الأحمر، مهما كانت بدائية، من شأنه أن يعطل التجارة البحرية العالمية وحرية الملاحة.”

واشنطن تُقر بعدم قدرتها على شن عملية برية في اليمن

وعلى الرغم من الدعوات المتزايدة داخل الأوساط الغربية لاتخاذ خطوات أكثر حسمًا ضد صنعاء، فإن المحللين العسكريين يؤكدون استحالة تنفيذ أي تدخل عسكري بري أمريكي في اليمن، وهو ما أكده الخبير العسكري كيندال، الذي شدد على أن “القتال ضد حزب الله وحماس تطلب هجوماً برياً إسرائيلياً ومعلومات استخباراتية واسعة النطاق، لكن هذا لن يحدث في اليمن. لن يرسل الأمريكيون قوات برية”.

وهذا الاعتراف يوضح مدى الفارق بين ما تسوّقه واشنطن عن قوتها العسكرية، وما تعيشه فعليًا من إخفاقات على الأرض، حيث لم تفلح حتى الآن في إيجاد استراتيجية فعالة تحدّ من تنامي القدرات اليمنية أو توقف عملياتها في البحر الأحمر.

محاولات لضرب خطوط الإمداد البحرية.. وواشنطن عاجزة عن فرض حصار بحري

وفي محاولة يائسة لوقف تصاعد قوة صنعاء، تقترح بعض الأوساط اليمنية المؤيدة للعدوان على بلادها والتي تقيم في عواصم غربية، حرمانها – أي القوات اليمنية – من الوصول إلى البحر الأحمر باعتباره “البوابة الرئيسية للأسلحة والتمويل” حسب ما تدّعي، كما هو حال ماجد المذحجي، المؤسس المشارك لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة والذي تحدث لوكالة فرانس24 الإخبارية..

لكن هذه الفكرة، رغم ما تروّج له بعض الجهات اليمنية التابعة للغرب، تتجاهل حقيقة أن القوات اليمنية فرضت سيطرتها على البحر الأحمر، وأن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يتمكنوا من تحقيق أي نجاح يُذكر في فرض حصار بحري فعال. فواشنطن، التي تملك أسطولًا ضخمًا، تجد نفسها في مواجهة معادلة يمنية جديدة، حيث أصبح الأسطول الأمريكي نفسه بحاجة إلى الحماية من الهجمات الصاروخية والمسيرات اليمنية، بدلاً من أن يكون القوة المهاجمة.

التصعيد الأمريكي.. مقامرة خاسرة في ظل غياب استراتيجية واضحة

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن واشنطن لا تمتلك استراتيجية واضحة للتعامل مع صنعاء، فالتصعيد العسكري لم يُحقق أي نتائج، والاستخبارات الأمريكية تعترف بأنها لم تولِ اليمن الاهتمام الكافي، والعمليات الجوية لم تؤثر على البنية العسكرية لصنعاء.

وبينما تواصل واشنطن شن الضربات الجوية، فإن القوات اليمنية مستمرة في عملياتها النوعية، فارضةً معادلة جديدة تقوم على الاستنزاف المتواصل للقدرات الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر.

ومع استمرار الفشل العسكري، تجد واشنطن نفسها أمام خيارين كلاهما مرّ: إما التورط في مستنقع جديد لا يمكنها الخروج منه، أو الاعتراف بالعجز والبحث عن مخرج سياسي يحفظ ماء الوجه، وهو ما يبدو حتى الآن غير وارد في أجندة إدارة ترامب التي تُصر على الاستمرار في مغامرتها الفاشلة، رغم كل المؤشرات التي تؤكد أن صنعاء هي الطرف الذي يحدد قواعد اللعبة في البحر الأحمر، وليس واشنطن، والبحث عن مخرج سياسي يكمن في إنهاء العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.