هنا عدن | مقالات
احمد ماهر|
صحفي عدني
ومعتقل سابق بسجون مليشيات الانتقالي:
أود أن أكشف لكم عن جانب مظلم في سجون الانتقالي، ممارسات قاسية تُرتكب بحق أبناء الشمال، أمرٌ يدمي القلب، شهدتُه بنفسي على مدى عامين ونصف، وأرى أن الكشف عنه أمانةً في عنقي لا يسعني تجاهلها!
في سجن الحزام الأمني بعدن، "بئر أحمد"، يوجد عنبرٌ يُعرف بـ"عنبر 6"، مخصصٌ لأبناء المحافظات الشمالية...
يضم هذا العنبر فئتين: الحوثيين الذين أُسروا في الجبهات، والمختطفين من الشوارع والنقاط العسكرية!
الحوثيون كانوا يتلقون مبالغ مالية شهرية، وصرفه أسبوعيًا داخل السجن، وكان لهم قائدٌ يُعينهم ويقف إلى جانب معظم السجناء، يُدعى "عبد الواسع السقاف أبو هيثم"، من جبلة، إب، كان قياديًا محترمًا، ومسجونًا يُعين الجميع، لا يدخل سجينٌ بئر أحمد إلا ويلتقي به، ويقدم له العون أو التوجيه!
كانت علاقة الحوثيين طيبة مع العسكر، نظرًا لتلقيهم مخصصات مالية، وكانوا يمنحون الأفراد مبالغ لشراء القات أو غيره، فكانوا يحظون بالاحترام والتقدير... وقد أُفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى...
أما الفئة الأخرى، المختطفون، فهم الفئة الأكثر بؤسًا، يعانون من الظلم الفادح، لا زيارات لهم، ولا يتلقون مبالغ مالية، لا يُعرضون على محكمة، ولا تتحمل النيابة مسؤوليتهم!
هم من محافظات الشمال ولا يمتلكون أقرباء في عدن!
كل ما يفعلونه هو انتظار صفقة التبادل، والحوثيون لا يعترفون بهم حتى ولا يوجهون لهم الدعم المالي!
لا يحظون باتصالات إلا مرة أو مرتين في الشهر، ولدقائق معدودة، باستثناء من يملكون المال لدفع الرشاوى للعسكر!
كانوا يسألونني باستمرار، كلما التقيت بهم في ساحة السجن:
"هل من جديد يا أستاذ أحمد؟
هل من تبادل قادم؟
إذا خرجت، أبلغ عبد القادر المرتضى أننا ننتظره!
هل من أمل في أن تنظر إلينا حكومة صنعاء؟
هل الشرعية والعليمي والزُبيدي وأبو زرعة راضون بهذا الظلم؟ أخبر العالم بما نعانيه!
من بينهم 20 شخصًا فاقدين للأهلية، "مجانين"، لا يتواصلون مع أهلهم، ولا يعلم أحد عنهم شيئًا، ورائحتهم كريهة، وملابسهم رثة!
وحوالي 13 شخصًا من كبار السن، تتراوح أعمارهم بين 50 و80 عامًا!
و80 شابًا تقريبًا، أُخذوا من نقاط أمنية، أحدهم كان في طريقه لاستخراج جواز سفر، وآخر كان يتنزه على الساحل، وغيرهم من الشوارع، لمجرد أنهم من أبناء الشمال...
كنت أرى الحزن واليأس في عيونهم كلما زرت العنبر، وهم عاجزون لا حول لهم ولا قوة!
الناس يتلقون زيارات أسبوعية، وهم لا يجدون سوى الحزن والقهر، والدموع تنهمر من أعينهم!
وأنا هنا أضع هذه القضية أمام فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، واللواء عيدروس الزُبيدي، واللواء عبد الرحمن المحرمي أبو زرعة.
نحن في عدن، دولة شرعية، والظلم لا يليق بهذه الدولة، وهؤلاء مختطفون منذ خمس إلى سبع سنوات، ولا يعترف بهم الحوثي، ولا تجري لهم محاكمات، ولو عُرضت ملفاتهم على القضاء، لأُفرج عنهم جميعًا...
اتقوا الله في أبناء الشمال بسجون عدن، وعلى الأقل، بمناسبة شهر رمضان، أفرجوا عن فاقدي الأهلية "المجانين" وكبار السن، أو أدخلوهم في صفقة تبادل، لتنتهي قضية الأسرى والمعتقلين في عدن وصنعاء...
أو وفروا لهم طعامًا جيدًا، وزودوا العنبر بهاتفين للتواصل مع أسرهم بحرية، بدلًا من إذلالهم للعسكر!
هؤلاء يحلمون بالحصول على وجبة طعام جيدة!
وإلى الحوثيين في صنعاء:
اتقوا الله في هؤلاء المعتقلين المسجونين بسببكم، طالبوا بهم في صفقة تبادل، أو قدموا لهم مبالغ شهرية وأسبوعية، مثل الأسرى السابقين...
هذه براءة للذمة أمام الله، والله المستعان".