إن ما يحدث على أرض الوطن لم يعد يحتمل. تفاءلنا خيرا بمخرجات الحوار التي يفترض أن تمثل إجماعاً وطنياً ودفاعاً وطنياً مستبسلاً عنها، لكن الوطن ينهار، وتتزايد الضربات عليه، فمن المسؤول؟ وما هي الجهة المنفذة والمستفيدة من ذلك؟ علينا أن نستوعب خطورة ما يحدث، وننتقل وننقل الوطن إلى وضع نشعر فيه أن هناك فرقاً وتغييراً للأفضل، لكن أن نطمس الحقائق ونرقص ويغني إعلامنا عن نجاح في القاعات، والحقيقة إخفاقات على الأرض يلمسها المواطن الذي لا يريد أن تبهجه أغاني الإعلام وخطب القادة جرع مهدئات مؤقتة، بل يريد أن يشعر أن آماله وطموحاته تتحقق على الأرض، وأهمها الأمن والأمان، أساس الاستقرار ودافع النمو الاقتصادي لتحسين المستوى المعيشي. هذه المعادلة الحقيقية للحياة، ونظريات التطور دونها وهم ومغالطات، شبعنا منها وتعبنا، وانهارت قوانا ونحن نحلم ونطمح، ولكن لم نطل أو نحقق. دافعنا ووقفنا على أمل، واعترضنا رفاقنا في الاحتجاجات، وطالبناهم بالصبر والتأني، ونحن نعلم أنهم على حق، لكن لنعطي فرصة، إنما ما حدث غير قناعتنا، لم نعد نتحمل المزيد، عليكم أن تكونوا عند المسؤولية، وفي مستوى التسوية التي تمت، ووعدتم الجماهير خيرا، لكن الماضي لم يتغير، بل يثبت مخالبه أكثر وأكثر في جسد الوطن، وينهشه، وصارت جروحه أعمق، لم تندمل. إذن الإنقاذ ضرورة حتى لا ينهار الوطن، وننهار معه، ونفقد كل حلم جميل حملناه، وتصبح طموحاتنا سرابا. ارحلوا عنا جميعا، كلكم ماضٍ، وكلكم مسؤول عن ماضينا، وأثبتم أنكم غير مؤهلين للبناء والإعمار، بل أنتم أدوات هدم وتدمير. ارحلوا عنا، واتركونا شبابا في مقتبل العمر، نظيفا خالياً من صراعاتكم، قادرا على البناء. أيها الشباب؛ أنقذوا ثورتكم من الانهيار، ودمروا صراعاتهم العبثية. تجاوزوا ماضيهم السيئ، لتنتقلوا للمستقبل المنشود. استعيدوا ثورتكم، واستمروا في الزخم الثوري، لتتخلصوا من النظام الاستبدادي الذي لا زال متشبثاً بجسد الوطن الدامي. ما حدث على الأرض لا مجال للسكوت عنه، لأنه انهيار محتم لمستقبل انتظرناه. اعذرونا فالوطن أولا، وكل صبر ودفع قدمناه كان للوطن، واليوم نحن ننقذ الوطن. اعذروني رفاقي في عتاب، عاتبتكم، ولكني اليوم أكثركم حماسا لاجتثاث الفساد والفاسدين والماضي ومآسيه.. وللصبر حدود.