الحقيقة الماثلة اليوم أن التمايز في الانتماءات والولاءات أضحى واضحا وأن الذين تماهوا في مشاريع التبعية لن يكونوا سوى أتباع ومدراء اقليميين ودوليين يؤدون مهام تخريب وفوضى في الداخل العربي والاسلامي، حتى الذين كانوا يحسبون على الحركة الاسلامية بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم اكبر ، ومهما التمسنا العذر لهم بالقول أن هناك تعدد في الرؤى ووجهات النظر لكن الحقيقة ان التسليم بهذا المنطق يغيب الكثير من الحقائق التي بدت واضحة لأن الثبات على الموقف والتأييد المساند للحركة اسلامية التي ينتمون اليها في وقت عصيب كالذي تمر به ، امر يجب أن يكون واضحا وفاضحا للعلمانيين لا مساندا لهم واعتبار الفوضى والعنف الذي يمارسونه شرعية ثورية ..
بإمكان الذين كانوا يريدون التعبير عن "وجهات نظرهم "أن يظهروا موقفا واضحا ضد القوى العلمانية مع إدانة داخلية للتقصير إن كان ثمة تقصير لا المناداة بإسقاط شرعية دستورية منتخبة عبر آليات ديمقراطية نزيهة لأول مرة في تاريخ المنطقة ، إذ سلم الاخوة في الحركة الاسلامية بالمقول الخادعة ان مساندة قوى العلمانية "وجهة نظر "فإنهم أغبياء لأن تأييد الباطل ضد الحق لا يمكن أن يتخذ وضعية "وجهة نظر" ، بل هناك تعمد للإضرار بالحركة الاسلامية وتشويه سمعتها وتفكيك قوتها واسناد لمشاريع العلمنة والفوضى والتغريب وتقريبنا من حالة العلمانيين بمزيد من التأكيد على ضرورة تقديم التنازلات لا في السياسة-فحسب- ولكن في الاسس التي يلتفون عليها باسم الحقوق والحريات والتعايش الذي يفضي الى تحقيق مشاريع لا تنسجم مع ضمير الامة ودينها وروحيتها وانتماءها الاسلامي الاصيل.
إن التراخي الحاصل في بعض نخب الحركة الاسلامية يؤكد أن حالات الاختراقات الفكرية واضحة وان الحديث عن اللين والقبول والتسليم بمنطق الاستسلام هو ضرب من الاستسلام الناعم لحالة التفكيك التي جرت معهم والتي جاءت كنتيجة منطقية لغياب منطق الحجة والمواجهة الفكرية المتسلحة بالوعي والمعرفة اللازمة لتشكيل قناعات لدى الاخر بأن الحركة الاسلامية ليست ارهابية وأنها تحمل مشروع نهوض وإنها قادرة على تأكيد قيم الخير والحرية والحق والعدل في واقع الناس إذا ما ما منحت الفرصة الكافية للوفاء بوعودها وبرامجها وتنزيلها منزلة التطبيق المهيأ لإنتاج مناخات حرة لبناء نهضة وطنية حقيقية ، إن السعي لإفشال الاسلاميين هي مهمة علمانية خارجية بامتياز تتحرك وفق املاءات داعمة لوجود الفوضى وتعويق عملية النهضة والاصلاح حتى لا يتمكن الاسلاميون من اثبات وجودهم البناء في الواقع وحتى يتم تقديمهم كنموذج مجرب للفشل وأن الاسس العقدية لا تصلح لقيادة الشعوب والاوطان والنهوض بها ، ويراد جرجرتهم الى مربعات العنف والفوضى بهدف سلبهم الشرعية الدستورية والوجود الحاكم الاتي بخيار ديمقراطي شعبي حر ، إن مهمة الحركة الاسلامية هي تكثيف الجوانب التربية المعتادة والاعداد القيادي والتأهيل المتكامل والانخراط في الفعاليات الاجتماعية وتحويل مجرى الامور باتجاه جعل الجماهير من تحمل المشروع وتدافع عنه وتواجه في سبيل تحققه كل التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية.
آن لنا ان نوسع شراكتنا مع الشعوب ،الشعوب كأساس لتحقيق المشروع وتحويله إلى واقع نهضوي حقيقي.