أتصل بي مؤخرا الأخ الأستاذ أبو عهد الشعيبي وكان أحد الأسئلة المباشرة التي القاها على مسامعي: لماذا تبدو دائما منحازا ضد الرئيس البيض ، وتهدر بهذا الانحياز تأييد قطاعاً واسعاً من مؤيدي السيد الرئيس، وهذا يسد الطريق على وجاهة كثير من الأفكار التي تطرحها وتضيع قيمتها وتتحول في نظر الكثيرين إلى شبيه بأي متعصب من هؤلاء اللذين سمموا الحراك الجنوبي ولازالوا. برغم حدة الاتهام إلا أني أدرك أن ما قاله أخي أبو عهد وهو من مناضلي الثورة الجنوبية وله إسهامات رائعة يأتي في أطار الحرص وهو يحمل نحو شخصي المتواضع وداً المسه من خلال حرارة كلماته التي تخرج من قلب يتألم مما يحصل على الساحة الجنوبية من فرقة وانقسام وتمزق.
ليسمح لي الصديق أبو عهد وكل الأخوة الذين يحملون مثل هذا الانطباع أن أوضح موقفي وأنتم أيها الأعزاء أبناء الجنوب الصابرين، المرابطين في ساحات وميادين الجنوب أو في المهاجر وبلدان الشتات لكم الحكم وما أرجوه هو التجرد في الأحكام من أجل قضية الجنوب وتحرره واستقلاله الذي طال انتظارنا له بسبب سؤ الأداء السياسي رغم عظمة التحرك الجماهيري المتواصل.
كنا محمولين على أجنحة الحلم القومي والأممي ونسبح في أوهام ليس لها علاقة بتاريخنا وموقعنا الجغرافي ولا تركيبنا الاجتماعي والنفسي. كانت أجنحة هذا الحلم تحلق بنا في سماوات وكأننا منفصلين عن كوكب الأرض مابالكم بالجنوب وطننا الأزلي، وعندما حانت لحظة الحقيقة هوينا من ذلك العلو الشاهق الموهوم ووقعنا على الأرض أشلاء وكل قطعة مننا تحمل جيناتها الغير طبيعية ووعيها المشوه، ففقدنا إنسانيتنا قبل أن نفقد دورنا السياسي كحيوانات اجتماعية وتولدت لدينا رغبة في الحركة للخروج مما نحن فيه ولكن بدون رؤية واضحة وأصبحت تلك الحركة رغم ديمومتها غير منتجة ورغم عودة قادة الحلم القومي الأممي للساحة إلا أنهم لم يساعدوننا في تحديد وجهتنا وأدواتنا بوضوح فقط قدام قدام) لأن الحركة بركة والاستقلال على مرمى حجر ولا نحتاج إلا التوكل على الله.. ونعم بالله لكن هذا السلوك كأنه يريح بعضنا نفسيا ويخفف عنهم المسئولية لكن ليس له علاقة بالعمل الحقيقي. كانت المهمة الأولى الملحة أن نحرر وعينا المشوه ونعيد تجميع أشلائنا المبعثرة على أسس إنسانية لبناء دورنا السياسي بشكل صحيح لكن ماحصل يشبه كوميديا سوداء لا يتصورها عقل سوي جيناتنا ظلّت تحمل أمراضها القاتلة ووعينا ظل محمولا على الماضي بثقافته وسلوكه ومظاهر تفكيره الشمولية ولأننا بهكذا حمولة لا نستطيع التقدم للإمام فكان علينا استدعاء رموز تلك الحقبة وهذه الحالة وعدنا للمواقع القديمة لكن هذه المرة تحت رداء (الحراك) وتحت رايات التحرير والاستقلال واستعادة الدولة. تحولت هذه الأهداف العظيمة إلى سيوف ورماح لتخوين وإقصاء شركاء الوطن واحتكار الحقيقة والتفرد بالمصير الجنوبي حتى وصل هذا الوباء للبيت الاستقلالي كما يحلو للبعض أن يسميه وحشدنا في هذه المعارك الصحف والمواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات واستغلال الحشود الجماهيرية للإقصاء داخليا وللاستثمار خارجيا. هذا الواقع المأساوي دفعني كمواطن جنوبي لأخذ موقف نقدي ليس من الأخ البيض فحسب بل ومن الأخوة علي ناصر والعطاس والجفري مع حفظ الألقاب لكن كان للأخ البيض النصيب الأوفر للأسباب التالية:
?- الأخ البيض هو المسئول الأول عن دفع الجنوب لوحده بدون أي ضمانات أو خطوط رجعة وتلك مسئولية لا تسقط تحت مبررات الحلم القومي والوعي الوحدوي آنذاك وأهداف الحزب القائد. أقول ذلك من منطلق أن المسئولية أمانه وقد قال علي عبدالله صالح في ذاكرته السياسية لقناة العربية أن أكثر من ماطل وعرقل تحقيق الوحدة هو علي ناصر محمد وصالح بحسه الثعلبي يدرك أن ناصر كرجل دولة يدرك التبعات لعمل كبير كهذا وقد كانوا يحاولوا معه في بداية الثمانينات وفشلوا.. البيض أستخف بالأمر ووقع شيكا على بياض ، وهذه مسئولية لا يستطيع أحد أن يسقطها ولا حتى عتاة الوحدويين الجنوبيين.
?- الأخ البيض هو المسئول عن حرب 1994م ذلك أنه أدرك الخطاء الفادح الذي أرتكبه وأراد أن يكحلها فأعماها كما يقول المثل. الجنوب كان منقسما، وألوية الجيش وضعت في أفواه التماسيح والوعي المشوه بالوحدة لازال قوي والمعركة لو تم إدارتها سياسيا بصورة سليمة ما وصلنا إلى ماوصلنا اليه لأن علي عبدالله صالح وقد كان متخوفاً جدا من الانفصال عرض فيدرالية بين الشمال والجنوب كإقليمين في ذروة الأزمة السياسية وسمعت ذلك من الأخ حيدر العطاس شخصيا لكن البيض رفض وهزم وهرب وأحتجب وتلك مسئولية لا ينكرها الإ جاهل أو (متمصلح).
?- تحرك مجموعة من الشباب بعد الحرب تحت قيادة مباشرة من الأخوين باعوم ومسدوس ودعم الأستاذ الشهيد هشام باشراحيل ضمن إطارات تم تشكيلها لهذا الغرض منها تيار أصلاح الوحدة واللجان الشعبية والتيار الذي رأسه المرحوم صالح باقيس وحتم وكان البيض يدعم هذه الأشكال بواسطة الأخ قاسم عسكر لكنه وبعد بناء أنساق نضالية في كل مديريات الجنوب سحب يده وترك هؤلاء المناضلين في العراء وقامت السلطة بتشريدهم وملاحقتهم وكنا في كرب عظيم حتى أن بعضنا عاد يائسا للاشتراكي كالأخ الغريب أو عاد للعمل الحكومي كالأخ حسن بن حسينون وهو من أشجع الرجال الذين واجهوا نتائج حرب 94م والعبد الفقير الذي أصبح منفيا بدرجة مستشار أما الأخ قاسم عسكر أضحى سفيرا في موريتانيا وكثيرون تعرضوا لذات المصير عزاء هؤلاء أنهم مهدوا التربة وأيقظوا الوعي لانطلاق الحراك السلمي الجنوبي الذي تم في السابع من يوليو 2007م.. هنا أيضا مسئولية الأخ الرئيس الشرعي لا غبار عليها.
?- خرج الأخ البيض في 2009م وكنا نعتقد أنه سيلم شعث الجنوبيين ويبني مؤسسة وطنية جنوبية تقود الحراك السلمي وتضم كل التيارات والأحزاب والمكونات كا إئتلاف يقود النضال الجنوبي ويكون الأخ البيض على رأسه.. إطار يلم الجنوبيين ويعزز وحدتهم الوطنية، ويداوي جروحهم على قاعدة التصالح والتسامح التي لازالت هشة لكن و أسفاه ما حصل أن الأخ البيض أصبح قطباً رئيسياً في الاستقطاب وإذا تفهمنا عدم اعترافه بالأخوة علي ناصر والعطاس والجفري الا كمواطنين عليهم السمع والطاعة لكننا بالقطع لم نفهم أن يصل الصراع للمساس برمز الثورة الجنوبية الأخ حسن باعوم ومحاولة إقصائه وتشويهه بواسطة بعض الأتباع الرخيصون مع تحفظي على بعض تصرفات فادي وفواز لكن هذا لا يعطي الحق لأي كان المساس برمز الثوره الذي قدم مالم يقدمه إلا الشهداء الإبرار تلك مسئولية أخرى يتحملها (الرئيس الشرعي).
رغم كل ما ذكرنا سلفا حاولنا مع مجموعة من الشباب والشابات المستقلين بعد تشكيل مجموعة الاتصال للحوار الجنوبي في القاهره أن يكون الأخ البيض هو أول من نتواصل معه وقد أرسلنا وفدا للأخ البيض طرحوا له الوثائق التي خرجت بها المجموعة وأرسل للأخوين د/ سعيد الحريري والأستاذه هدى العطاس وحضروا إلى بيروت وسلمهم الوثائق لدراستها والوفد منتظر في الفندق. تمت دراسة الوثائق وخلصوا أن الوثائق قيمة جدا وما فعلة الأخ البيض هو أنه بعث لنا برسالة شكر وأنه حول وثائقنا للجنة الداخل طبعا لم يوافق على المقترح الرئيسي بإقامة ائتلاف لكل القوى الجنوبية ينتخب قياده موحده يكون هو على رأسها وقد أخذنا موافقة الأخوين ناصر والعطاس على ذلك.
أرجو من الأخ البيض أن يراجع نفسه ويوافق على ماطرح له من مقترحات حول الائتلاف والقيادة الموحدة لنصل إلى بر الأمان ونقول لك بعض القوى الجنوبية متمسكة فيك ليس حبا ولكن خوفا من الآخر أن يأتي قائدا وإرهاب الماضي لازال يقض مضاجع الكثيرون.
أخي أبو عهد متأسف كثيرا لعدم الكتابة عن البيض كما طلبت لترطيب الأجواء ولكن كتبت مايملية علي ضميري ويقيني أننا لن ننجز شيئا تحت قيادة البيض وهو وأنصاره بهذا السلوك.