العملية التربوية الجيدة المنبنية على معرفة وفهم ناضجين ومتقدمين للنص القرآني والنبوي تعطينا بالمحصلة وعيا حركيا ناضجا يتجلى في العملية السلوكية والحوارية وتقبل وجهات النظر دون تشكيل أي قطيعة مع أحد سواء كان من داخل الصف الحركي ام من خارجه ، والاصلاح الذي اتشرف بانتمائي إليه كحركة اسلامية ناضجة ومعتدلة يحتاج الى تشكيل فريق من العاملين في حقل الانتاج التربوي والفكري لصياغة منهج تربوي حركي جديد وناضج يقوم على مبدأ الدمج المتعدد لمختلف المدارس الفكرية والتربوية الاسلامية التي انتجت فكرا تربويا ناضجا ، بمعنى ان التجمع اليمني للاصلاح يحتاج إلى تغيير المنهجية الفكرية التربوية التي تقادمت ولم تعد قادرة على إنتاج وعيا حركيا جديدا لجيل جديد يتعامل مع واقع جديد ومتغيرات جديدة ، فعملية الفهم للنص القرآني تختلف من جيل الى جيل ومن عصر الى عصر رغم ثبات النص فديمومته الاستمرارية كامنة في أنه لايكشف عنه نفسه إلا في الحدود الفكرية والثقافية لأي مجتمع في أي عصر إن الاسلام كتابه منهج معرفي فالقرآن “عالمي” وموضوعاته “كونية ” وإنسانه متفاعل بكل الانساق الحضارية ، ليرتقي بها ، وبكل المناهج المعرفية ليستوعبها ثم يتجاوزها ليسمو بها ،لأن القرآن وهو يكشف عن متغيرات العصور يظل دائما أكبر من أي عصر ومهيمنا عليه بوعي متقدم ويجب أن نستمد معاني القرآن من داخله ووفق ضوابطه.
فتطوير الفكر التربوي بالنسبة للاصلاح مسألة هامة لتخطي الاعاقة الذاتية التي انتجها الارث التربوي العاطفي السطحي الوعظي البسيط ، الاتجاهات التربوية الجديدة لم تتبلور كنوع من المواكبة للمتغيرات ، تحنط الوعي في كهوف القديم ولم يغادر مراحل الماضي ، يتغذى الفكر التربوي حضوره أيضا من العقلية السياسية القيادية التي لا زالت تعتقد أن حماية التنظيم من التفكك والاختراقات مسؤولية ربانية وتاريخية تقع على عاقتها غير مدركة أن الواقع تغير بشكل جذري وأن عملية الحفاظ على التماسك التنظيمي تتطلب حرية النقد واختلاف الرؤى التي تعزز من مسألة ذلك التماسك وتعدد الحلول امامه والمتاحات والممكنات ليشكل قوة استقطاب جماهيري يستوعب الجميع ويجعلهم يلتفون حول رؤيته النهضوية ويحملونها ويسهمون في دفعه نحو المستقبل ، إن التأهيل المتكامل أيضا يتطلب تغيير نوعية التربية التي تنتج الوعي والمسار الجديد الذي تتحدد على ضوءها مجمل التصورات والسلوكيات العقلانية الرشيدة التي تصنع الثقة بالذات وتصنع الذات الفاعلة والحركة الجماعية المستوعبة للاخر والمنخرطة معه في رهانات البناء المستقبلي وامتلاكه وصياغته وفق رؤى كلية تحقق النهضة لهذا البلد ...
إننا نحتاج إلى تحقيق الايمان المعرفي الناضج الذي تنتجه المعرفة الحقيقية بالقرآن لأن التربية الوعظية التي درج عليها البعض ليحولونها الى منهجية تربوية داخل الحركة الاسلامية سطحية وانانية وآنية لا تكرس الايمان الراسخ العميق والاستراتيجي الناضج القادر على الصبر معنا في مضمار التحديات وبناء النهضة الوطنية المنشودة...
إن التطوير التربوي لن يؤدي الى نتائج سلبية تفكيكية للحركة الاسلامية كما يعتقد البعض إنه يعمل على تقوية البنية الروحية والعقلية والفكرية والمعرفية ويصنع الفرد الكلي القادر على خوض صراع الواقع والقوى المختلفة الفاعلة فيه بوعي معرفي قوي يمكنه من تشكيل الاستقطاب النفاذ القادر على مراكمة أكبر قدر من العقول الوطنية التي ترى في التجمع اليمني للاصلاح أمل المستقبل وصانع النهضة وباني الدولة الوطنية المدنية الحديثة ، إن الاصلاح يمتلك كل مؤهلات القيادة الوطنية لأنه يمتلك فكر معتدل نابع من رؤية عقدية متوازنة تؤمن بمنطق السلم والحوار والتحضر والديمقراطية واحترام قناعات الشعب ، وستظل دائما قوة الاصلاح في فكره الذي ينطلق منه لأنه المؤسس للوعي النهضوي والصانع للانسان المقترب من المثالية- المنشودة إسلاميا- لتحقيق مجتمع مدني منتج وحر وفاعل وديمقراطي وناضج