لماذا فشلت حكومة الوفاق؟

2014/05/08 الساعة 01:01 مساءً

لم يعد هناك مجال للجدال حول فشل حكومة الوفاق الوطني من عدمه فقد أصبح الأمر بديهية من البديهيات التي لا تستدعي البرهان، فالفشل يعبر عن نفسه بصورة تلقائية لا تحتاج إلى عبقرية لاكتشافه، بل ما يستحق الجدال والمناقشة الجادة والمسؤولة اليوم هو لماذا  فشلت وما هي الوسائل التي من خلالها يمكن التقليل من النتائج الكارثية لهذا الفشل والأهم هو كيف يمكن تحاشي الوقوع في تلك الأسباب مرة أخرى؟

لقد حملت حكومة الوفاق معها عناصر وأسباب فشلها منذ يوم تشكيلها، فعندما يتم تشكيل هيئة (توافقية ) لإنجاز مهمة ما من طرفين (أو عدة أطراف)  ليس بينها توافق في شيء فلا يمكن أن نتوقع لها نجاحا ولو في حدوده الدنيا أما عندما يكون هذان الطرفان متناحران وبينهما من العداوة ما بين القط والفأر فلا يمكن أن ننتظر منهما إلا تسخير ما بأيديهما للانقضاض على بعضهما وتصفية حسابات (ما بينهما من ضغائن وخصومات) على حساب ما ينبغي أن يقوما به تجاه من أسند إليهما هذه المهمة، وهو في حالتنا هذه الشعب اليمني المغلوب على أمره، والأدهي أن يتفق الطرفان على التضحية بالشعب وتقديمه وقودا لنيران خلافاتهما وهو ما يجري اليوم في اليمن.

من أغرب ما نسمعه هذه الأيام حدة النقد واشتداد مطالبة كتلة المؤتمر الشعبي العام بسحب الثقة عن حكومة الأستاذ محمد سالم با سندوة، وهم يعلمون مثلما نعلم جميعا بأنهم يستحوذون على نصف الحكومة، وثلاثة أرباع الجهاز الإداري والعسكري والأمني والقضائي، ويمكنهم بجرة  قلم الطلب من  وزرائهم تقديم استقالاتهم وينتهي الأمر دونما حاجة إلى هذا الصخب  والضجيج وادعا الكراهية للفساد والمفسدين  وهم  يستحوذون على نصيب  الأسد مما يصنعه الفساد وما ينهبه الفاسدون، مطبقين بلك المثل القائل: "يأكل مع الذئب ويصرخ مع الراعي".

والأغرب أنه ما يزال في البرلمان اليمني (الشائخ) من يدافع عن حكومة  فشلت في كل شيء إلا مضاعفة معاناة الشعب وتجريعه المرارات المتتالية والمن عليه بأنها قد جنبته الحرب التي لا ناقة له فيها ولا جمل، حتى وإن كان عدد الذين يموتون يوميا بسبب فشل هذذه الحكومة وسياساتها البائسة لا يقل عن عدد ضحايا الحرب المفترضة، والتي لم تتوقف بعد.

يتبادل طرفا حكومة  الوفاق الاتهامات في كل شي من الانطفاءات الكهربائية وتلوث البيئة والاعتداء على أبراج الكهربا وإغراق البلد بالمهربات وانتشار المخدرات إلى مهاجمة المعسكرات واغتيال  القيادات العسكرية والأمنية والشخصيات الحزبية والوطنية. وحتى دعم الجماعات الإرهابية وتسهيل أعمالها الإجرامية والتخريبية، وشخصيا صرت أقتنع يوما عن  يوم، أن مراكز القوى المتصارعة عبر حكومة الوفاق تستخدم أوراقها لما  تعتقد أنه إظهار فشل الطرف الآخر بينما يدفع الشعب اليمني  ثمن هذه اللعبة القذرة ليس فقط مما تلتهمه هذه  المراكز من المال العام للإنفاق على صراعاتها بل بما يقدمه الشعب اليمني من ضحايا مادية وبشرية ومعنوية لإشباع حاجة هؤلاء إلى تمديد عمرهم الافتراضي بعد أن انتهى منذ زمن، وبما يتسبب به استمرار الفشل  من  اقتراب البلد من  حافة الكارثة بينما  يلتصق هؤلاء بكراسي الحكم كما يلتصق المرض بالجسد العليل.

لست أدري ماذا ينتظر الأستاذ محمد سالم با سندوه ليقدم استقالته، خصوصا بعد التسريبات التي تقول أنه غادر البلاد غاضبا، ولا أدري ماذا ينتظر الرئيس هادي ليعفي الحكومة من مواصلة فشلها، هل يعتقدون أنه لا بد من مضاعفة معاناة الشعب  حتى إذا ما أتت حكومة قادمة بنسبة فشل أقل من الحالية (كإن تعيد الكهربا مثلا) قالوا للناس احمدوا الله فقد أعدنا لكم الكهرباء؟

إن الوقت لم يعد يحتمل المزيد من الألم والفشل، ولذلك أتوجه مرة أخرى إلى رئيس الوزراء وجميع الوزراء (الناجحين منهم والفاشلين) الذين تجمعني بمعظمهم علاقات ود واحترام لأقول لهم، استقيلوا قبل أن يقيلكم الشعب، وإياكم أن  تعتقدوا أن الثورة ضدكم هي مؤامرة من بقايا النظام، لأن النظام باقي بكامل مقوماته وليس مجرد بقايا والثورة هي ضدكم جميعا (بقايا النظام وبقايا خصومه) وإذا ما زايد ممثلوه أو حتى انخرط بعض أنصاره في صفوف المطالبين بإقالتكم فينبغي أن لا يعميكم هذا عن رؤية فشلكم ولا ينسيكم هذا واجبكم الأدبي والدستوري الذي أخفقتم في أدائه.

هذه النداء أوجهه إلى جميع  الوزراء وأولهم زملائي الوزراء من الحزب الاشتراكي الذين قد يكونون أقل عرضة للاتهام بالفشل أو الفساد وربما حقق بعضهم، ووزراء غيرهم نجاحا ما في أداء مهماتهم، لكن النجاح يصبح بلا معنى عندما يكون جزءا من لوحة فاشلة وقبيحة.

لا يمكن بعد هذه التجربة المريرة استمرار حكومة قائمة على المحاصصة، والحل سيكون تشكيل حكومة  كفاءات من المستقلين ومنحها صلاحيات محددة وسلطات قوية ومساندتها في الاعداد للمهام القادمة على طريق تنفيذ مخرجات الحوار  الوطني التي قد لا نتفق حولها كلها، لكن لا بد من  البرهان على إنها فعلا وثائق ونصوص قابلة للتحول إلى تشريعات وقوانين وليس مجرد مادة للدعاية الإعلامية للتغطية على سلسلة الإخفاقات المتتالية التي يعانيها الشعب منذ عقود بسبب سوء الإدارة وغياب المحاسبة.

برقيات:

 *  .الحكومة التونسية اتخذت قرارا بتخفيض مخصصات الوزراء بنسبة 10% وذلك لتقليل على سبيل التقشف وترشيد الإنفاق, مع العلم أن تونس لا تعاني مما تعانيه اليمن من  الضائقة المالية، ليت حكومتنا ورئيسنا يتخذون نصف هذه الخطوة للبرهان على قلقهم من أزمة البلاد الخانقة!!

*   أجبرني حب أطفالي  لمتابعة قناة طيور الجنة على مشاهدة برنامج المنافسة الغنائية "صوتك كنز"، والذي تألق فيه الطفل اليمني العبقري شهاب الشعراني، متفوقا على الجميع، شهاب بحاجة إلى الدعم من  خلال التصويت له ليحافظ على المركز الأول الي سيطر عليه منذ بداية المنافسة.

*   قال أبو الأحرار الشاعر الشهيد محمد محمود الزبيري:

كل شعب محى أساطيره السود        ووارى تحت الثرى أوثانهْ

قد تلاشت كل العصور الذليلات     وبادت كل الشعوب المهانهْ

واستحالت عبادة الناس للناس        وأمسى حمل القيود خيانهْ