المثقفون وانفصام المبادئ

2014/05/31 الساعة 04:04 مساءً

 

تعيش أمتنا اليوم في أصعب مراحل نضالها, وأحرج لحظاتها التاريخية, التي طالما انتظرناها وحلمنا بتحقيقها, لحظات انعتاق الأمة من مشانق الاستبداد والاستعباد والذل والفساد, لتتجه صوب ميادين الحرية والكرامة والبناء والاصلاح.

هذه اللحظات ما كانت أن تلد إلا بمخاض عسير وآلام عظيمة, قُدمت فيها التضحيات - ولا زالت تُقدم - من أبناء هذه الأمة بمختلف فئاتها واتجاهاتها.

إن من أهم الفئات التي تشارك في صنع هذه اللحظات فئة المثقفين, التي تلعب دوراً جوهرياً في تحريك المجتمعات وغرس الأفكار والمبادئ والقيم, وتعبئة الجماهير نحو التغيير المنشود.

وعندما نتحدث عن المثقف لا نقصد به هنا صاحب العلم والثقافة الغزيرة في العلوم المختلفة فحسب, وإنما نقصد به ذاك المثقف الحقيقي صاحب الدور النضالي في الوقوف إلى جانب الحق وفي نقد الممارسات الاجتماعية والإدارية الخاطئة – أياً كان مصدرها- إلى جانب امتلاك روح التضحية بالكثير من مصالحه من أجل الجهر بآرائه وأفكاره وملاحظاته, وفي هذا يقول المفكر(نعوم تشومسكي): (( المثقف هو من حمل الحقيقة في وجه القوة)).

إن كثيراً من الأحداث والتحولات التي نشهدها اليوم على الساحة كشفت لنا عن كثير من (المثقفين الوهميين والنفعيين) الذين سخّروا أقلامهم ومواقعهم وقنواتهم وصحفهم لخدمة جهة أو لخدمة مصالحهم الخاصة ونسوا واجبهم في قول الحق ومحاصرة الشر وإنصاف المظلوم.

إن كثيراً من هؤلاء المثقفين كان مصطفاً في صف الثورة والثوار في خندق واحد يُعطي دروساً في المبادئ والقيم, ولكن فجأة وبدون مقدمات صار صاحب مبدأ الحرية داعيةً إلى الاستعباد, وصاحب مبدأ الموت ولا المذلة إلى الحياة هي المذلة, باختصار تحول بعضهم من قوة المبادئ إلى مبدأ القوة, فهو إما مع القوي, أو مع مبدئي لصاحب مذهبي.

إن أقرب توصيف يمكن أن نطلقه في وصف حالة هؤلاء انهم يعيشون في حالة انفصام ليست في الشخصية وإنما انفصاماً في المبادئ وهو أشد حالات الانفصام على الاطلاق.

 

محمود أحمد بديه