ا يمثل التعديل الوزاري الذي جرى يوم أمس الأول الأربعاء في صنعا حلا ولا جزءا من حل للأزمة اليمنية الآخذة في التفاقم والاستفحال، لأنه لم يتناول سوى ظاهرة المشكلة دون الغوص في أسبابها وأغوارها العميقة ولم يعالج سوى الأعراض دون الكشف عن مصدر الداء وسبب المرض العضال الذي تعاني منه اليمن.
ليس سبب انقطاع الكهربا هو د. صالح سميع، ولا أتصور أن المهندس عبد الله الأكوع سيأتي بالكهربا، ولم يكن خالد بحاح هو السبب في انعدام البترول والمشتقات النفطية الأخرى ولا أتصور أن أحمد شايع سيأتي بالنفط وسيحل أزمة الوقود المتفاقمة، ومثلهما يمكن الحديث عن الوزراء الجدد للإعلام والمالية والخارجية.
ذكرتني قرارات رئيس الجمهورية بمسرحية "ضيعة تشرين" للفنان السوري دريدد لحام (غوار الطوشي) عندما كان يواجه الاضطرابات بإصدار بيان انقلاب يقيل به الحكومة ويدينها بالفساد والخيانة واللاوطنية ثم يشكل الحكومة الجديدة من نفس الوزراء مع تبديل مواقعهم.
الأزمة في اليمن ليست في أسماء الوزراء ولا في انتماءاتهم الحزبية أو ولاءهم السياسي بل هي في مكان آخر، . . . . إنها تكمن في الطبيعة المزدوجة لتركيبة الحكومة التي يعمل نصفها ضد النصف الآخر ويعمل نصفها بأجندة تسعى للعودة إلى الماضي والنصف الأخر بأجندات متعددة معظمها تستهدف تثبيت أقدام الحزب السياسي الذي تمثله وليذهب الوطن إلى الجحيم.
ربما يكون المكسب الوحيد الذي حققه الرئيس هادي هو المجيء بمدير مكتب لا يرتبط بأطراف سياسية تعمل ضد الرئيس وتعرقل عمله، ولم يتنقل بين مختلف المسارح السياسية، وربما يكون الضحية الأكبر في هذا هو الزميل أكرم عطية (محافظ الحديدة المقال) الذي أبعد لا لأي سبب إلا لتدبير منصب للوزير(المقال) صخر الوجيه.
اليمن تشكو الأزمة المالية والتعديل أضاف نائبين لرئيس الوزراء، وكان التقاسم هو الطابع المميز للتعديل الوزاري مما يعني أن معايير الكفاءة والمهنية والنزاهة لا وجود لها في هذا التعديل وقد لا يكون لها مكان في المستقبل القريب، وأن المحاصصة ستستمر طويلا رغم انقضاء الفترة المحددة لها منذ زمن.
لن تستقيم أحوال اليمن والذين يخربون أبراج الكهربا ويفجرون أنابيب النفط ويديرون الجماعات الإرهابية ويزودونها بالأسلحة ويشرفون على الاغتيالات السياسية وأعمال التخريب، ما يزالون يديرون البلد ويتحكمون في صناعة القرارات ويتمتعون بالحصانة والحماية من أي مساءلة.
وحتى حكومة الكفاءات التي نادينا بها مرارا وينادي بها الكثير من المفكرين والسياسيين والكتاب لن يكتب لها النجاح ما لم يبعد المحصنون من مواقع صناعة القرار ويحاسب المجرمون على جرائمهم وينالون الجزاء العادل الي يشعر الضحايا وذويهم بأن تضحياتهم لم تذهب هدرا.