يصرُّ الحوثي على الانتحار في بوابة عمران، الحرب سلوك مسيطرٌ عليه وجماعته, فقد كان الاتفاق الموقّع مع الجيش فرصة تاريخية للخروج بماء الوجه وزيادة؛ والتخلُّص من السير في مسار الدمار؛ لكن نصيحة خائبة أخبرتهم أنهم باتوا في صنعاء؛ ولم يفصلهم عن السيطرة على العاصمة إلا دخول عمران لكي ينهار أمامهم كل شيء..!!.
ومع أنهم غارقون في عمران لأكثر من خمسة أشهر؛ إلا أن الطمع مقتلة، كما أنه «يفرّق ما جمع» فقد رفض رسمياً الاتفاق، وشنّ ليلة أمس الأول السبت هجوماً هو الأعنف منذ بداية القتال ـ بحسب مراقبين ـ أعدّ له كل ما لديه، واستخدمت فيه كل الأسلحة، وزجّ بمجاميع كبيرة بصورة انتحارية وجماعية، واستمر في لعبته الانتحارية المفضّلة، مثيراً سيلاً من الشائعات التي ما تلبث أن تسقط وتتبخّر أمام صمود أسطوري للجيش.
يبدو أن الجيش قد وصل إلى سر احتواء الهجوم الحوثي، وحوّل الهجوم الجماعي الانتحاري المكثّف ـ وهي طريقة كان يستخدمها الخميني في حربه مع العراق ـ إلى نقطة ضعف مميتة في هذه المعارك التي كانت أشدّها ليلة السبت ونهاره، مع تكبُّده خسائر مضاعفة في الجوف وبقية الجبهات, يبدو أن الجماعة تريد تسليم السلاح لكن بطريقتها الانتحارية..!!.
على الحوثي أن يتعامل بمرونة مع الهزائم ويترك «القِمر» والمقامرة المميتة؛ لأنه يحارب شعباً وجيشاً؛ وإذا انتصر مرّة فإن هذا لا يعني انتصاره على اليمن التي تداريه وتحاول حمايته وتسهيل طريق العودة إلى السلام بالاتفاقات والهُدن التي يرفضها كعادته ويعتبرها ضعفاً، الانتصار بالسلام والحوار، والانتحار بالحرب.
هناك من يزيّن لــ«عبدالملك الحوثي» الموت على هذا النحو الذي يذهب به إلى أن يكون جماعة إرهابية محلياً ودولياً، أو قُل جماعة منقرضة، و«على نفسها جنت براقش».
الحوثي يهاجم الجيش والعاصمة من كل اتجاه، ويتحدّث عن اعتداء عليه؛ مع أنه هو الذي قدم من صعدة بقيادة قائده العام «أبو علي الحاكم» يهاجم "عمران وهمدان" ومناطق تفصلها عن العاصمة عدّة كيلومترات، هو يعتبر الدفاع عن العاصمة اعتداءً سافراً..!!.
هكذا تجري الأمور في ذهن الحوثي الذي صوّره البعض على أنه تيار لا يُقهر، وصدّق نفسه، وفي هذا نهايته التي تتشكّل بيده ويد الجيش البطل في عمران وهمدان والجوف وكل المناطق التي يشنُّ عليها عدوانه العبثي.
من مصلحة الحوثي أن يوقف نزيف الدم الذي يريقه؛ فهو لا يفعل سوى أنه يستأصل نفسه بفعل عدوانه وتهوّره وصمود الجيش الذي يقدّم دروساً في الصمود سيسجّلها التاريخ الذي يُعيد نفسه وصور ملاحم السبعين في أبهى صورها.
لدى اليمنيين طريقة واحدة للنجاة والحياة الكريمة والآمنة، وهي طريق الحوار الوطني والقبول بالآخر؛ على قاعدة المواطنة المتساوية، هذا الحوار الوطني مثل «ناقة صالح» من تآمر عليه عقر وانتحر، ناقة «صالح النّبي، مش علي صالح»..!!.
[email protected]