لحربُ في العاصمة فتنة لن ينجو منها أحد، وسيكون الحوثي أول الخاسرين والمحترقين؛ ومع ذلك وحده من يصرُّ على إشعال الحرب..!!.
لقد أثبتت الأيام أن الحوثي لا يأبه أبداً بدماء أتباعه وكأنه يشرب نخب التباهي والنصر عندما تكثر الضحايا وترتفع فاتورة الدماء بين أنصاره؛ الأمر يتعلّق بخلل نفسي وعقلي وعقدي وراثي، وأخطر الأمراض هي الأمراض الوراثية.
خلال الأيام الماضية أثبت الحوثي أنه فاشل في الثورة السلمية تماماً؛ فهو مارسها بطريقة «المختطفين وقُطّاع الطرق» لنراه يقطع طريق المطار والأماكن الحيوية ومداخل العاصمة, هذه ليست ثورة شعبية، وبإمكان عصابة قطع طرق وخارجة عن القانون أن تقوم بها.
كان عليه أن يتعلّم من الثورة السلمية التي كان يقول إنه حاضر فيها، كان قطع الطرق أمراً محرّماً تتحاشاه الثورة والثوار، ولم يحدث أن حاولت الثورة قطع مداخل العاصمة ولا المطار؛ لأنهم كانوا حريصين على مصالح الشعب؛ ولأنهم ببساطة كانوا يمثّلون الشعب، وقطع الطرقات عمل تخريبي ومن أعمال الحرب يوجب على الدولة التدخل لفضّه.
لقد تراجعت الجموع التي خرجت مع الجماعة بعضها، مصدقة المطالب الشعبية التي رفعها؛ لأن الممارسة الحربية والتخريبية كشفت الهدف الحقيقي؛ فلم يبق معه سوى عصابة الحرب و«الفيد» وعشاق الطائفية، وعندما أمر صنعاء كـ«سيّد» مطاع بالصعود إلى السطوح لترديد الصرخة؛ صفعته العاصمة برسالة مفادها «لست الشعب يا حوثي» ورسالة سحب الثقة ولسان حالها كما هو لسان حال الملايين التي خرجت يقول:عليك أن تكف عن التحدُّث باسم الشعب، ولم يردّد هذه الصرخة سوى المجاميع التي جمعها إلى الخيام للاستعداد لقطع الطرقات ثم «الفيد» الذي يسيل لعابهم عليه كما فعل أسلافه، والتي كان يظنّها ستكون تفويضاً شعبياً..!!.
كنّا نود أن يمارس الحوثي كل مطالبه عن طريق هذه الوسائل السلمية بغض النظر عن الاستجابة الشعبية من عدمه، فهي وسائل يجب أن تشجّع عندما تكون سلمية؛ لكن الجماعة لم تفعل شيئاً سلمياً إلا وهو محشو ومفخّخ بالعنف والسلاح، وأصبحت السلمية عندها وسيلة للاستفزاز ومقدّمة للحرب.
فعقيدة الحوثي لا تؤمن بحق الشعب، ومن لا يؤمن بحق الشعب لا يستخدم وسائل السلمية؛ ولو أراد لا يجيدها ولا تصلح له, فهو مرتبط بالسلاح، ولهذا نراه منهمكاً في ترتيب المتاريس حول صنعاء استعداداً للحرب.
ولأنه اكتشف مؤخراً أن صنعاء كبيرة عليه، وأنه وضع نفسه في حالة التراجع فيها هزيمة والإقدام انتحار، أخذ يلف ويدور ويقطع الطرق ويستخدم ورقة التهديد، وكان قبل أيام قد سحب قواته من الجوف؛ لأنه أراد أن يجمع قوّته لحصار صنعاء، كان هذا في بداية الدخول وعندما انكشفت صنعاء عن شعب يرفض العصابات بقوة، ارتبك وعاد مجمّعاً قوّته نحو الجوف، والأخبار تتحدّث عن انتحارات بالجملة لجماعة الحوثي؛ معظمهم أطفال وقتل قادة بارزين وفقدان مواقع وآلات ومعدّات ثقيلة..!!.
هو أراد أن يحوّل المعركة فيدخل صنعاء سياسياً من خلال كسب معركة الجوف عسكرياً، وسقوطه في الجوف سيخرجه من صنعاء، والمعادلة السياسية بنفس السرعة التي صعد فيها، هذا إذا لم يغامر وينتحر في العاصمة، ومعركة العاصمة لا تحتمل الهزيمة بالنسبة له؛ لأنها لن تكون هزيمة عسكرية وإنما سقوط المشروع إلى الأبد.