الموضوع الذي أتناوله في هذه المقالة وصلني في رسالة عبر خدمة الووتسأب وتتحدث الرسالة عن مأساة كادر عسكري من أبناء مدينة جعار الأبينية، برتبة عقيد طيار معتقل منذ ما يقارب ثلاث سنوات والسبب أن "الدجاجة في الثلاجة".
ملخص القصة أن الرجل بعث برسالة نصية عبر هاتفه إلى أحد أقاربه ليبلغ ابنه بأن يأخذوا الدجاجة من الثلاجة ويعدوا الغداء وسيأتي ليتغدى العصر، واعتبر المحقق الاستخباراتي أن الرسالة تحتوي على شفرة تستهدف تفجير طائرة عسكرية العصر وأن المفردات تحمل معاني أخرى غير ما لها في القاموس العربي.
اعتقل العقيد طيار محمد حمود الدولة (صاحب الرسالة) في العام 2012 من قبل استخبارات سلاح الطيران وجرى التحقيق معه وبعد أن أعياهم حولوه إلى الاستخبارات العسكرية وأبلغوا أنه أدلى باعترافات، ينكر العقيد الدولة أنه أدلى بها (كما تقول رسالته) ثم أحيل إلى القضاء العسكري، الذي أجرى معه كل إجراءات التحقيق ولم يتمكن من العثور على أية دلائل تدين الرجل فأمر القضاء العسكري بالإفراج عنه بضمانة راتبه.
بعد خمسة أشهر (كما يقول العقيد الدولة) تم استدعاؤه من قبل الأمن السياسي وفتح التحقيق معه من جديد وما يزال حتى اليوم في سجون الأمن السياسي يعاني الاعتقال التعسفي فلا هم أدانوه بتهمة ثابتة ومؤكدة ، ولا هم أطلقوا سراحه ليعود إلى حياته الطبيعية كسائر الناس.
يشير العقيد الدولة في رسالته إلى أن حوادث تفجير طائرات كثيرة جرت في صنعاء إحداها هرب المتهم بها والتجأ إلى علي محسن وتم دفن القضية ، كما فجرت طائرتان في الهنجر واعتقل مجموعة من المتهمين فيها أفرج عنهم لاحقا وقيدت القضية ضد مجهول وحوادث أخرى مشابهة أذيع عن اتهام عصابات إرهابية بها جرى نفي الاتهام بعد ساعات، بينما بقيت قضية "الدجاجة التي في الثلاجة" مفتوحة بلا أي تحريك لا باتجاه استكمال التحقيق وإحالة الرجل إلى القضاء (رغم أن القضاء قد سبق وأعلن براءته) ولا باتجاه الإفراج عنه باعتباره متهم ظلما كما يقول وكما تؤكد كل ملفات التحقيق الذي جرى معه.
ليوم يمضي على العقيد الدولة أكثر من سنتين ونصف في سجون الأمن السياسي بتهمة يقول أنه بريء منها وإن كل تهمته أنه ترك دجاجة في الثلاجة، ولم يحقق معه ولم تثبت عليه أية إدانات لكن السلطات تبحث عن متهم تعلق على رقبته عجزها عن الوصول إلى الجاني الحقيقي الذي قد يكون متواجد بين ظهراني المحققين والقادة والمسئولين.
لا يمكننا الجزم بصدقية أو عدم صدقية ما احتوته الرسالة، لكن معرفتنا بأجهزة الاستخبارات اليمنية تجعلنا نجزم أن وراء القضية ما وراءها وإذا ما علمنا أن القضية بدأت عند محمد صالح الأحمر الرجل الذي عرف بالصفقات المشبوهة والمكائد المشهورة ونهب المخازن وتهريب الأسلحة وتزوير الفواتير وشراء الطائرات المستخدمة وتقديمها على إنها من المصنع، وغير ذلك من جرائم القتل والفساد والنهب والسلب فإنه يمكننا أن نتصور حجم المتاهة (المصيدة) التي تعرض لها العقيد طيار محمد حمود الدولة والتي يراد له أن يدفع عبرها ثمن جريمة هو منها بريء.
إنها دعوة نتوجه بها إلى كل من: وزير الدفاع وقائد سلاح الطيران، والقائم بأعمال رئيس الأمن السياسي وقبل هذا وبعده إلى مدير القضاء العسكري والنائب العام للجمهورية، للبت في قضية العقيد الدولة وتحريك القضية لتقدم للقضاء فإما أن يدان الرجل بتهمته يعرفها جيدا ويعترف بها، وإما أن يطلق سراحه مع تعويضه عن الظلم المادي والجسدي والأخلاقي الذي تعرض له ورد الاعتبار له لما لحق بسمعته من إساءة في حالة ثبوت براءته مما وجه إليه من اتهامات.
نقول هذا ليقيننا أن جريمة اعتقال بريء وتعريضه للتعذيب الجسدي والنفسي المعروف عن أجهزتنا الأمنية إتقانه بمهارة فائقة، هو جريمة نكراء أكبر من الجريمة التي يتهم بها دونما أي إثباتات.
والله من وراء القصد
برقيات
* لأن الأديبة والباحثة المثقفة، الوزيرة أروى عبده عثمان لم تسرق ولم تقتل ولم تعتد على حق أحد ولم تنتهك قانون، ولأنها تتمسك باحترام آدمية الإنسان وترفض استعباد المرأة ونذرت نفسها لحماية التراث الشعبي الذي دمره العابثون، تواجه حملة شعواء تتهمها بـ"جريمة الرقص" ولم يقل لنا خصوم أروى ماذا فعلوا لمواجهة اللصوص والقتلة والمجرمين والناهبين، الذين تبوأوا ويتبوأون مناصب أعلى من الموقع الذي اختيرت له أروى؟؟
* يقول الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش:
هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ
وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ
أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي
ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى
ولم أَحلُمْ بأني كنتُ أَحلُمُ
كُلُّ شيءٍ واقعيٌّ
كُنْتُ أَعلَمُ أَنني أُلْقي بنفسي جانباً وأَطيرُ
سوف أكونُ ما سأَصيرُ في الفَلَك الأَخيرِ.