أبدأ رسالتي لزميلي ورئيس الجامعة التي أعمل فيها وعمل فيها زميلنا كلنا وشهيد الجنوب كله د. زين محسن صالح السعيدي اليزيدي، بالتحية والاحترام لزميل جمعتنا به سنوات التعليم الثانوي والعمل الأكاديمي، وهما تحية واحترام تلزمني بهما لياقة التعامل وثقافة الحوار واحترام نقاط الاتفاق وقضايا الاختلاف.
ما جعلني أكتب هذه الرسالة هو تلك الجريمة البشعة التي ارتكبت بحق كادر لامع من كوادر جامعة عدن، وعضو مجلس نقابة الأساتذة فيها، وعضو مجلسها العلمي، وهو قبل هذا وبعده مواطن جنوبي له حق الحياة والعيش بأمان ومقاضاة من يعتدي عليه ولو بالشتم أو التهجم اللفظي، أما وقد أزهقت روحه على أيدي رجال السلطة التي يمثلها زميلنا د بن حبتور على رأس الجامعة، خصوصا وهو قيادي بارز في حزب الرئيس الذي يفترض أنه يدير هذا البلد، وأجهزة أمن دولته هي من ارتكب هذه الجريمة، فإن مسئوليته (أي الزميل د عبد العزيز بن حبتور) تغدو مضاعفة في اتخاذ خطوات عملية حاسمة تستهدف ليس فقط القصاص من قتلة الشهيد د زين اليزيدي، بل ووضع حد نهائي لظاهرة الاغتيال السياسي في الجنوب، لكن قضية الدكتور زين تجعل مسئولية زميلنا رئيس الجامعة مضاعفة باعتبار الشهيد جزءً من الأسرة الأكاديمية التي يرأسها وعلى الجامعة يقع واجب ملاحقة قاتليه.
أيها الزميل العزيز!
إنني لا أطلب منك أن تتبنى الموقف السياسي الذي استشهد من أجله الشهيد زين فأنت حر بقناعاتك الشخصية ومواقفك السياسية، لكنني أدعوك إلى تبني موقف شجاع وحاسم يليق بجامعة عدن الصرح الأكاديمي الذي قضى الشهيد جزءً من حياته عاملا مخلصا يقدم عصارة جهده العلمي لطلابها ويساهم في بناء التقاليد العلمية الأكاديمية بين منتسبيها.
إن القتلة الذين بلغت بهم الجرأة استهداف هذه القامة الأكاديمية والعلمية (وغيرها المئات من الشهداء الجنوبيين) لن يتورعوا غدا عن استهداف من يشاؤون ما لم يجدوا من يردعهم، والجامعة برئاستكم ملزمة أخلاقيا وقانونيا وأدبيا بالعمل على ردع القتلة وإيقاف استهتارهم بدماء الأبرياء.
ولأنني لا أدري ماذا يدور في مخيلتكم للتصرف مع قضية تخص أحد كوادركم، فإنني أتصور أنني لو كنت مكانكم، لدعوت جميع الطلاب والأساتذة إلى الإضراب العام والاعتصام أمام مقر السلطة المحلية في عدن، وعدم فض الاعتصام حتى يتم الكشف عن القتلة ويقدموا للقضاء.
إنه لا يعنينا كثيرا انشغالكم بالدفاع عن رئيس الجمهورية لكننا نلفت الانتباه إلى أننا قد نلتفت غدا وإياكم، فلا نجده مبعدا من الأمانة العامة لحزبه فحسب، بل ومن وظيفته الحكومية التي فوضه بها من فصلوه من قيادة الحزب، وعندئذ قد لا يكون الشهيد زين هو آخر المستهدفين من الأسرة الأكاديمية، بل قد تصل أيدي القتلة إلى من تشاء من الأسرة الأكاديمية ولن يكون شخصكم بمنأى عن الاستهداف، فالأيام دول والصداقات والعداوات تتقلب بتقلب المصالح.
إنني أتوجه بهذه الرسالة إلى كل الوسط الأكاديمي بجامعة عدن، وعلى رأسهم رئيس الجامعة، ولجنتها النقابية. . . .
اغتيال د زين اليزيدي ليس اغتيال لشخصه، بل إنه استمرار لسلسلة من الاغتيالات لكنه تصعيد خطير قد يصل بهذه السلسلة لتشمل الجميع، فهبوا ليس للدفاع عن د. زين فقد انتقل إلى رحمة العلي القدير، بل للدفاع عن أنفسكم جميعا ولوضع حد نهائي لما يرتكبه القتلة وإيصالهم إلى أقفاص الاتهام للوقوف أمام القضاء العادل لينالوا جزاءهم الرادع ولنقل للقتلة:
كفى عبثا بحياة الناس، فحياة الناس ليست مادة للتسلية، وأساتذة الجامعة وهم الثورة الوطنية التي لا تعوض، لا يمكن أن يكونوا صيدا سهلا لعبثكم واستهتاركم.
اللهم إني بلغت! اللهم فاشهد!
زميلكم د. عيدروس نصر ناصر
السبت 20/ ديسمبر/ 2014م