إلى رئيس نقابة أساتذة جامعة عدن

2014/12/24 الساعة 11:31 صباحاً

الزميل د. فضل ناصر  مكوع

 رئيس نقابة  أساتذة جامعة عدن                    المحترم

بعد التحية الطيبة والاحترام العميق

أكتب إليكم رسالتي هذه وتتعلق بما تعرض له عضو هيئة التدريس بجامعة عدن وعضو الهيئة الإدارية لنقابتكم الموقرة، وعضو المجلس العلمي للجامعة أستاذ الاقتصاد الدولي بالجامعة د. زين محسن صالح اليزيدي.

لا يراودني أدنى شك في أنكم تعلمون أن الدكتور زين محسن صالح اليزيدي قد تعرض للقتل عندما كان يشارك في مسيرة احتجاجية سلمية ضمن آلاف المشاركين، وقد تعرضوا لإطلاق نار وغازات مسيلة للدموع وغازات أخرى تمتلكها السلطات اليمنية واستخدمتها مرارا سواء ضد نشطاء الحراك السلمي الجنوبي أو ضد شباب الثورة السلمية في صنعاء وتعز وغيرها من المدن اليمنية، وفي كل تلك الأحداث تعرض للاختناق والوفاة، العديد من شباب الحراك والثورة، ويمكنكم التواصل مع من تعرضوا لهذه الغازات ونجوا من الموت، ولو أردتم يمكن تزويدكم ببعض الأسماء.

ولن أخوض طويلا في أكذوبة تقرير المعمل الجنائي م/ عدن الذي أفاد أن الشهيد توفى نتيجة لتعرضه لدخان الإطارات التي أحرقها المتظاهرون، لأن هذه التقرير لا يمتلك أي سندات تكنيكية أو قرائن موثوقة تؤكد صحة ما أورده سوى اعترافات سائق تاكسي لا يعلم أحد بهويته ومدى صدقية أن يكون قد نقل الشهيد أم لا، وفي كل الأحوال فإن هذه الشهادة لا تقول شيئا ذا قيمة، والأهم من هذا أن التقرير أعده المتهم بجريمة القتل، وهذا مبرر كافي لفقدان أي مصداقية له، وعلى العموم فقد سبق البحث الجنائي وكيل المحافظة ووكيل السلطة في عدن المدعو عبد الكريم شايف الذي صرح بنفس مضمون التقرير بعد الحادثة بدقائق، ما يؤكد أن التقرير جاء بناء على طلب من هذا المسئول الذي عرف طوال حياته كمدافع أمين عن كل الجرائم التي ترتكب بحق أبناء الجنوب من السلب والنهب إلى التسميم والتعذيب والتنكيل والقتل.

ليس هذا هو  ما قصدته من رسالتي، بل ما وددت أن أتوجه به إليكم هو تذكيركم بأن الضحية، الشهيد د زين محسن صالح هو عضو في هيئة التدريس، التي يقع في صلب مهماتكم الدفاع عن حقوق أعضائها، وفي المقدمة حقهم في الحياة.

لن يكون مطلوبا من رئيس النقابة وأعضاء مجلس النقابة، المشاركة في مجلس العزاء، أو إصدار بيان التنديد والشجب، فكل هذا يمكن أن تفعله أي هيئة أو نقابة أو مكون سياسي أو اجتماعي، وفي هذا البلد حيث التلفيق والادعاء والتقية جزء أصيل من ثقافة الحكم يمكن للقاتل نفسه أن يفعل كل تلك الأفعال البروتوكولية دون أن يرف له جفن.

إن الشهيد زين لم يمت غرقا ولا في حادث مروري عرضي، ولم يقتله متخاصمون معه في نزاع على خلفية أملاك أو شراكات تجارية أو استثمارية، بل استشهد وهو يمارس نشاطا سياسيا مشروعا يسمح به دستور الدولة اليمنية الذي لنا حوله عشرات التحفظات والملاحظات، كما أن الشهيد قتلته السلطة التي تدير هذا البلد وتدعي أنها سلطة شرعية وأنتم خير من يعلم من الذي يرأس هذه السلطة ويتولى توجيهها وتوجيه أوامره إليها.

وحيث إنكم رئيسا لنقابة ينتمي إليها الشهيد وحيث أنه هذه النقابة ليست مجموعة من العمال غير المؤهلين غير القادرين على التمييز بين الحقيقة والزيف، وحيث أنكم جئتم إلى هذا المركز النقابي الهام بأصوات الناخبين من الأسرة الأكاديمية فإنه يصبح حقا عليكم وواجبا أن تكونوا في صدارة المتصدين لاغتيال العقول العلمية في الجامعة، ولست أدري لماذا لم تعلن النقابة التي ترأسونها إضرابا شاملا في جميع الكليات  حتى يتم القبض على القاتل (أو القتلة) وكشف الحقيقة الكامنة وراء هذه الجريمة، وتقديم القتلة للقصاص منهم وفقا لما يقتضيه الشرع والقانون.

لا أرغب في الإطالة لكنني أنوه هنا إلى أنكم في مقامكم هذا لا تمثلون الحزب الذي تنتمون إليه، بل تمثلون الأرواح التي اختاركم أصحابها للدفاع عنها، وإذا ما سمحتم بمرور هذه الجريمة أو تلكأتم في اتخاذ موقف يعبر عن احترامكم لأرواح أعضاء نقابتكم فإن دفاعكم عن حقوقهم ومصالحهم الأقل شأنا من أرواحهم يصبح مجرد ضحك على عقولهم واستهزاء بقدراتهم الذهنية، وهو يعني في ما يعني تنصلا من المسؤولية يمكن أن يخفي وراءه الكثير من التساؤلات، أهمها اتهامكم بالتستر على القتلة والدفاع عنهم بدلا من الدفاع عن ناخبيكم الذين يفترض أنكم صعدتم بثقتهم.

إن سكوت نقابة جامعة عدن عن اغتيال أعضائها سيكون مقدمة للسكوت على أشياء كثيرة من واجباتها سيصبح الحديث عن تبنيها أو التصدي لها من قبل النقابة أكذوبة مثل الكثير من الأكاذيب التي تشهدها البلد.

برقيات:

*    من الضحك ما يبكي: أحد الظرفاء علق على تقرير البحث الجنائي بشأن جريمة اغتيال د. اليزيدي قائلا: نسي التقرير أن يقول أن دخان الإطارات الذي اختنق به الشهيد لا يقتل إلا الذين تبدأ أسماؤهم بحرف الزاي ويحملون شهادة الدكتوراه.

*   أحد الزملاء كان يشاهدني وأنا أكتب هذه المادة بعد سماعه تعيين الزميل عبد العزيز بن حبتور محافظا لعدن، وكنت قد بعثت له رسالة مماثلة بشأن نفس الجريمة،  هذا الزميل قال مازحا: يبدو أنك تريد د.مكوع أن يكون محافظا لتعز أو إب.

*    قال الشاعر العربي أحمد مطر:

أنا لا أ كتب  الأشعار فالأشعار تكتبنيْ

أريد الصمت  كي  أحيا، ولكنَّ  الذي ألقاهُ  ينطقنيْ

ولا ألقى  سوى  حزنٍ، على  حزنٍ، على  حزنِ

أأكتب  أنني حيٌّ  على  كفنيْ؟

أأكتب  أنني  حرٌّ، وحتى  الحرف  يرسفُ  بالعبودية؟

لقد شيعتُ  فاتنةً، تسمَّى  في  بلاد العرب  تخريباً

وإرهاباً وطعناً في  القوانين  الإلهيةْ

ولكنَّ  اسمها والله!  لكنَّ  اسمها في  الأصلِ  حرية.