بالأمس وصلت قوات عبد الملك الحوثي وحليفه علي عبد الله صالح إلى آخر نقطة في محافظة البيضا باتجاه الجنوب الغربي وهي مدينة الزاهر التي تبعد كيلومترات عن أول نقطة في محافظة لحج الجنوبية الواقعة في مديرية الحد اليافعية وطودها الاستراتيجي - جبل العر- بما له من رمزية تاريخية وجغرافية وعسكرية.
وإذا ما صدقت الأنباء عن إرسال وسطاء من قبل الحوثيين إلى وجهاء يافع يطالبونهم ب"استعادة" معسكر جبل العر الذي اقامه الحرس الجمهوري هناك بعد هزيمة الجنوب في العام 1994م وطرده الأهالي في العام 2011م في ذروة الاحتجاجات السلمية التي عمت اليمن ضد نظام علي عبد الله صالح إذا ما صحت هذه الأنباء فإن على أبناء يافع ومعهم كل أبناء الجنوب التفكير بما بعد رفضهم هذا الطلب لأن القبول به يعد من سابع المستحيلات.
يذكر أن هذا المعسكر كان يمثل نقطة استفزاز للأهالي أقيم بلا مبرر سوى استعراض القوة والتفاخر بنصر 94م المقيت والتباهي بكسر شوكة ومعنوية الأهالي الذي لم يعرفوا على تلك الأرض وجودا عسكريا لا في عهد الاستعمار البريطاني الذي لم يتمكن من دخول يافع ولا حتى في عصر الحكم الوطني ما قبل (كارثة الوحدة المباركة).
عندما رحل آخر جندي من الحرس الجمهوري تنفس اليافعيون الصعداء فقد تحرروا من معانيات الاستفزاز والنخيط واستعراض القوة على الرجال والنساء والصغار والكبار المارين بهذه النقطة متنقلين بين مديريات يافع الثمان أو المسافرين إلى البيضاء وصنعاء.
اليوم وبعد استكمال إسقاط محاقظة البيضاء التي تتصل بأربع محافظات جنوبية ستنجلي أكثر سياسة الحوثي والحوثيين تجاه الجنوب، فإن اكتفوا باجتياحهم للمحافظات الشمالية وتوقفوا عندها وتصرفوا بما ينسجم مع تصريحاتهم وأقوال وبيانات ممثليهم أثناء الحوار الوطني وقبل وبعده فسيلاقون الاحترام والمعاملة بالمثل من قبل الجنوبيين وقادتهم السياسيين والاجتماعيين وإن نكثوا بوعودهم وواصلوا حملاتهم التوسعية جنوبا فإنهم يبرهنون أنهم يتصرفون بحماقة متواترة ومتواصلة لأن مجرد محاولة التوغل في محافظة جنوبية أو محافظتين سيعني أن الحوثيين يفتحون على أنفسهم أبواب جهنم.
وبالعودة الى الحديث عن جبل العر الذي يرغب الحوثيون في استعادته للحرس الجمهوري (وكأنهم ورثوه من أجدادهم) فإن أبناء يافع ينظرون الى هذا الجبل على إنه رمز عزتهم وكرامتهم وإبائهم وعنوان لتحديهم ومكابرتهم وكبريائهم ويدرك القارئ ماذا يعني أن يطلب منك طرف دخيل أن تتنازل له عن كل هذه المعاني.
إن أبسط محاولة للحوثي أو لغيره الاقتراب من جبل العر ستعني أن عليه أن يعد ما يكفي من النعوش والمقابر لتشييع من ينوي إرسالهم إلى هناك.
ليس أبناء يافع وحدهم من سيواجه أي قوة تنوي الاقتراب من جبل العر بل سيهب الجنوب كل الجنوب للذود عن رمز من رموز السيادة والكرامة والعزة فالعر هو ردفان والضالع وحالمين والصبيحة وأبين والعواذل والعوالق وكل الجنوب وقبل هذا وبعده عدن التي ما تزال تئن تحت قيود (أبطال) 1994م الأشاوس.
وما ينطبق على العر ينطبق على كل نقطة حدودية في المحافظات الجنوبية في شبوة أو مكيراس أو الضالع أو الازارق أو الحواشب أو طور الباحة أو كمران وميون وأرخبيل حنيش وهوكذلك بالنسبة لكل قطعة أرض جنوبية أكانت في أغوار البحار أو في أعماق الصحاري او على رؤوس الجبال.
إن الجنوبيين ومنهم أبناء يافع يتمسكون بمطالبهم الجادة في طرد مختلف القوات القادمة عن طريق الغزو في العام 1994م حتى وهي تتستر بغطاء الدولة والشرعية فما بالنا بميليشات طائفية منفلتة من كل عقال ترغب اليوم أن تواصل ما بدأه الضيوف غير المرغوب فيهم منذ عقدين.
لن يتوانى الجنوبيون عن مواجهة كل من تراوده نفسه للاقتراب من جبل العر اليافعي لأن يافع بالجنوب ومن الجنوب ومن أجل الجنوب والعكس ومن لم يفهمها اليوم سيفهمها غدا.