عدن تكتب أسطورة الصمود

2015/04/29 الساعة 11:06 مساءً

ما تزال معركة الكر والفر في عدن وضواحيها مستمرة، وما يزال شباب عدن يقدمون أمثلة تعجز الأساطير عن الأتيان بمثلها، . . يواجهون الدبابات والصواريخ والمدفعيات والقناصات والآلاف المؤلف من الغزاة المحترفين بالكلاشنيكوف ويهزومنهم، هم ليسوا كائنات خرافية آتية من خارج الكوكب، بل إنهم شباب قد يكون الكثير منهم ضعيفي البنية متوسطي القامة، بسطاء، لم يدخلوا المدارس والكليات والأكاديميات العسكرية (وإن كان بينهم الأطباء والمهندسون والخريجون الجامعيون) بعد أن صارت الأكاديميات العسكرية والأمنية حكرا على طبقة معينة من جهة معينة من منطقة معينة من شطر واحد من شطري اليمن الذي يقال أنه موحد، لكن هؤلاء النحفاء قصار القامة البسطاء غير المتدربين يمتلكون أسلحة لا يمتلكها الغزاة المجرمون، إنها الإرادة والعزيمة والإيمان بعدالة القضية التي يقاومون من أجلها ويستشهد منهم من يستشهد ويجرح منهم من يجرح ويهدم منازل البعض ويشرد أهالي البعض الآخر في سبيلها.

لم يذهب أبناء عدن إلى صعدة ليحاربوا الحوثي وأتباعه كما فعل علي عبد الله صالح ذات يوم، ولم يفكر الشباب الجنوبيون بنهب مزارع صعدة ومنازل أهلها وحوانيت التجار فيها، كما يفعل أصحاب "المسيرة القرآنية" في عدن وبقية المدن، بل تطوع أبناء عدن من ذات أنفسهم ليقاوموا الغزو الجديد الذي أتى استمرارا لعقدين من الغزو والاستباحة والاحتلال والتهميش والسلب والنهب.

ما يفعله الحوافش هذه الأيام في عدن من اقتحام المشافي واحتلال المدارس والمنشآت المدنية والديبلوماسية والاعتداء على الأطباء وإخراج المرضى من أسرة المستشفيات وإعدام بعضهم واقتحام المنازل وحرق بعضها وتشريد الأسر والعبث بالممتلكات الشخصية للمواطنين العاديين وترويع النساء والأطفال وفرض سياسة التجويع والحصار، كل ذلك وغيره من سلوك العصابات الإجرامية لا يدل على تفوق  عسكري كما لا يدل على شجاعة وإقدام لدى من يمارسونه، ناهيك عن افتقاره لأي تفوق أخلاقي أو أدبي، إنه سلوك المجرم المنتحر المحاصر الذي يحرق كل ما حواليه انتقاما من هزيمته ومحاولة لتحسين شروط استسلامه أمام قوة الحق والعدل.

واهمون الحوافش إن هم اعتقدوا بأن حرق المنازل وتجويع السكان سيصنع لهم نصرا، وواهمون إن ظنوا أنهم باتباع سياسة الأرض المحروقة سيسجلون تفوقا ما ولو ضئيلا، إنهم يكشفون عن مستوى عالي من البهائمية الوحشية (إذ ليس كل البهائم وحوش) تتكشف من خلال ذلك القدر من الهمجية والتوحش وهم يقتلون كل ما يتحرك أمامهم، فقد قتلوا الأطفال والنساء والعجزة وفتكوا بالمدنيين وأكدوا للعالم أنهم ليسوا أصحاب قضية ولو تافهة عدى قضية الرغبة في القتل والتوسع في احتلال الأرض رغما عن سكانها، وهذا النوع من القضايا ليس له من مصير إلا مزبلة التاريخ.

أيها الحوافش!

لقد خدعكم علي صالح عندما أوهمكم أن الجنوبيين ليسوا أهلا للمواجهة، وأنكم إذا كنتم قد أسقطتم صنعاء وذمار وإب والحديدة وحجة والمحويت وغيرها في أسابيع أو في أيام قليلة فإنكم ستسقطون عدن والجنوب في ساعات، لقد غشكم وورطكم في المأزق الذي لن تخرجوا منه إلا إلى المقابر هذا إن وجدتم من يلتفت إلى جثثكم، وغالبا لن تخرجوا من هذا المأزق إلا إلى بطون آكلات اللحوم من الكلاب والقطط والوحوش والديدان.

تحية إجلال وإكبار لأبطال المقاومة في كريتر والتواهي والمعلا والقلوعة وخورمكسر ودار سعد وكل مناطق عدن وكل مناطق التماس في الجنوب!

 تحية لكم أيها الأبطال فقد برهنتم أن العتاد والذخيرة والآلة العسكرية ليست كافية لصناعة النصر وإن الإرادة والعزيمة يمكن أن تقهر الدبابة والمدفعية والكاتيوشا، وأن قلة قليلة من الشجعان الأباة قادرة على قهر جيش جرار من المتدربين ومحترفي القتال والقتل الذين لا إرادة لديهم ولا قضية لهم.

عاشت عدن حرة أبية والموت والخزي والعار للغزاة المجرمين.

برقية شعرية:

عدن الحبـــــــيبة إنّني أتحرقُ         شوقاً إليكِ وكلُّ قلــــبي يخفقُ

وأهيم حبَّاً في ثراك متيَّـــــــماً        ويـــــــشدُّني شدّاً شذاك العابقُ

اعيــــيتِ كلَّ عداك يا مخلوقةً       من معدنِ الحبِّ الذي لا يُطْرَقُ

وأبــــــيتِ إلَّا أن تعيشي حرَّةً        أبدية الإصرار مزناً يــــــــبرقُ

سيموت كلُّ الطامعين وكيدهم        يذوي لديك وأنت شمس تشرقُ