قبل حوالي أربعة أيام أفتتح الدكتور رياض ياسين مبنى وزارة الخارجية في العاصمة عدن وهذا الحدث أسعد الكثير من الناس الذين ينشدون قيام دولة مدنية حديثة، هذا الحدث أخرس جميع اﻷلسن التي كانت تشكك في أحقية معالي الوزير الدكتور رياض ياسين في تقلده هذه الحقيبة المهمة في هرم السلطة وحاولوا الإصطياد في الماء العكر من خلال ماكان يتم تداوله في الفترة الماضية في مواقع التواصل الإجتماعي بأن الدكتور رياض ياسين تحوم الشكوك من حوله في نزاهته وطريقة إدارته لهذه الحقيبة وخلافاته المتكررة مع رئيس الوزراء خالد بحاح وأن الخلاف وصل ذروته وإنه قاب قوسين أو أدنى من إقالته، ومارأيناه قبل أربعة أيام وهو يقص الشريط أدحض كل تلك الأقاويل والشكوك.
وزارة الخارجية من الوزارات السيادية المهمة في أي بلد ولكن موقعها أقل أهمية حتى وإن كان موقعها في بوركينا فاسو فلا ضير في ذلك فهي تسمى الخارجية، لذلك كان أهم وزارة المفروض إفتتاحها في العاصمة عدن هي وزارة الداخلية، فنحن عندما ننظر إلى الأمن في العاصمة عدن فإننا نراه شبه معدوماً فكان لابد من وزير الداخلية مباشرة عمله ويبدأ بإعادة ترتيب كيان هذه الوزارة بعد كل تلك الأحداث الأليمة التي جرت في العاصمة عدن وماخلفته الحرب من دمار، أما الدمار ليس من الصعوبة تحويله إلى إعمار ولكن هل نستطيع العمل والإعمار في غياب الأمن؟ بالتأكيد لا.. وأسوأ ماخلفته الحرب هو أمراء الحروب والدليل مانراه اليوم، فالذين كانوا بالأمس قيادات مقاومة نراهم اليوم أمراء حرب ومرتزقة وإنعدام الأمن شجعهم على التسلط والسرقة والنهب وفرض سياسة الأمر الواقع وتهديد المسؤولين كما حصل مع محافظ محافظة عدن اللواء ركن جعفر محمد سعد عندما منعوه من الدخول لمكتبه في مبنى المحافظة وهؤلاء كنا نَعُدَّهُمْ من الرجال الأبطال ماجعلنا ننظر إليهم الآن بأنهم مجموعة من المرتزقة واللصوص الذين يبحثون عن الفيد بعد أن وضعت الحرب أوزارها في هذه المدينة الجميلة، وليعلم رجال المقاومة وقاداتهم الحقيقيون الذين حاربوا وقاتلوا لوطنهم ودينهم وكرامتهم لايمسهم كلامي هذا لا من قريب ولا من بعيد ومن كنت أقصدهم سيدركون بأن أصابع الإتهام متجهة نحوهم وهم معروفين من منطقة بعينها ومشهورة بهذه الأعمال والسرقات بعد كل حرب، أما فيما يتعلق بأعمالهم الدنيئة الذين يعرفون أنفسهم والتي تثبت بإنعدام الأمن هي محاولتهم الإستيلاء على قصر معاشيق وتقطُّعهِم لبعض المواطنين وسلب سياراتهم وسرقة منازلهم بقوة السلاح وبعض الأحداث هنا وهناك التي لاأستطيع ذكرها في عجالتي هذه، وهذه ليست إلا نماذج بسيطة جدا، والسؤال المطروح هو أين وزير الداخلية من كل مابحدث؟ وهل هو في رحلة إستجمام منحها له رئيس الوزراء بعد كل التضحيات التي قام بها في المرحلة الماضية؟ أم إنه في إجازة يقضيها في القرية في ظل هذا الوضع الأمني المتردي؟.
كان من المفترض أن وزارة الداخلية هي أول وزارة طاقمها يباشر عمله في العاصمة عدن وليست وزارة الخارجية، ومن المفترض أيضاً أن أول وزير يباشر عمله هو وزير الداخلية لينشئ منظومة عمل أمنية لإعادة أمن العاصمة حتى تعود فيها الحياة لطبيعتها ومن ثم يبدأ الوزراء الآخرين تباعاً لمباشرة أعمالهم في ظل أمن مستتب ولكن يبدو أن رئاسة حكومتنا الموقرة أخذت الأمور بصورة عكسية، إن لم يكن هناك أمن فلن يكون هناك إعمار وإن لم يكن هناك أمن فلن يشعر المواطن بالطمأنينة وبالتالي لن يعود لوظيفته وإن لم يكن هناك أمن فلن تكون هناك حياة، فالأولى الأمن ثم الأمن ثم الأمن.
هناك الكثير من الكوادر الوطنية في المؤسسة الأمنية لا أدري هم غائبين أم إنهم مُغيَّبين.. يبدو بأن الصورة باهتة والوضع القادم معتم أو أنه في غاية الضبابية، أليس من الأجدر على الحكومة إستدعاء كل تلك الكوادر ليعودوا إلى وظائفهم ويباشروا أعمالهم في المجال الأمني والإستخباراتي بدلاً من الإستعانة بجنود أمن من بعض الدول؟ أما آن الأوان من حكومتنا إعادة كل تلك الكوادر التي أُقصيَتْ من وظائفها فيما سبق وإعادة كرامتها التي سلبها منهم الرئيس المخلوع بعد حرب 1994م؟ أسئلة أوجهها إلى مقام فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ومقام رئيس الوزراء خالد بحاح..
دعونا ننتظر الإجابة في قادم الأيام...
علي هيثم الميسري