《
عندما تعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بالوقوف قلبآ وقالبآ إلى جانب الشعب اليمني لاسيما أبناء عدن كانت تقصد بذلك على وجه الخصوص إعمار محافظة عدن التي دمرتها المليشيا اﻹنقلابية وشوهت جمالها المشهود له بعدما إجتاحتها وإستحلت كل جميل فيها، بمعنى أدق ترميم المباني السكنية والمباني الحكومية والمدارس والمستشفيات والمساجد وأضف إلى ذلك تهيئة الضروف المعيشية لأبناء هذه المدينة بإنشاء المحطات الكهربائية وشبكات المياه وشبكات المجاري وجلب المواد الغذائية واﻷدوية والتعاون مع الحكومة بإعادة اﻷمن وما إلى ذلك من مساعدات أخرى، وفي الحقيقة لن يستطيع أبناء عدن رد كل الجميل لحكومة اﻹمارات العربية المتحدة وشعبها الكريم مهما طال الزمن.. إلى هنا واﻷمر عادي جدآ ولايوجد ثمة شك مما ذكرته، وسؤالي ﻷبناء هذه المدينة الجميلة هو لب الموظوع والسؤال هو: هل تعهدت الحكومة الإماراتية أيضآ بتقويم سلوككم في حياتكم اليومية وتثقيفكم في كيفية إحترام النظام واﻹلتزام به لاسيما النظام المروري وطريقة التعامل مع رجل المرور والذي رأيته في الشوارع والطرقات وكأنه خيال مآته؟
من خلال زيارتي لمدينة عدن لاحظت الكثير من التصرفات لكثير من الناس تثير اﻹشمئزاز والتقزز ماجعلتني في بعض المواقف أخرج عن السيطرة حتى كدت أتشابك باﻷيدي مع بعضهم.. والله إنها لمعضلة كبيرة عندما ترى خط سير السيارات مسار واحد وفي إتجاه واحد وترى أحد المستهترين عاكس إتجاه السير بمسافة تقدر بخمسمائة متر مايجعلني أفتح زجاج النافذة وأقول لهذا المستهتر لماذا تعكس الخط ؟ فيقول لي بكل سخرية: مشي حالك أنت في اليمن، وفي موقف آخر أقول لسائق آخر أيضآ مستهتر إلى أين أنت ذاهب فيرد علي بطريقة إستفزازية: مش شغلك ويفتح باب سيارته ويهدد بتمتمة وعلى الفور أفتح سيارتي وعندما يراني مترجلآ يعود سريعآ لسيارته ويذهب، وأرى في طريق ما كثير من السيارات تقف في مكان ممنوع فيه وقوف السيارات بل وتقف هذه السيارات بطريقة توحي إليك وكأنها شبكة إصطياد، ماأقصده هنا هو وقوف سيارة ومقدمتها لﻷمام وأخرى مقدمتها للخلف وثالثة تقف وقوف عرضي ورابعة تقف مائلة لليمين وخامسة مائلة لليسار وهكذا جميع السيارات، فإذا جاء زائر ورأى مارأيت لقال بأن هذا الشعب متخلف وكل هذا يحصل أمام مرأى من رجال المرور، وتابعت سيري وفي حينها كنت أسير على قدمي ولمحت رجل مرور فذهبت إليه وسألته: لماذا هذه السيارات تقف بهذا الشكل فقال لي ممتعضآ: وماذا تريدني أن أفعل؟ فقلت له: مارس مهامك فإبتسم ومن خلال إبتسامته عرفت معنى المثل القائل (شر البلية مايضحك)وقال لي هل تعلم ياأخي بأن شباب لايسوون الذي بين فخذيك أقول لهم ممنوع الوقوف في هذا المكان ويردون بكل عنجهية: عادك قلم رصاص، فقلت له وماذا تعني قلم رصاص قال يعني لست موظفآ رسميآ بل متعاقد في إدارة المرور وفي أي وقت سأرى نفسي بالشارع، والذي أغاضني أكثر عندما كنت أقود سيارتي وشاهدت أمامي سيارة قادمة من اﻹتجاه المعاكس ورأيت رجل المرور واقفآ يسهل اﻷمر لقائدها فقلت له وأنت ماذا تعمل هنا؟ لماذا تركته يذهب بعكس اﻹتجاه؟ فقال لي وهو مبتسمآ أكثر من زميله السابق: أرجو المعذرة لاتوجد حكومة ولا نظام ولكن النظام سيأتي قريبآ بعودة الحكومة فلا تستعجل.. فقلت محدثآ نفسي هاهو وزير الداخلية حسين محمد عرب قادمآ إليكم وسنرى ماالذي سيفعله هذا الوزير؟.
الغريب في اﻷمر بأن الكثير من هؤلاء المستهترين والضوضائين تراهم كبار في السن، فإن كان كبار السن يسلكون هذا السلوك الوضيع فما الذي سيفعله صغار السن؟ والغريب العجيب ترى الكثير من هؤلاء يتذمرون ويتأففون من المواطن الشمالي الذي أسموه(دحباشي) ويقولون هؤلاء الدحابشة وسخوا بلادنا..هؤلاء الدحابشة جلبوا الفوضى إلى بلادنا وإلى آخره من اﻹنتقادات التي طالت اﻷخوة الشماليين.
نحن اﻵن في عهد رئيس يريد إقامة النظام والقانون فهل سنقف معه ونعاضده ونسانده حتى نرى بلدنا كما كانت قبل الوحدة المشؤومة؟ هل سنغير سلوكنا في حياتنا اليومية؟ أم إننا سنضل ننتقد فخامة الرئيس بتعييناته وتغييراته للوزراء؟ أم إننا سنضل ننتقده في عدم إعلانه الإنفصال؟..لﻷسف نحن شعب لانجيد إلا إنتقاد اﻵخرين ولا نمتلك القدرة على محاسبة أنفسنا وتقويم سلوكنا، ولكن يبدو لي بأننا سننتظر حكومة اﻹمارات العربية المتحدة أن تأتي لنا بإختراع يقوم على تقويم سلوك اﻹنسان وتعديل أخلاقه.. وحتى يأتي هذا الإختراع ياترى هل سنضل ننتقد اﻵخرين بأنهم من كان سبب في تعطيب النظام والقانون في جنوبنا اليمني الحبيب؟ أم إننا سنحاول أن نكون مرايا لبعضنا البعض ونصحح من أخطائنا طالما وأن الفرصة سانحة بعدم وجود المسؤولين السابقين الذين أوصلونا إلى هذا الإنحطاط في سلوكنا.. قال الله تعالى(إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).. صدق الله العظيم.
ودمتم عقلاء..
علي هيثم الميسري