عارف أبو حاتم
تلفظ مدينة مضايا السورية أنفاسها الأخيرة بعد حصار هو الأول من نوعه في التاريخ الحديث، فرضه عليها شبيحة الأسد وعصابات حزب الله الإيراني، الذي أمّنَ حدود شمال إسرائيل وتفرغ لقتال السوريين.
وفي سماء الله تتلاقى صرخات مضايا بشقيقتها تعز.. المدينة اليمنية المحاصرة من 10 أشهر؛ نتيجة حصار فرضته قوات المجرم علي صالح ومرتزقة إيران في اليمن.
حزب الله تنكر لكل جميل قدمه السوريون له في أثناء حربه الغبية مع إسرائيل في يونيو 2006.. كان البيت السوري يأوي العائلتين والثلاث من النازحين اللبنانيين، يقتسم معهم الخبز والفراش والألم، ولم يمنوا على أحد، وحين كانت قوات صالح تشن هي الأخرى حربا غبية على صعدة معقل الحوثيين، كانت شوارع تعز لا تهدأ وهي تطلق المظاهرات والمسيرات، وتشكل ضغطا استثنائيا على نظام صالح لإيقاف هذه الحرب.
لكن قدر مضايا وتعز أنهما "أوقدتا الشمع في بيت العميان".. وصنعتا المعروف مع من لا آدمية أو ضمير في نفسه.. فحيثما حلت إيران رحلت الآدمية والروابط والقيم.
بالأمس كان المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري يكذب في جلسة مجلس الأمن، ويقول "لا مجاعة ولا نقص غذاء في مضايا، شاحنات المساعدات تمر بسلام ويتم سرقتها".. وتردد صداه في تعز فقال الحوثيون "لا نحاصر تعز ولم نمنع عنها المساعدات"، وكأن الذين ماتوا هناك كانوا يعدون بروفات لموت مؤجل!.
قدر مضايا أن تموت بين "بشارين" الأول يقتل في سوريا والآخر يكذب في نيويورك، ويعتبر كل الوثائق والشواهد "فبركات إعلامية" وليس غريبا أن يتحدث "الجعفري"، بل الغريب كيف يقبل به المجتمع الدولي ممثلا لنظام فقد شرعيته.
عصابات إيران تقتل حيثما كانت، لأنها تؤدي وظيفة المقاول، عند من يعتقدون -وتقول ذلك أمهات كتبهم- بأن "إمامهم الغائب" "سيخرج ويقتل تسعة أعشار العرب".. أي سيقتل منا 90%.. (يصورونه لنا أكثر دموية من الحوثي ونصرالله ونوري المالكي!).
منتصف هذا الأسبوع تدافع "أبطال السفارات" حقوقيون وحقوقيات من كل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمطالبة الحكومة السعودية بالإفراج عن الناشطة "سمر بدوي".. آلاف النساء تقتل يوميا في سوريا واليمن والعراق، ومئات الآلاف تشردنّ في أصقاع الأرض، ولا يرون غير وجه "سمر"... وإذا فتشنا عن السبب لن تطل علينا غير وجوه ذوي العمامات السوداء، ومشروعها الممتد من واشنطن إلى طهران، وإلا لما وجدنا الإعلام الغربي ينتفض في وجه السعودية خلال دقائق؛ بسبب شأن داخلي أعدمت فيه "متمردا شيعيا" وفقا لقوانينها وأحكام قضائها، ثارت منظمات الغرب وإعلامه على الرغم من أن قائمة المحكومين بالإعدام شملت 43 سنيا و3 شيعة فقط، وفوق ذلك لا تزال إيران تتصدر قائمة الدول المنفذة لأحكام الإعدام بمعدل 788 إنسانا سنويا.
أولئك ليسوا بشرا وشأنهم لا يعني أحد، ولا يستدعي إعدامهم مجيء قس أمريكي لتعزيتنا كما فعل وجاء لعزاء طهران في مصابها بإعدام من سماه "الإمام نمر النمر"!.
إيران تستأجر اليوم في كل دولة طائفة من الشعب لقتل بقية الشعب، وتختلق لهم الأسماء والأعذار، وتمنحهم السلاح، ويوفر الغرب –أمريكا تحديدا – الرضا وغض الطرف عن من يفتتون مجتمعاتهم ويقوضون دولهم، ويتحولون إلى دواعش، وما هو أسوأ من داعش!.