ماذا لو قررت دول التحالف اﻹنسحاب من جنوب اليمن وتركت زمام اﻷمور ﻷبنائها؟ فهل أبناء الجنوب الذين ينادون باﻹنفصال أو كما يقول البعض منهم فك اﻹرتباط قادرون أن يعيدون دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية؟ وهل الفريق اﻵخر الذي ينادي بعودة دولة الجنوب العربي قادرآ أن يعيد هذه الدولة؟ وإن تمكنا هذين الفريقين من تحقيق أمنيتيهما فهل يستطيعان إقامة دولة قوية كما كانت في السابق قبل الوحدة؟
الرغبة العاطفية ياسادة التي ينادي بها هذين الفريقين لا تكفي لتحقيق كل تلك اﻷماني، فكما يقال: ليس كل مايتمناه المرء يدركه..تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن.
ياإخوتي نحن اﻵن ليست لدينا اﻹمكانيات لتحقيق رغباتنا ونفتقد للضروف التي تتيح لنا إقامة دولة جنوبية مستقلة، أضف إلى ذلك دول التحالف التي ساعدتنا ووقفت معنا في دحر وطرد وتحجيم المليشيا اﻹنقلابية لاترغب بل وترفض رفضآ قاطعآ في فصل الجنوب وإقامة دولته المستقلة وخير دليل على ذلك تصريحاتهم المستمرة في هذا الشأن، وفي آخر تصريح للمملكة العربية السعودية وعلى لسان وزير خارجيتها عادل الجبير: نريد يمن قوي وموحد، وفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي قال: بمجرد أن تعود صنعاء والمناطق المحتلة لأحضان الشرعية سنبدأ من حيث أنتهينا قبل إنقلاب المليشيا على الشرعية.
لم نعد نرى تلك الطائرات اﻹغاثية التي كانت ترسلها المملكة العربية السعودية تهبط في مطار عدن، ولم نعد نرى تلك السفن اﻹغاثية التي كانت ترسلها ذات الدولة ترسو في ميناء عدن، فلا تغرنا تلك المساعدات التي لاتكاد تذكر القادمة من بعض دول التحالف، أستطيع القول بأن دول التحالف قد تملكها اليأس من الجنوب وأبناءه، فهم يريدون مساعدتنا ونحن نأبى مساعدتهم لنا بنداءاتنا المتكررة وتصريحات مثقفينا وكتابنا بالإنفصال وهم لايحبذون ذلك، أضف إلى ذلك تشتتنا وإنقسامنا على بعض، إن كنا قادرون على إستعادة دولتنا الجنوبية كما يصرح البعض ويتشدق فلماذا لانتحد إن كنا قادرين أن نتحد ونعلن دولة جنوبية يمنية أو عربية مستقلة؟ أو إننا ننتظر فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي أن يعلن إنفصال جنوب اليمن عن شماله كما أعلنها من السابق علي سالم البيض وداستنا اﻷقدام وتبرأت منا دول العالم وتخلت عنا وهرب علي سالم البيض إلى غير رجعة ولفضه التاريخ وأعلن إعتزال العمل السياسي وترك الشعب الجنوبي يعاني الظلم والويلات لوحده.
هل من صحوة لعقلاء الجنوب ومثقفيه وشيوخ قبائله وعلماء منابره أن يترجلون ويقولون نريد يمن إتحادي مستقر آمن ومشروط بإستفتاء شعبي بحق تقرير المصير، أقسم بالله إن لم نتعقل وإنجرفنا وراء اﻷبواق والأصوات النشاز التي تنادي بالإنفصال في ظل ضروف صعبة ومنعطف خطير سنعض أصابع الندم، وإن أضعنا تلك الفرصة التاريخية وخسرنا الوقفة التاريخية التي لن تتكرر من دول التحالف أيضآ سنعض أصابع الندم، والدليل واضح وضوح الشمس في كبد السماء في تخلي دول التحالف عنا وإنسحابها من الجنوب تدريجيآ والسيناريو الذي يثبت ذلك ونراه اﻵن هو: أولآ ترك الفوضى وإنعدام اﻷمن في المحافظة عدن على الرغم من قدرة دول التحالف بمساعدتنا في إستتباب اﻷمن وعودة اﻹستقرار ومن ثم عودة الحكومة لممارسة أعمالها من العاصمة المؤقتة عدن، ثانيآ إصرار دول التحالف من دخول صنعاء وتحريرها من براثن المليشيا اﻹنقلابية ﻷجل أن تعود الحكومة من المنفى للعاصمة صنعاء دون العاصمة المؤقتة عدن، وهذه هي الحلقة المفقودة التي سبق وتكلمنا عنها وهي ترك المحافظة عدن تغرق في الفوضى وإنعدام اﻷمن؟ .
قد يقول قائل دول التحالف لاشأن لهم بتقرير مصير الجنوب، وأقول بأن زعماءكم قد صرحوا بذلك فهاهو مدير مكتب علي سالم البيض يقول بأنه قد سمع رئيسه يقول في العام 2012م بأن مصير الجنوب بيد دول الخليج، وهانحن اﻵن نرى مقولة علي سالم البيض تتحقق واﻷحداث التي شاهدناها وعاصرناها تؤكد ذلك فمصلحة دول الخليج ودول اﻹقليم أن يضل اليمن موحدآ وقويآ ويعم في كافة أراضيه الأمن والعدل والإستقرار ولن يتأتى ذلك إلا إذا حكمنا العقل والمنطق وتركنا فخامة الرئيس يعمل من حيث أنتهى قبل إنقلاب المليشيا على شرعية فخامته وتركنا التشتت والتصريحات الهوجاء التي لاتسمن ولا تغني من جوع، فمنا من ينساق وراء أبواق من ينادي بفك اﻹرتباط ومن ينادي بعودة الجنوب العربي وهذا اﻷخير قد لفضه جنوبنا اليمني منذ أكثر من نصف قرن.
إن فكرنا بعاطفتنا فلن نفلح وإن فكرنا بعقلانية ومنطق فبالتأكيد سترسو سفينة الوطن لبر اﻷمان، صحيح أن المظالم على شعب الجنوب لاحدود لها وبلغت عنان السماء، بالمقابل هناك أخوة لنا في شمال اليمن ذاقوا الويلات ومورس ضدهم الظلم واﻹستعباد من النظام السابق، فإن كنا لانفكر إلا بأنفسنا فلن نفلح ولن يوفقنا الله عز وجل في إستعادة حقوقنا طالما وأن أنانيتنا سيطرت على عقولنا وملأت قلوبنا.
أهلي وأحبتي وبنو جلدتي إن كان عودة جنوبنا حرآ مستقلآ وكنا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدفنا فبأفعالنا الرعناء ونداءاتنا الحمقاء سنفقد اﻷمل في تحقيق هذا الهدف السامي والمشروع وهو عودة كيان الجنوب، فعودة الحقوق لاتعود جمعاء بل فرادى واحدة تلو اﻷخرى، فإذا عاد اﻷمن واﻹستقرار وعادت حقوقنا تحت مظلة الوحدة اليمنية بإقليمين أو متعدد اﻷقاليم ومن ثم تعود اليمن دولة قوية موحدة مع رسوخ نظام وقانون يحلان مكان الفوضى والعشوائية فسنكون قادرين بمؤسساتنا العسكرية واﻷمنية القوية أن نختار طريقنا أما اﻹستمرارية بالوحدة إن جازت لنا أو اﻹنفصال بإستفتاء شعبي ﻷبناء الجنوب، أما إننا نطالب بإنفصال ونحن لانمتلك القدرة على حماية أنفسنا من تلك اﻹغتيالات والتفجيرات جراء الحالة اﻷمنية المتردية ونعيش تحت ظل الفوضى والعشوائية التي فرضت علينا بل وإستساغها الكثير من الجنوبيين من خلال سلوكهم اليومي الذي نراه قد بلغ الحد الذي لايطاق فسنفشل فشلآ ذريعآ، فهل البسط على اﻷراضي ومخالفة نظام المرور في كل شارع من شوارع مدينتنا الجميلة عدن والتي باتت قبيحة بسبب سلوكنا السيء كان سببه الوحدة اليمنية مع الدحابشة كما يحلو للبعض أن يسمي إخوتنا الشماليين؟ قال الله تعالى: ولاتنابزوا باﻷلقاب بئس اﻹسم الفسوق بعد اﻹيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، وهل التباهي والمفاخرة بحمل السلاح والخيلاء والممازحة به وإطلاق النار في اﻷعراس وغيره من السلوك السيء سببه الوحدة اليمنية؟ لا والله فقد قال الله تعالى: وماأصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير. وقال الله تعالى: وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا .
أحبتي من كان لايحلو له رأيي وطرحي هذا لايغضب مني ولايمتعض فكما يقال اﻹختلاف في الرأي لايفسد للود قضية .
علي هيثم الميسري