وصلني خطاب من صديق يشغل وظيفة في جهة مقربة من مصدر القرار رافضآ ذكر إسمه وطالبآ مني نشر هذا الخطاب والذي أسماه برقية عاجلة إلى فخامة رئيس الجمهورية وكان فحوى الخطاب كما جاء: موضوع النفط الخام في منطقة الضبة فاحت منه ريحة فساد ولابد من حل لهذا الموضوع لكي ينقذ الحكومة من الفشل الذريع كونها لاتملك أي مقومات أو مصادر أخرى على اﻷقل في الوقت الراهن غير النفط ﻹنقاذ المناطق الجنوبية من مستنقع الجوع وترتيب نظام اﻷجور بعد إنقطاع دام لعدة شهور في دفع رواتب الموظفين الجنوبيين، ولولا الله ثم جهود حكومة المملكة العربية السعودية دام عزها في إنقاذ المواطن الجنوبي بدعمها السخي بالمال والغذاء والدواء لتحول الجنوب إلى منطقة مجاعة شأنها شأن بعض الدول اﻷفريقية، وكان الدعم هذا سبب في إرساء اﻹستقرار نوعآ ما، لكننا لم ولن ننسى خيرات أراضينا لاسيما في القطاع النفطي، فخزانات ميناء الضبة يتواجد فيها أكثر من 2 مليون برميل من النفط الخام الجاهز للبيع أثناء إنبعاث ريحة الفساد هذه، فتم إبلاغنا من قبل مسؤول الجهاز الخاص بتعبئة الخزانات وأن الكمية والسعة التخزينية كافية لبيعها وسوف يتم إيقاف الضخ من البئر لذا لابد من إستخراجها من الخزانات وبيعها حسب المعتاد لإستكمال التعبئة مرة أخرى، وأردف قائلآ: لذلك يتطلب من مدير اﻹدارة في شركة المسيلة التحرك لكي تتم عملية التصدير، وكان المدير العام المهندس صالح بن سميط حينذاك في كندا وأضاف قائلآ: وهناك مشكلة في الميناء التصديري وتوجد مجاميع من القبائل من أبناء المنطقة هم من يحمي الموقع لذا لابد من التفاهم معهم ولكن لديهم مطالب وهي توظيفهم كحراس أمن وغيرها من المطالب اﻷخرى، فكان اﻷمر سهل إن كان حل الموضوع يتعلق بالوظائف، فقال المسؤول لابد من مدير اﻹدارة الجلوس والتفاهم مع فخامة رئيس الجمهورية لحل هذه المعضلة. وبعد أيام سافر المدير العام المهندس صالح بن سميط من كندا متوجهآ إلى الرياض وبدلآ من أن يلتقي بفخامة رئيس الجمهورية ذهب خلسة وإلتقى برئيس الوزراء خالد بحاح وإجتمعا إجتماعآ مغلقآ ولم نعلم ماتم اﻹتفاق عليه وعاد إلى كندا وأبلغنا في إتصاله لنا أن تنظيم القاعدة قد سيطر على الموقع وإن أبناء القبائل الحراس الذين تم تعيينهم إتضح إن بعضهم أعضاء في تنظيم القاعدة، وعند التحقق أخبرونا أنهم من القبائل وأن لهم شروط وهم الذين سيعملون على تأمين التصدير لأي شركة تأتي، وبعدها إنكشف المستور في اﻹتفاق الخفي بين المدير ورئيس الوزراء بجعل الموضوع في طي الكتمان وإهماله، وكان تبريرهم أن تنظيم القاعدة مسيطرآ على الموقع.. وإلى اللحظة لايزال الموضوع يشوبه صمت وسكون تام.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كل ماجرى ويجري هي عملية إنهاك للدولة وإفشال جهود فخامة رئيس الجمهورية في إرساء دعائم الدولة؟ أم إن الأمر متعلق في المواطن في إنهاكه برزقه الذي يقبع أمامه بل إن اﻷيادي الخفية هي التي تستفيد من رزق المواطن التعيس والغلبان على أمره؟ .
في مثل هذه المعضلات ينبغي أن يكون حلها عن طريق مجلس رئاسة الوزراء كعمل منظم وقانوني وعمليات البيع والتوقيع عليها يجب أن يتم عن طريق رئيس الوزراء وتكون هناك هيئة رقابية تشرف على عملية التوقيع والبيع وتكون تابعة لرئاسة الجمهورية.
اﻹهمال في هذا الموضوع لايزال قائمآ حتى اللحظة، ومن المفترض أن يتم اﻹهتمام واﻹسراع في حل هذا الملف، وأولى الخطوات التي ينبغي البدء بها هو تحقيق مطالب أبناء القبائل لاسيما هم اﻷحق في توظيفهم في منطقتهم، ثم إستدعاء المدير العام صالح بن سميط والتحقيق معه في هذا الملف كونه هو المسؤول اﻷول، فإن أثبت براءته أو تثبت لجنة التحقيق عكس ذلك وإدانته، فإن ثبتت إدانته فعليه يتم إعفائه بل إقصائه من هذا المنصب لخيانته لﻷمانة وتعيين مدير عام آخر بدلآ عنه حتى تتم عملية البيع وتسيير خطوط اﻹنتاج. ومن ثم تكثيف عملية التحري للكشف عن الخطط القذرة اﻷخرى ﻹنقاذ المنطقة من هذا المستنقع ولتخفيف العبئ علينا في الطلب من الدول الشقيقة.
كانت هذه خطة خبيثة لتحقيق إنجاز شخصي ومن ثم كسب الود ناهيك عن المكسب المادي الذي سيتحقق في جعل كل اﻹستثمارات بأيادي حضرمية دون غيرها كون أغلبية التجار منهم وهذا جزء من الخطة القذرة بعد إنهاك الدولة ثم إفشالها، متناسين السيد خالد بحاح وصالح بن سميط بأن حقول النفط ملك للجميع وثروة قومية لكل مواطن، ألا يكفينا أولئك المتنفذين أبان حكم النظام السابق الذين تقاسموا ثروات الشعب فيما بينهم؟ فالشعب لم يعد يحتمل متنفذين آخرين من بنو جلدتنا وكنا نعدهم من اﻷبرار .
في اﻷخير نوجه برقيتنا العاجلة لفخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ونطالبه فيها البدء الفوري لحل ملف النفط الذي يملأ الخزانات والذي ربما تم بيعه وأودعت قيمته لخزائنهم الممتلئة وجيوبهم المتخمة، وكذلك حل اﻹشكاليات التي ترتبت على هذا الملف وإنقاذ عجز الدولة في توفير مرتبات الموظفين وحل العجز المالي الذي تعاني منه الدولة.
نسأل الله جلت قدرته يافخامة رئيس الجمهورية أن تكون برقيتنا هذه محل إهتمام في رحابة صدركم المتسع لكافة أبناء الشعب وحتى تثبت لشعبك الغلبان على أمره من الذي معه في أحلك الضروف ومن الذي لايسعى إلا لتحقيق مآربه ومكاسبه لتكون في رصيد إنجازاته، ودمتم ذخرآ للوطن والمواطن.. أنتهى .
كان هذا خطاب صديقي والذي ذيله ببرقية عاجلة لرئيس الجمهورية والذي يحاكي واقع مرير وأليم فرضه علينا النظام السابق لا أعاده الله علينا بل ونسأل الله جل علاه أن يبتر أذرعته التي لازالت طائلة الأخضر واليابس، فهناك الكثير من أنواع الفساد الذي أنهك الدولة والمواطن الموظف والغير موظف وسنكتب عنه لعل وعسى يصل ﻷصحاب القرار ومثال لذلك ذلك الفساد الذي يتم أثناء تسليم رواتب الموظفين من خلال اﻹستقطاعات التي تتم عليهم لاسيما في البريد أو البنوك .
علي هيثم الميسري