زلزال سياسي في لبنان من زاوية يمنية

2016/02/23 الساعة 12:42 مساءً

زلزال سياسي في لبنان

من زاوية يمنية

  بقلم: عبدالوهاب العمراني

 

لم يعرف النظام الإقليمي العربي من تدهور الحالة السياسية والأمنية كما حدث ويحدث غداة الربيع العربي منذ خمس سنوات مضت ، وغدت تلك البؤر متداخلة بعضها ببعض وكذا مع الفاعلين الإقليميين السعودية وإيران وتركيا ، وكذا دور قوى كبر في اذكاء هذا الصراع كالتدخل الروسي في الآونة الأخيرة مما زاد الأمر تعقيدا في المشهد السياسي والعسكري السوري فلا المفاوضات تحلحلت ولا الحسم العسكري على الأبواب وهو الأمر نفسه في اليمن وسواها فالحال من بعضه كما يقولون ، وحتى لبنان هذا البلد الصغير الجميل والذي عرف بأنه منبع الثقافة والفنون والسياحة غدا هو الآخر ضحية لصراع الأمم وخلال عقود سرت مقولة بأن قوة لبنان تكمن في ضعفه تماما كسويسرا التي عرفت بحياديتها وليس لديها جيش بل قوات أمنية محدودة .

فيما يتعلق الأمر بالإشكال السياسي في لبنان والذي يعتبر حزب الله المعضلة الرئيسية كما كان يراد للحوثي في اليمن ان يلعب نفس الدور فقد كان قرار السعودية بإلغاء بعد التزامها بتسليح الجيش اللبناني والأمن بثلاثة مليار دولار ، وتلمح بأجراء إضافي فيما لو استمر نفوذ حزب الله وذلك بعدم دعم الميزانية،وإيحاء بسحب الوديعة من البنك المركزي اللبناني ، تفاعل صدى هذا الخبر لبنانياً في اقل من 24 ساعة ، حرك المياه الراكدة وبداء حزب الله يحسب الف حساب لحماقاته ، الوسط السياسي اللبناني يتعرض لزلزال عنيف بداء من استقالة وزير العدل وغضب شعبي عام . معلوماً بأن المشهد السياسي المتعثر ناتج عن وجود دولة داخل دولة فحزب الله يعطل التوافق لترشيح رئيس حسب الدستور اللبناني وعلى مرجعية الطائف الذي ارتضت بها كل القوى وأنهت الحرب اللبنانية لخمسة عشر عاماً ، واليوم لبنا تعصف به تحديات اقتصادية وأمنية على خلفية تعثر الحل السياسي ، ومن سيعوض الدعم المالي الذي كانت تحضي به ؟

فإيران لا تعوض شئ هي فقط تحارب الآخرين بإمكانيات الآخرين ، فهي تريد تحرير السعودية على أشلاء اليمنيين وباقتصاد الشعب اليمني ، والأحرى أن تحرير ها من آل سعود علي يد شعبها ، او الإيرانيين أنفسهم ، يكفي ان اليمن كان موكل إليه في عهد الزعيم بمقارعة القاعدة أكثر من عشر سنين نيابة عن آل سعود وتمحورت سياستنا الخارجية في عهد صالح أن ينظر ألينا العالم من زاوية أمنية وليس تنموية فالطائرة بدون طيار التي تخترق السيادة هي بدعة الزعيم قبل أكثر من عشر سنوات وليست وليدة اليوم .

الوديعة السعودية في البنك المركزي اليمني هي التي حافظت عل سعر الدولار نسبياً وبقاء البنك المركزي في صنعاء هو بتوافق كل أطراف النزاع ، هذه الوديعة في حال بقاء الحوثي حتى في صعده وبسلاحه وعقيدته قد تسحب في أي وقت وآنذاك بدلا من 270 ريال للدولار قد يصعد إلى إلى أكثر من 500 دولار بل وقد تتقاعس في مساعدة اليمن والتعويض عن الخسائر فكيف تساعد عدواً لها؟

حينها قد يصبح الحد الأدنى للأجور في اليمن من الريالات اليمنية لا يزيد عن بضعة دولارات كما كان العراق أيام الحصار لثلاثة عشر دولار كان مرتب أستاذ الجامعة يساوي تسعة دولارات ، مع الأخذ بعين الاعتبار ان العراق من كبار البلدان المصدرة للنفط ، ولهذا فلن تنفع الميلشيا حذاقتها و(زقرها) في سياسة السوق السوداء ، وستكون في مواجهة غضب الشعب الذي سيصر على محاكمة عادلة

واليوم ومنذ إعلان قرار منع منحة الثلاثة مليار دولار ومواقع التواصل الاجتماعي مشغلة بالحديث عن أهمية وقف المساعدات الخليجية لمصر أيضا أسوة بلبنان، وبدأت مراكز بحث خليجية تعد استبيانات رأي تقرا فيها المزاج الخليجي الداعم لمعاقبة مصر، وإيقاف المعونات لانها لم تدعم الحملات العسكرية السعودية في المنطقة ، السعودية ليست جمعية خيرية فالطبع لها مصالحها ولها مشروعها مثلها مثل إيران وتركيا.

ولكن فيما يتعلق الأمر بعلاقة اليمن بمحيطة فهذه أيضا قيمة يجب ان لا نفرط بها ومستقبل اليمن في محيطة مهما بث تيار الحوثي وصالح ومن ورائهم إيران باستعداء ابدي مع ان الزعيم لثلث قرن وهو يسبح بحمد الرياض ورجل أمريكا في المنطقة ، السيادة لا تعني ان تسير بوطنك للمجهول والسيادة لا تعني الانجرار لمشروع آخر ، شخصيا كنت من اوائل الكتاب خلال السنوات الخمس ممن دعو لتحسين العلاقات مع إيران وانتقد سياستنا الخارجية بوضع كل البيض في سلة واحدة وينبغي ان يكون نهج اليمن متوازن من موقع الند بالند ولكن في ظروف اليمن السياسة والاقتصادية اليوم ليس من الحكمة ان تكون اليمن في خندق معادي لها وستثب الأيام صحة هذه الرؤية