مسار الأزمة اليمنية
في حقيقة الأمر لم يتخلف وفد الانقلابين اليمنيين عن حضور مشاورات الكويت لأربعة أيام بل تخلف اربعة شهور متواصلة فقد أكدت نتائج مشاورات «بيال» السويسرية أن الجولة القادمة من المشاورات ستعقد في 14 يناير، وتعذر انعقادها بسبب همجية السلوك الميليشاوي للجماعة لانقلابية المكونة من شقين يتبع الأول الرئيس السابق صالح والآخر هو الجماعة الحوثية التي نشأت بإعداد وإشراف إيراني أميركي في اليمن.
وبعد أن هدد وفد الحكومة الشرعية بالانسحاب من مشاورات الكويت ومحاولة اثنائه من قبل سفراء الدول 18 الراعين للعملية السياسية في اليمن وصل وفد الانقلابين إلى الكويت عصر الخميس الماضي، وما أفهمه عن تأخرهم أنه جاء لعدة أسباب من بينها فهمهم القاصر لمسألة وقف إطلاق النار إذ يتصورون أن وقف الحرب يعني أن يتوقف طيران التحالف عن قصف مواقعهم العسكرية، مع أن رسالة رئيس الجمهورية لقوات التحالف وتصريحات العميد عسيري الناطق باسم التحالف واضحة بأن كل تحرك عسكري وإعادة الانتشار والتموضع أو قصف أي من المناطق المدينة أو محاولة التقدم عسكرياً سيقابله قصف عسكري لطيران التحالف، بما معناه أن تدخل التحالف لن يكون غير رد فعل لما سيقوم به الانقلابيون.
ومن بين أسباب تأخر الانقلابين في الوصول لمشاورات الكويت سعيهم لتثبيت أي تقدم عسكري على الأرض يعزز حضورهم على الطاولة، لكنهم لم يتمكنوا من فعل شيء، ومن بين الأسباب إيعاز إيراني بالتأخر من أجل ابتزاز المجتمع الدولي بشأن قضايا تخص إيران في المنطقة العربية أهمها الملف السوري، ومن بينها إيعاز إيراني أيضاً كتعبير عن غضب طهران من الإهانة التي تلقتها في بيان منظمة مؤتمر الدول الإسلامية بإسطنبول، مع أن سلوك دبلوماسيتها المنحرفة هو الذي دفع 55 دولة لاستخدام تلك اللغة بحقها.
وبعد انطلاق المشاورات اختلق الحوثيون معضلة جديدة تتعلق بجدول الأعمال إذ يفترض أن تبدأ بنقاش النقاط الخمس وفقاً لتسلسلها في القرار الأممي 2216 إلا أن الحوثيين أرادوا الدخول للمشاورات من المحور الخامس وهو بحث المسار السياسي وإمكانية عودة الحكومة إلى صنعاء، مع أن القرار نص على ذلك بوضوح وحدد جدول الأعمال المتفق عليه في «بيال» السويسرية كالتالي: انسحاب الميليشيا من المدن والمؤسسات الحكومية، تسليم أسلحة الدولة المنهوبة، الترتيبات الأمنية واستعادة أمن الدولة، بحث ملف الأسرى والمختطفين، عودة العملية السياسية من حيث توقفت... إلا أن الجماعة الحوثية ترى الدخول من خامس محور!!.
إزاء ذلك رفض الوفد الحكومي هذا التعنت المخالف بما تم الاتفاق عليه في جولة المشاورات السابقة، وهنا تقدم المبعوث الأممي بمقترح «غير سوي» وهو أن يتم انطلاق النقاط أو المحاور الخمسة بالتزامن كلها في وقت واحد من خلال تشكيل لجان لكل محور!.
في اليوم التالي من المشاورات كان ولد الشيخ يتحدث عن جرائم الجماعة الحوثية بتعز بلغة ناعمة ويأسف «للاشتباكات» التي حدثت، ومعنى ذلك أن المبعوث الأممي يعتبر من يقتلون في منازلهم مع زوجاتهم وأطفالهم أطرافاً في اشتباكات مسلحة، مع أنهم قتلى القصف العشوائي الصاروخي والمدفعي للميليشيات الحوثية».
ولد الشيخ طرح فكرة نقل اللجنة العسكرية الخاصة بتثبيت وقف إطلاق النار إلى السعودية لقربها من الحدود اليمنية وإمكانية توفير الدعم اللوجستي للجنة، واعتبر فكرة وقف إطلاق النار بين الطرفين الذي رعته السعودية في مدينة ظهران الجنوب مثّل خطوة ايجابية مشجعة، وهنا أبدى وفد الحوثيين تجاوباً سريعاً مع المقترح في حين رفض ممثلو الرئيس السابق علي صالح المقترح، وهذا لا يعني وجود شرخ كبير بين صالح والحوثيين لكنه يشير بوضوح إلى محاولة الحوثيين استرضاء السعودية بالموافقة، في خطوة تهدف إلى تحييد سلاح الجو لأنه هو المجابه والمعطل لكل تحرك حوثي على الأرض