أفادتني مصادر موثوقة مقربة من أحد الأسرى المعتقلين لدى المليشيا الإنقلابية عن الأحداث والوقائع التي سبقت أسر الثلاثي البطل اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي الأخ الشقيق لفخامة رئيس الجمهورية والعميد ركن فيصل رجب وكان سردها كالآتي: في تاريخ 23/مارس/2015م وفي الساعة الخامسة والنصف من صبيحة ذلك اليوم وصلت مجاميع من اللجان الشعبية الجنوبية إلى منطقة العند وكان هناك أفراد آخرين من اللجان الشعبية التي كانت متواجدة من الليلة السابقة وكانت متمركزة في كل من قاعدة العند ولواء لبوزة .
كانت المواقع يشوبها نوع من التوتر وفي هذه الأثناء كانت مجاميع أخرى مشغولة في نهب ماتبقى من أسلحة ومعدات وذخائر من قاعدة العند ومعسكر لبوزة وعندما أقول ماتبقى يعني ذلك بأن هناك من قد سبق ونهب وهو العميد محمد صالح طماح ومرافقيه فقد نهبوا ما إستطاعوا نهبه من قاعدة العند وذهبوا بهذه المسروقات إلى منطقتهم أي بمعنى مارسوا هوايتهم كعادتهم، وهذا القائد للأسف كان مكلّف من قِبَل فخامة رئيس الجمهورية بقيادة محور العند، فقد طبق هذا الخائن مقولة: حاميها حراميها .
كانت هناك قيادات جنوبية منها اللواء ناصر منصور هادي والعميد ركن فيصل رجب واللواء جعفر محمد سعد يرحمه الله والعميد صالح علي اليافعي ونجل رئيس الجمهورية المقدم ناصر عبدربه منصور وقيادات من اللجان الشعبية التابعة لأبين ولحج ويافع وشبوة ومن كان معهم من أفراد مقاتلين، كان كل هؤلاء إمتلأت بهما غرفتين صغيرتين تابعتين لنقطة مثلث العند والفائض منهم مكثوا خارج الغرفتين .
لم يكن الأمر فيه ترتيب مسبق في توزيع المهام مع أنعدام المعدات الحربية الثقيلة كالعربات القتالية والدبابات والمدفعية الثقيلة، أما عن ماكان متوفر هو عربتان تحملان سلاح 23 تابعة للواء فيصل رجب كانت ترافقه أينما ذهب وأيضاً كان هناك أسلحة خفيفة ومتوسطة فقط وكان عليها شباب اللجان الشعبية، وكانت هناك مجموعة صغيرة من الدبابات لا جدوى منها فقد تم سحب الإبر منها .
في الساعة السابعة والربع صباحاً بدأ إطلاق نار من سلاح 23 كان مصدره من خلف مثلث العند تابع للعدو المليشاوي وكان هناك رد من القوة المتواجدة.. إطلاق النار من قِبَل المليشيا الإنقلابية المتسللة كان الغرض منه بث الرعب في نفوس تلك القوة المتواجدة وتشتيتهم ليحاصروا القيادة الكبيرة وأسرهم ليكونوا ورقة ضغط، وبالفعل تم لهم ما أرادوا فتفرقت المجاميع مع إستمرار إطلاق النار، فإنسحبت القوات والقيادات إلى الخلف جراء ذلك الوابل من النار وفي هذه الأثناء تعالت أصوات تقول بيعة..بيعة أي بما معناه أن هناك خيانة جنوبية من جهة ما، فكان الإنسحاب إلى قاعدة العند للقيادات وبعض الأفراد أما قوات اللجان الشعبية الجبانة بقياداتها وأفرادها فرُّوا هاربين إلى مناطقهم كالجرذان المذعورة إلَّا من بعض الصناديد الذين صمدوا وثبتوا مع القادة الثلاثة ناصر منصور وفيصل رجب وجعفر محمد سعد وحراساتهم الشخصية وبعض الأفراد، في هذه الأثناء وصل فخامة رئيس الجمهورية للخط العام وتم إقناعه من قِبَل القادة الثلاثة بالعودة إلى عدن لإن الوضع كان خطيراً جداً، وفي ذلك الحين وصل النمر اللواء محمود الصبيحي ومرافقيه وتم الرجوع إلى ماقبل مفرق طريق لحج أبين وتم توزيع القوة المتبقية .
في أثناء الترقُّب والإنتظار كانت هناك إتصالات للقيادة العسكرية المتواجدة في عدن وخاصة تلك القيادة المتواجدة في مقر القيادة في التواهي ولكن دون جدوى لا أحد يرد ، على الرغم من إنه قبل ذلك اليوم كان هناك إجتماع في المساء الساعة الثامنة والنصف في قيادة العمليات في التواهي بحضور كل من قائد المنطقة العسكرية الرابعة ورئيس جهاز الأمن القومي ونائب وزير الداخلية وقائد اللواء 31 مدرع .
بعد الترقب والإنتظار بدأ توزيع المهام والقيادات العسكرية وأفراد حراسة اللواء محمود الصبيحي وأيضاً أولئك الأفراد المتواجدين، وأثناء توزيع المهام تفاجأوا ببدء الهجوم والتقدم من قِبَل قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة للحرس الجمهوري والحوثة بعربات ومدرعات وكان مع التقدم إطلاق كثيف للنار بشكل عشوائي من أسلحتهم الثقيلة وكان هناك رد من قبل القوة التي يقودها اللواء محمود الصبيحي ولكن دون جدوى بسبب فارق إمتلاك الأسلحة لدى الفريقين ما أدى إلى تشتت القوة الضئيلة المتواجدة .
وفي خِضَمِّ الكَرِّ والفر وجدت نفسها هذه القوة الصامدة فوق تبة رملية على الخط الرئيسي ووابل من الرصاص يُطلَق عليهم ما أدى لإستشهاد المرافق الشخصي للواء محمود الصبيحي وأُصيب كُلاً من العميد ركن فيصل رجب في كتفه واللواء ناصر منصور في فخذه واللواء محمد جعفر سعد في ظهره وفخذه من الناحية الخلفية، وتم تقدم العربات والمدرعات التابعة للأمن المركزي والحرس الجمهوري وتفرقت البقية القليلة من المرافقين والمشاركين والصبيحة وغيرهم وتمت محاصرة القيادات، وتم أسر كل القيادات باستثناء اللواء جعفر محمد سعد كونه لم يكن معروفاً لديهم وكان بدون رتبته العسكرية وأيضاً كانت إصابته بليغة فلم يؤسر وأرسلوه إلى مستوصف لا نعلم أين كان موقعه أما بقية الجنود والمرافقين وغيرهم بعد أسر القادة الثلاثة تفرقوا إلى لحج ومنهم من ذهب بإتجاه خط العلم أبين ولم يؤسر أحداً منهم .
وفي الأخير تلك القيادات الأخرى التي خذلت وزير الدفاع والتي لم ترد على الإتصالات أثناء تقدم جحافل قوات المليشية الإنقلابية كانت تعلم بذلك وكانت تنتظر ما سيحصل في المعاشيق .
هذا كل ماوردني من المصدر الموثوق، والأمر الذي أزعجني وكدر خاطري هو تلك الخيانات وأعمال النهب التي رافقت تلك الأحداث الأليمة، فهناك رجال شجعان ضحوا لأجل الوطن فمنهم من إِستُشهِد وهناك من هو معتقل في الأسر وهناك من هو مختفي قسراً أما في الطرف الآخر فهناك الخونة والعملاء واللصوص الذين لا يوجد في قاموسهم كلمة وطن..وهناك آخرين لا يُقدِّرون تضحيات هؤلاء الأبطال الأحياء منهم والشهداء والجرحى والمعتقلين.. ليس لدي كلام أضيفه ولكنني أمتلك في قلبي إيمان بالله عز وجل بأن النصر سيكون حليفنا.. وأخيراً أسأل الله أن يرحم شهدائنا الأبرار ويشفي جرحانا ويفك أسرانا فهو حسيبنا ووكيلنا .
علي هيثم المميسري