تحولت المنظمات الأممية العاملة في اليمن سواء ذات النشاط الحقوقي أو الإنساني، إلى وكلاء دوليين للدفاع عن الانقلابيين وتحسين جرائمهم وتحميلها غيرهم، من خلال تقارير دورية وبيانات صحافية يترتب عليها قرارات دولية. هذه المنظمات تساوي بين الضحية والجلاد والشرعية والانقلاب، ترفع صوتها بإدانة كاملة واضحة إن كان المتهم الحكومة الشرعية، وتلتزم الصمت إن كان الانقلابيون، بل وتستخدم لغة تعميم لتوزيع المسؤولية وتقييدها ضد مجهول. بان كي مون يدين العنف في تعز دون فاعله، مع أن العنف لا يأتي إلا من فاعل، ولأن الفاعل الطرف الحوثي، دافع عنه بإبقاء المسؤول مجهولا، وهي لغة بعيدة حتى عن الدبلوماسية. تتعامل المنظمات الأممية مع الحوثيين كسلطة شرعية، مثل خطاب مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة القيادي الحوثي محمد حجر، بصفته قائما بأعمال وزارة الخارجية في صنعاء. ممثل المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جورج أبو الزلف، أحد النماذج المتعاونة مع الانقلابيين، والذي يضلل المنظمة الدولية بتقارير مصادر معلوماتها ممن يدافع عنهم، وهم المتهمون بارتكاب الانتهاكات التي تضمنتها. مطلع العام الجاري، اتخذت الحكومة اليمنية قرارا شجاعا بطرده، بعد اتهامه بالتواطؤ مع الانقلابيين وتجميل جرائمهم والدفاع عنهم بطريقة غير مباشرة عبر تقاريره وبياناته الصحافية، لكنها ومع الأسف تراجعت لاحقا بضغوط أممية. ارتكب الانقلابيون كل أنواع الجرائم في القانون الدولي الإنساني، ومع ذلك تغاضى عنها أبو الزلف ولم يذكرها في بياناته وتقاريره، وكان يستخدم لغتهم في تمييع وضع حقوق الإنسان في البلاد. منذ افتتاح مكتب للمنظمة في صنعاء عام 2012 واختيار أبو الزلف ممثلا لها في العام التالي، شهد اليمن جرائم وانتهاكات غير مسبوقة سواء باجتياح الحوثيين لعمران مطلع 2014 وتهجيرهم وقتلهم المئات من المواطنين، ثم صنعاء والحرب الحالية، ولم يصدر تقرير يدينهم كمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. اختارت هذه المنظمات العمل تحت سلطة الانقلابيين بصنعاء، وتتلقى تصاريح الزيارات الميدانية منهم، ورغم كل العراقيل التي يضعونها في طريقها، إلا أنها تمتدحهم ولا تصعّد ضدهم حتى وهم ينهبون المساعدات الإغاثية. لا تريد العمل بالمحافظات المحررة سواء بفتح مكاتب لها في عدن أو مأرب أو اختيار منسقين ميدانيين لها، وإذا فعلت الخيار الأخير، فإنها تختار الموالين للانقلابيين ليقدموا معلومات غير حقيقية تعكسها بتقاريرها الدورية. حتى على مستوى الدورات التدريبية، اختارت المفوضية 18 متدربا من المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الانقلابيون، وتحرص على اختيار ممثلين لها بالمحافظات ممن يوافق عليهم الحوثيون. الحكومة اليمنية معنية بمراجعة أداء وأنشطة هذه المنظمات وطرد من يثبت خروجه عن مهمته من القائمين عليها، واعتماد معايير صارمة في منح تصاريح العمل، وانتزاع هذه الورقة القوية التي يستخدمها الانقلابيون لصالحهم بالتأثير والضغط على المكاتب الموجودة بصنعاء لتخدمهم بالتقارير الحقوقية. اللغة الناعمة في توصيف ما يقوم به الانقلابيون، وتبرير المنظمات التي تستخدمها بأنها المناسبة والحيادية، مغالطات فضحتها الوقائع والأحداث، بانحيازها لهم وتبرير مسؤوليتهم من الجرائم وإلقاء مسؤوليتها على آخرين لم يرتكبوها.