لا زال العالم كله يترنح اليوم بسبب اللطمة الكبيرة التي وجههاالانفصاليون الإنجليز والولزيون لاوروبا والعالم ، ففي الأسبوع الماضي ويوم الجمعة بالتحديد أعلنت نتائج الاستفتاء المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ، حيث دعي مايقرب من ستة وأربعون مليون مواطن للاستفتاء، وقرروا باغلبية بسيطة تقارب 52% الخروج من الاتحاد الاوروبي .
هذ الاستفتاء الذي لم يكن في صدارة الاجندة للمملكة المتحدة منذ شهور ولكن تصاعد الصراع داخل الأحزاب البريطانية التقليدية بسبب الازمة الاقتصادية التي يعيشها العالم خلال العشر السنوات الماضية ، والحروب الصغيرة الكبيرة المشتعلة على حدود أوروبا ، وما تولد عنها من كوارث الهجرة وعمليات ارهابية كبيرة ضربت مرافق سيادية داخل أقوى دول أوروبا ، كل ذلك سبب تصدعات كبرى في البنية السياسية لهذه المملكة الهرمة والتي اصر عجائزها الا ان يمضوا الى نهاية الشوط في مقامرة لم يكونوا يتوقعون نتائجها .
بريطانيا العظمى او المملكة المتحدة او الامبراطورية السابقة سمها ماشئت ،بملايينها الذين يتجاوزون الستين ، الموزعون على مقاطعاتها الأربع الرئيسية إنجلترا ، ويلز ، إسكتلندا وإيرلندا الشمالية صوتت بشكل مثير للدهشة والاضطراب والحيرة لدا الجميع .
- مقاطعتي إنجلترا وويلز هما اللتان صوتتا بشكل رئيسي ضد الاتحاد بينما الاسكتلنديون والأيرلنديون رفضوا الخروج من الاتحاد .
- كبار السن فوق الخمسين عاما صوتوا مع الخروج وصوت الشباب مع الاتحاد
- مدن صغرى والارياف صوتت ضد الاتحاد والعاصمة لندن بملايينها الثمانية صوتت مع الاتحاد
- الأحزاب انقسمت بشكل مثير ولم تفرز النتائج الا مايشير الى ان الاستفتاء قد ألقى بعواقب وخيمة على الأحزاب الكبرى وقياداتها .
- نتائج الاستفتاء محبطة ، حيث كشفت تقارب النتائج (52% مع و48ضد) انقسام حاد في المجتمع البريطاني .
- المؤسسة الملكية تراقب هذا الطوفان وتتحسس جسدها المترهل ، هل بقي عندها من قوة لتجاوز هذه المِحنة .
- الجنيه الاسترليني يهوي ويهوي ومعه سيعاني احد اكبر اقتصادات العالم بدخل يقرب من الثلاثة ترليون وموقع اقتصادي من حيث القوة يحتل المركز السادس عالميا.
- دولة الثورة الصناعية الاولى في العالم واللغة الاقوى في العالم والجيش الذي كان لا تغرب عنه الشمس ،خائفة وجلة بعشرات ملايينها من انفصال ادنبرة بملايينها الخمسة .
وهاهم الملايين يبادرون الى تقديم الاقتراحات بضرورة التريث وربما اعادة الاستفتاء وكانهم يقولون ان هناك خطأ كبيرا وجسيما قد ارتكب في ساعة سكرة ، إمنحونا فرصة اخرى ، لا تقضوا على مستقبلنا ولتذهب نتائج الاستفتاء الى الجحيم ، ولكن هيهات فهذه اعرق الديمقراطيات لو سمحت لمثل هذا الهراء فستلاحقها لعنات التحايل الى الأبد .
وهاهي بريطانيا التي ظلت لقرون تتفنن في ايذاء الصغار ورسم الخرائط وتغيير الحدود وإقامة دول ومحو اخرى
هاهي تعيش الصدمة ، والأذى يصل اليها ، وخرائطها يرسمها اخرون ، وتشرب من نفس الكأس التي جرعتها مرارا لاخرين .
فهل سيعيد الكبار حساباتهم ؟ وهل سيكفون عن اللعب بالنار في ميادين الصغار؟ هل سيحترمون المواثيق والاعراف ؟ هل سيحرصون على أمن العالم ويمسكون عن العبث ؟ ام انها اللعنات تطارد اليوم الكبار !!
م / وحيد علي رشيد
الخميس 30 يونيو 2016