عارف أبو حاتم
كان شيئا مخزيا من الناحية السياسية أن يناقش الغرباء قضية وطنك الذي تحمله على كتفك كرتبة عسكرية وينحونك جانبا كمرافق يقف خلف مارشال، عليه الآن الانتظار خلف عتبات الكبار، وبوجه منكسر عليه أن يبستم حين ينتهون من اجتماعهم عسى أن يجودوا عليه بقليل من تراب الوطن ينام عليه!.
رباعية الأربعاء الماضي بلندن كانت نسخة هجينية من رباعية فلسطين التي لم تحق حقا أو تبطل باطلا، كانت مسخا عبثيا مر فوق جسد اليمن المتهالك وربت عليها بنصيحة: سلم أمرك للحوثي اليوم.. وسينصرك الله غدا!.
الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات بلندن لبحث حل لأزمة اليمن غاب عنه ممثل اليمن!.
ولأن المعني بالأمر خارج سياق اهتمامات المجتمع الدولي والاقليمي فقد خرج وزراء خارجية الرباعية ببيان كان علينا أشد وطأة من قذائف الحوثي وتدليس المبعوث الأممي وتواطئ المجتمع الدولي مع الميليشيات التي دمرت وطننا وأحلت برلماننا وأسقطت حكومتنا وفجرت معظم بنيتنا التحتية، وصادرة أحلام جيل يعيش الخيبة، وأجيال سترث الرماد والخراب.
ليس وطني ذاك الذي يحملني داخل قصاصات ورق تسمى جواز، بل ذاك الذي أحمله على كتفي كالنشيد الملحمي، كإلياذة كتبتها كل العصور، فمن خولكم بالحديث نيابة عن حكومتنا الشرعية وشعبنا الذي يولد من رحم الموت كل يوم؟
بيانكم الخجول ليس فيه جانب مضيء أو عمل إيجابي لو تركتم الحوثي يكتبه لكان أشد رحمة بنا منكم.. أيعقل أن يغفل وزراء أربع دول مشرفة على وضع اليمن منذ سنوات عن مسألة تسليم سلاح الحوثي الذي هو أساس كل مصيبة في اليمن، بل لم ترد كلمة السلاح مطلقاً في بيانكم، وعلى استحياء دعوتم الجماعات المسلحة للانسحاب من العاصمة والمناطق الأخرى، هل في العاصمة من أحد غير الحوثي يتربع على عرش الخراب؟.. وما هي هذه المناطق الأخرى؟.. بلغة أكثر فصاحة تريدون الحوثي أن ينسحب بكامل سلاحه من المدن إلى الضواحي، وحين يغضب يستطيع أن يجتاحها في لمح البصر.
ودون مراعاة لمشاعر شعب مجروح في كبرياءه وشرعية تبحث عن حقها الدستوري باعتبارها الممثل الوحيد لإرادة الشعب اليمني ذهبتم تتحدثون عن حكومة وحدة وطنية.. أي حكومة هذه التي يمكن أن تأتي قبل استعادة الدولة ومؤسساتها من قِبل مغتصبيها.. الجيش والأمن والقضاء والبنك المركزي والوظائف العليا ومقرات الوزارات والهيئات والمصالح كلها بيد ميليشيا الحوثي.. فأي حكومة ستعمل تحت رحمته.. هل تريدون حكومة هلامية لها وظيفة واحدة تشرعن له الانقلاب، وتحوله من ميليشيا إلى دولة شرعية؟!.
وإذعاناً في طاعة أمريكا وضعتم أيديكم على قلوبكم خوفاً على اليمن من توسع القاعدة وداعش.. أيها السادة لا يوجد لدينا شيء اسمه داعش وأنتم تعرفون من يفجر ومن يكتب البيانات الالكترونية ويتبنى العمليات الارهابية, وتعرفون أن “القاعدة” تعيش عصرها الذهبي في عهد الحوثي، وتعرفون أكثر أن لا حل لإنهاء “القاعدة” وإزالتها من الوجود إلا بإلغاء سلاح الحوثي باعتباره الدينامو المولد للإرهاب والضغائن والخلافات المذهبية والدينية.
لقد منحتم الحوثي فوق ما يريد، وأكثر مما يتمنى!.
لن نصغي لكم بل سنحث قيادة الشرعية على مواصلة الخيار العسكري والعودة إلى الداخل اليمني، فالتاريخ يقول لنا أن الشرعية ليست مادة صلبة وهي في الداخل، بل قابلة للتغيير والزوال بمرور السنين وتعاقب السنن الكونية.. أما إذا غادرت الشرعية موطنها فإنها تتحول إلى مادة سائلة تسيح مع مرور الوقت.. تماماً مثل الثلج الذي لا يحتفظ بصلابته اذا غادر بيئته.
لقد كانت أقوى أيام الشرعية خلال هذه الحرب هي الـ86 يوماً التي قضاها الرئيس هادي في عدن.
ويوم غادر وترك عدن للصبيان النزقين تعثرت الشرعية وانكسرت جبهتنا الداخلية.. يُفترض الآن أن يستقر هادي في عدن، والحكومة في حضرموت، ونائب الرئيس في مأرب.. ومن هناك ستتغير موازين القوى ونفرض إرادتنا وشروطنا.
على قيادتنا الشرعية بكل منظومتها أن تتذكر:
ماذا فعل الشاه خارج ايران؟!.
ماذا فعل الملك فاروق خارج مصر؟!.
ماذا فعل محمد البدر وعلي سالم البيض خارج اليمن؟!.
ماذا فعلت مينغستو هيلاميريام خارج اثيوبيا؟!.
ماذا فعل الجنرال العنيد عيدي أمين خارج أوغندا؟!.
ماذا فعل الملك السنوسي خارج ليبيا؟!.
وماذا سيفعل هادي خارج اليمن؟!.
عودوا يعود الحق لأهله، فـ”الأرض تقاتل مع أصحابها”، كما يقول المثل الانجليزي.