--------
أضعت ربع قرن من عمري -وهي فتره ليست بالقصيرة أو الهينة من عمر إنسان يمر كومضة برق في هذه الدنيا- وأنا أجري خلف موضوع الجنوب والإستقلال .. ليتني أضعت هذه السنوات من عمري فحسب بل تركت الوطن والأهل وتجرعت مرارات الغربة وتجرعوا ولازالوا بعدي عنهم.. أضعت أيضاً فرص لا حصر لها في السلطة والجاه والمال.. طبعاً لست بنادم أبداً ليس لأني لم أنجح في مسعاي بل للكنز الذي وجدته في آخر هذا الطريق الشاق والمؤلم.. كنز إكتشاف الحقيقة وهي عارية مثلما خلقها الله سبحانه وتعالى...
الحقيقة التي تقول أن الجنوب الذي الذي حلمنا به وتخيلناه ليس موجوداً البته على أرض الواقع وماهو موجود هو نزعات مناطقية بغيضة تتدثر برداء الجنوب لتصل إلى مبتغاها وكأننا سننتقل من (سنحان) الشمال إلى (سناحين) الجنوب وكأنك يابوزيد ما غزيت.
نحن عاطفيون جداً ونصير أكثر عاطفية تصل إلى حد الهوس والجنون حينما نتعرض لضغوط الواقع القاسي والمؤلم ونهرب للحضن الذي نعتقده دافئاً وحنوناً ونكتشف بعد فوت الأوان أننا هربنا لجحر الأفاعي.
في أحد معسكرات التدريب في إرتريا يحدث تعصب مناطقي ويُقتل أثنان من أبناء عدن الحبيبة بسنان ثوار الجنوب المناطقيون الجدد..
في عدن وصل الإحتقان المناطقي إلى حدوده القصوى بين أبين من ناحية والضالع وأتباعها من يافع وأقول أتباعها من يافع لأن يافع للأسف أصبحت كبكيل في الشمال رغم كثرتها لكن مافيش بركة وتدور كتابع لكوكب الضالع. كل هذا يجري ونحن لازلنا بلا دوله.. تخيلوا!!!
في صنعاء أحكم الطائفيون الزيديون (الحوثيون) قبضتهم على شمال الشمال ويجاهدون للتوسع نحو المناطق الأخرى...
في الشمال تقاتل تعز ومأرب والبيضاء وإب وتهامة المشروع الطائفي، وفي الجنوب تذهب حضرموت ولديها الحق بعيداً عما يجري في عدن وبدأت تعلن عن خياراتها بطريقة لا مواربة فيها...
الحل في المشروع الثالث الذي يقوده الرئيس هادي، مشروع الدولة الإتحادية ذات الأقاليم الستة للإفلات من قبضتي المشروعين الطائفي والمناطقي وعلى الناس جميعاً أن يدركوا هذه الحقيقة لكي لا تأخذهم أوهامهم إلى الزرائب القديمة التي ستسومهم سؤ العذاب.
لن أعتذر عما أقترفته طوال ربع قرن لأني كنت أحلم بجنوب جديد مختلف وأكتشفت أن هذا الجنوب هو حلم في مخي فقط أما الواقع مختلف جداً وأن هنالك طريق جديد ومشروع جديد يمكن أن يكون حلاً للمأزق الذي يقع فيه الكل.. أنه مشروع الهادي الإتحادي ذي الأقاليم الستة والذي أن مضى فيه للنهاية وحققه على أرض الواقع سيرتفع في التاريخ لمصاف العظماء بسمارك الألماني وواشنطن الأمريكي وغاندي الهندي ومانديلا الأفريقي.. أتمنى أن يصمد هادي ويستمر حتى يرى هذا المشروع النور وفي المقابل على الناس التكتل خلفه وترك أعلام وأوهام الحرب البارده التي ولت ولن تعود بأذن الله.
#صالح_الجبواني