-----------------
صالح الجبواني
تتنازع اليمن الجريح، المتدحرج نحو حافة الهاوية والجوع ثلاث قوى، أثنتان على ظلال، أما الثالثة فأنها تقاتل على الحق لكن بعض أدواتها صدئه.
يمثل المناطقيون دورهم على المسرح في عدن كقوه خارقة بصفاقة، فحينما تمثل لابد أن تستوعب عناصر النجاح لكي تنجح، لكن أن يكون التمثيل هواية هزلية لمجموعة من (الورعان) الذين لم يجيدوا شي في حياتهم، فأن الأمر مضحك، بل وسخيف.. يا للصفاقة!
فلم قتل الإرهابي المفترض، الذي حمل حزاماً ناسفاً وأتجه نحو بيت (القائد) عيدروس ليفجره، كان فيه إستجرار للماضي بشكل واضح، فنحن -كما يقصد مخرج الفلم- قد عدنا كما كنا (أمن دولة) من الطراز الأول، وها نحن نحقق إنجازات عجزت عنها المخابرات العالمية كلها في تعقب الإرهابي، وتصويره، بل وتقمص ضابط (أمن الدولة) لزي رجل البلدية. كما كان يفعل جيمس بوند يمر الإرهابي على الرصيف، وعين الضابط (الكنّاس) تترصده، وما أن تجاوزه حتى تبعه وأرداه قتيلاً. لشلال أن يفخر، وشلال شخص طيب في أعماقة، لكنه غير متصالح مع التاريخ، أو فلنقل أن (الضالع الثورجية) غير متصالحة مع التاريخ ودفعت بشلال للواجهة ليمثل هذه الحالة خير تمثيل. أقول (الضالع الثورجية) لأن لدينا نسخ أخرى من الضالع متصالحة مع نفسها ومع التاريخ ومع الناس، وهي كغيرها من مناطق الجنوب تسعى لأن تكون طبيعية في محيطها الطبيعي. هذه النسخ ليس موجودة على سطح المشهد الذي غطته (الضالع الثورجية) بكل عزم وحزم لإستعادة التاريخ لكن في قالب كوميدي هذه المره.
أن تشاهد رجلاً يُقتل بهذه الطريقة (الجيمس بوندية)، فهذا يعني أن عليك أن تفهم (أننا عدنا، أكثر قوه، وأكثر ذكاء، وما كنا نفعله زمان خلف القضبان والجدران، سنفعله اليوم أمام الكاميرات، للقضاء على الإرهاب (مكارثية). الإرهاب هنا غير محدد الملامح. الإرهاب بالنسبة (للمخرج الأمني) قد يتقمص كل من يقف في طريق إستعادة (المشروع المقدس).. ( سر بنا يا عيدروس وشلال ولتكن معركة لا تبقي ولا تذر، لا يغمد سيفان في غمد واحد، فعدن لنا أو لهم......) هكذا كتب أحدهم وهو محامي وليس جندي أخرق!!!
في الشمال الواقع تحت قبضتها تصادر الطائفية السلالية كل شي، من الوعي الذي يتم بذره ورعايته في المناهج، إلى إجراءات كثيره لا تعد ولا تحصى، آخرها مصادرة دار الإفتاء، بإزاحة الزيدية المعتزلية التي كان هواها يمنياً، وتعايشت مع السنة لأن لديها معهم قواسم مشتراكة، وإحلال الحوثية الجارودية ذات الهوى (الأثنعشري). المشروعان الطائفي والمناطقي ليس لديهما من الحجة والمنطق ما يرفدهما غير الأوهام، لكن ماهو أهم هو أنهم يدفعون القوة الجامحة التي بين أيديهم لتحويل أوهامهم إلى حقائق على الأرض.
المشروع الثالث الذي تمثله الشرعية، هو من حيث الجوهر، مشروع المستقبل، ذلك أنه يتكئ على ثلاث ركائز تؤسس ليمن المستقبل هي:
- المبادرة الخليجية كشهادة وفاة لنظام المخلوع وشهادة ميلاد لنظام جديد.
- مخرجات الحوار الوطني كشهادة وفاة للمشروعين الطائفي والمناطقي، وشهادة ميلاد لليمن الإتحادي الجديد من ستة أقاليم.
- قرارات مجلس الأمن وهي تمثل الصك الشرعي بيد الشرعية والتحالف للإستمرار في الحرب وإسقاط الإنقلاب بناء على مشروعية المرجعيتين أعلاه.
نعم الشرعية تمثل يمن المستقبل بدولته الإتحادية، وأقاليمه السته، لكن مشكلة هذا المشروع أنه يستخدم بعض الأدوات الصدئه. فأنت في طريقك لبناء مشروع جديد لا يمكن بناءه بأحجار قديمة قد أستهلكت في البناء القديم، بمعنى أن كثير من الإنتهازيين والمرتزقة والعفاشيين موجودين في مفاصل الشرعية، لذلك وبدون تنقية الشرعية من أدرانها فأن الحرب ستطول، وأن طالت الحرب سيكون على الكل القبول بتسوية ما، وهذه التسوية ستقضي على المرحعيات الثلاث وبالتالي اليمن الإتحادي الجديد.. أقول وأكرر أن قيادة الدولة التي يمثلها الرئيس هادي، ونائب الرئيس الفريق الأحمر، ورئيس الوزراء د. بن دغر يتحملون مسئولية تاريخية تجاه تعزيز صفوف الشرعية، وتنقيتها من أدرانها لتسريع الوصول للإنتصار، للشروع في بناء يمن المستقبل.