في الجنوب مرض أسمه الثوره والثوار.. تحولت الثورة إلى مؤسسة أنتجت أجيال من المُعاقين فكرياً وسياسياً وسلوكياً.
الثورة في المعنى والإصطلاح حركة تغيير لوضع فاسد بائس، والإنتقال لوضع جديد نظيف وصالح. بعد التغيير تنتهي مهمة الثورة، بل يجب أن تنتهي الثورة ذاتها، لأن الإستمرار في الثورة وتمجيدها وتقديسها وتحويلها لمؤسسة يحولها لأداة هدم للوضع الجديد، لأن الثورة في الأساس أداة هدم، لكن هدمها للوضع الفاسد هدم محمود، أما الأستمرار بها هو أستمرار للهدم والتدمير للنظام الجديد.
الثائر هو مزيج من الملاك والشيطان، فرومانسيته وتفانيه وأخلاصه بل والأستعداد للتضحية بروحه في الثورة لهدم الوضع الفاسد البائس يجعله ملاكاً، لأنه أرتقى من طبيعة الإنسان العادي لطبيعة مختلفة، لكن أستمرار الثائر كثائر بعد إنتصار الثورة، وبأسم الثورة يحول السلطة والوطن كحيازة له مكافئة على دوره في الثورة يحوله إلى دكتاتور وشيطان.
نحن في الجنوب عانينا الأمرين من هذا الوضع، فالثورة مستمره منذ خمسين سنه ونيف، وطوال هذه الفتره دمرت الثوره كل شي في طريقها، والثوار حازوا السلطة والوطن ودمروه ودمروا أنفسهم، وهاهو الجيل الجديد من الثوار يسير بذات الإتجاه بشكل أكثر جنوناً وهوس.
الثورة والدولة لا يلتقيان أبداً، فحينما تنجز الثورة مهمتها، يجب أن تنتهي، تتحول ذكرى فقط، وتحل مكانها الدولة. للثوره رجالها، وللدولة رجالها، وهذا لا يمنع أن يتحول أحد الثوار إلى رجل دولة لكن بشرط أن لا يأتي للدولة عن طريق الثورة، بل عن طريق عملية سياسية مختلفة تتمثل في الإنتخابات، والآليات الديمقراطية الأخرى.
الحراك الجنوبي ثورة سلمية، والمقاومة الشعبية الجنوبية جهاز عسكري طوعي تكون بدون ترتيب مسبق لقتال الحوثيين وقوات عفاش. المقاومة والحراك أنجزا مهمتيهما. أستبشرنا خيراً بتعيين الزبيدي وشلال وغيرهما من رجال الحراك والمقاومة في جهاز الدولة، لكن الثوار لم يفلحوا كالعادة في إدارة شئون الدولة.
اليوم لم يعد للحراك أي مهمة وإستمراره هو أستمرار للهدم والتدمير وإعاقة الدولة لإنجاز مهامها.
المقاومة الجنوبية يجب أن تذوب في الجيش والأمن لأن مهمتها أنتهت بالتحرير وأستمرارها لم يعد له أي لزوم، بل يحولها لمليشياء تقف في وجه الدولة.
مسرحية هزيلة مستمره منذ خمسين سنه حتى اليوم، يجب أن يسدل عليها الستار، فقد كلفت شعبنا الكثير ولم يعد مستعداً لدفع المزيد..
أصحوا يا ثوارجه وفضوها سيره...
#صالح_الجبواني