كتب لي أحد الأصدقاء بالأمس من عتق
رسالة مؤلمة من ناحية، ووقحة من الناحية الأخرى،
أما الجانب المؤلم فيها فقد ذكرني بتلك الأيام الخوالي حينما كنا عصبة قليلة نناضل ضد عفاش ونظامه وإحتلال عساكره ونسطر ملحمة مواجهة بطولية على قل ذات اليد ومحدودية الإنصار والوقوف وحيدين لا معين ولا نصير إلا الله، بينما هؤلا الذين يتربعون اليوم على واجهة المشهد كانوا يرفلون في نعيم عفاش بالمناصب والأموال وحشد الناس خلف وحدة عفاش المصمته على وجه واحد وقالب واحد. نعم أتذكر كل ذلك وللذكرى شجن، ولتلك الأيام وقع خاص في النفس حينما وقفنا ندافع عن شعبنا ووطننا بينما أولئك يقفون في الإتجاه المعاكس...
أما الوقاحة فقد قال أني (بعت هذا التاريخ وهذا النضال للإصلاح وتخليت عن الجنوب) كتبت له على هونك أيها الصديق، دعني أوضح لك بعض النقاط:
- التخوين دين جنوبي، نعم دين وله أركان وطقوس وشعائر.. أن لم تكن مع شلة مناطقية صادرت الجنوب فكراً وممارسة، سياسة وحلم فأنت خائن.. الجنوبيون خارج هذه الدائرة المناطقية واقعون تحت التأثير الكبير للدعاية الإعلامية لهؤلا.. أما تخوين العفافشة القدامى المناضلون الجدد لي فهذا شرف كبير فقد خونونني في الماضي، لا جديد في الأمر وأن كانوا يصدرون اليوم عن مواقع جديده في العلن وفي السر يتبعون الدوائر الأمنية لعفاش ذاتها.
- الجنوب ليس كعبة عربية نحج لها، أو بقرة هندية نتعبد لها.. الجنوب قضية سياسية وحينما أرى أني أنا أبن شبوه وقد ناضلت طويلاً سأسلم الجنوب تحت وهم النضال المقدس لشلة مناطقية لا تملك أرض ولا إقتصاد ولا ثروه وكل ما تصدّره هو الشعارات والعساكر والقتل والتخوين فأني لن أشارك في هذه المهزلة التاريخية مجدداً، وسيكون لدي صياغة مختلفة للجنوب، وقد وجدت هذه الصياغة في الستة الأقاليم.
- في السياسة لا شي مقدس فأنا معك وإليك وفقاً لمصالحي، وضدك وأناضل في مواجهتك وفقاً لمصالحي أيضاً.. أنا لا أتفق إيدلوجياً مع الإصلاح لكني في مرحلة سياسية إذا حتمت مصالحي أن أتحالف مع الإصلاح فليس هنالك من ضير في ذلك.. الإصلاح اليوم يؤيد الستة الأقاليم وأنا أؤيدها فما المانع أن نتحالف.
- ما أزعجني في أخواننا أهل شبوه الذين أيدوا مجلس عيدروس أنهم المحافظة الوحيدة الذين عملوا مهرجان مبايعة في عتق للفانوس في سابقة لم تفعلها الضالع نفسها.. هذا يدل على الخفة وعدم الأعتزاز بالنفس بل والسقوط في إتباع مشاريع مناطقية جربناها في الجنوب زمناً طويلاً لم نجن منها غير الويل والدمار...
الجنوب المناطقي الذي يكاد يسيطر عليه اليوم من خلال مجالس مشبوهة أولئك الذين سيطروا عليه بالأمس وقادوه للمذابح الجماعية والتلاشي في تسليم مشهود لعفاش يوم 22 مايو 1990 ليس هو الجنوب الذي نريد، وليس في أيدينا في هذه اللحظة جنوباً آخر.. إذن أين الحل؟
الحل هو في الدولة الإتحادية بستة أقاليم كما أقر مؤتمر الحوار الوطني.. سيعود المناطقيون إلى مناطقهم عضو طبيعي، كما سيعود الطائفيون كذلك إلى مناطقهم كأناس طبيعيون في المجتمع، وحينها سنعيد تشكيل الوطن بصورة حضارية محترمة، وإذا ظل المناطقيون والطائفيون يعبثون في هذا الوطن فلهم أن يقيم كل منهم دولته في منطقته، أما نحن في المشرق لن ننتظر لهم بل سنحدد خياراتنا السياسية كما تحتم مصالحنا، هذا ما سيحصل وما نحاول أن نفهّم (بعض البقر) به، وهم عن الحق غافلون وبالشعارات الجوفاء مستهامون.
#صالح_الجبواني