إعادة تعريف الجنوب

2017/06/20 الساعة 04:23 مساءً
--------------- منذ عام ٩٤ عندما أنتهت الحرب بإنتصار المخلوع صالح وجيشه بداء البحث عن الجنوب مجدداً بين الخرائب، وسلوك القبائل وبارود ثاراتها، والفساد العميم المقيم، ولكن لأن الجنوب دخل الوحدة كشطر من الوطن اليمني الواحد لم يكن معرفاً بما فيه الكفاية ليستقيم البحث عنه. الذين هزموا في ٩٤ كقيادة وحزب وهم ينتمون لمنطقة المثلث ذهبوا نحو الدفاتر القديمة يبحثوا بين دفتيها عن هوية تعطيهم المشروعية للنضال ضد الوضع القائم المستجد بعد الحرب، ولم يجدوا غير الجنوب العربي، وهو الهوية السياسية للدولة الفيدرالية للمحميات الغربية، هذه الهوية التي تخلى عنها الجفري نفسه وقال لي في جده في العام 2002 أن الجنوب العربي في عرف الرابطة هو اليمن ومادام اليمن تحقق وصار بين أيدينا فلا داعي للجنوب العربي، وهذا الكلام مدون في صحيفة الأيام في مقابلة أجريتها معه أنذاك للصحيفة. الجفري عاد مؤخراً لهذه الهوية نتيجة لضغط السياسة وليس لأن هنالك هوية أسمها الجنوب العربي تكافح للظهور والسيادة مجدداً. جزء كبير من المثلث كان يتبع دولة الإمامة حتى أن العلامة محمد بن الحسن أبن شرف الدين والقاضي أحمد بن أحمد المروني ونجله الفقيه عبدالرزاق جلسوا مع الإمام أحمد في ليلة مقمرة في وادي ظهر كما جاء في مذكرات القاضي زبارة النسخة الثالثة التي دونها مطهر بن يحي بن أحمد الموشكي أنهم تبادلوا أطراف الحديث في الطابق العلوي (المفرج) الذي شيده الإمام يحي، فقال القاضي المراني أطال الله عمرك يا مولاي أن أذنت لي أن أسألك في أمر خطر ببالي اللحظة، فأذن له الإمام، فقال القاضي أحمد: ألا ترى أنه لحقنا غبن نظير مبادلة الإنجليز بالضالع وأجزاء كبيره من يافع حمير مقابل شمر البيضاء. فوثب الإمام يحي من مكانه وقال والله لو أستزادوني مخلاف عنس بن مذحج لقبلت بالمبادلة، ولئن طال بي وبك عمر لأيقنت صواب ما أقدم عليه مولاك. يفيدنا هذا النص أن الضالع وأجزاء كبيره من يافع كانت تحت حكم الإمام وتتبع مملكته، لكن إتفاقية ١٩٣٤ بين الإمام والإنجليز بادلت هذه المناطق وأصبحت جزء من محمية عدن البريطانية وشمر البيضاء صارت جزء من المملكة المتوكلية، ويفيدنا النص أن علاقة هذه المناطق بالإمامة لم تكن جيده بل أن الإمام تمنى أن يعطي الإنجليز أيضاً مخلاف عنس بالتأكيد للقلاقل التي تأتي من هذا المخلاف وتؤرق الإمام أو كترضية لهم لقبول هذه المناطق. إذن هذه المناطق هي اليوم التي تتبنى هوية الجنوب العربي وهذه الخلفية تكفي لنعرف السبب خلف ثورة هذه المناطق الجارفة، وأشواقهم الحارقة للعودة للجنوب بهوية مختلفة. بالتأكيد هذا يجافي التاريخ تماماً فالجنوب هو جزء أصيل من اليمن ولا يمكن لأحد سلخة من هويته اليمنية حتى وأن قامت دولة مستقلة في الجنوب. لا يمكن لنا إعادة تعريف الجنوب بمعزل عن هويتة اليمنية الأصلية، وضمن هذه الهوية نستطيع إيجاد الحل العادل لقضيته، وقد درس مؤتمر الحوار هذه القضية بإستفاضة وخرج بإقرار مبداء الدولة الإتحادية التي ستتكون من ستة أقاليم حسب ما أقرت نتيجة تقسيم الأقاليم وهذا هو الحل العادل ولا غير، لكن أن نتبع المثلث وصراعهم التاريخي مع صنعاء وأمراضهم المزمنة لنرتدي رداء ليس لنا ولا علاقة لنا به فقط من أجل أن نلبي رغبة هؤلا في العودة للسلطة والتسلط فلا يجوز ذلك أخلاقياً ووطنياً ودينياً. نعم كنت أنادي بالجنوب لتصوري بهوية جنوبية منفصلة لكن بعد أن تأملت طويلاً وقرأت ورأيت ما يجري في عدن خصوصاً والجنوب عموماً فليس من حل حقيقي غير الستة أقاليم في إطار دولة إتحادية يمنية وهذا ما يجب أن نناضل من أجله جميعاً وهو إعادة التعريف الحقيقي للجنوب في المنظومة اليمنية. #صالح_الجبواني