إيهابُ شهيداً
محمد احمد بالفخر
إيهاب لقد نجوتَ بقدرةٍ
من عارنا وعلَوتَ للعلياءِ
اصعد فموطنك السّماءُ وخلِّنا
في الأرضِ إن الأرضَ للجبناءِ
حقيقة لا أدري ماذا أكتب ولم أجد في مخيلتي سوى تلك الأبيات التي قالها احمد مطر في تأبين صديقه ناجي العلي، فاستبدلت هنا ناجي بإيهاب الذي ارتقى شهيدا برصاص الغدر والخيانة والارتزاق ظهر يوم الثلاثاء في عدن ضمن مسلسل القتل الذي مازال مستمراً وِفْقَ مخطط ممنهج بدأ منذ بضع سنوات مستهدفاً كل المستنيرين ومن يقومون بخدمة المجتمع وبعض القيادات الأمنية والعسكرية كما حصل من أسلافهم في سبعينيات القرن الماضي،
الفرق بينهما أن تلك الجرائم ينفذها زوار الفجر وتتم تحت مسمى دولة، وأما هذه تتم في أغلبها في والشمس في رابعة النهار وأمام مرأى المارّة والمشاهدين والمنفذ عصابات مليشاوية.
وهكذا ترتكب الجريمة وتتلوها أخرى ويكشف فيما بعد عن مقاطع تسجيل مصورة باحترافية بالغة من خلال كاميراتٍ مثبّتةٍ على رؤوس القتلة المجرمين توثيقاً لعملياتهم الاجرامية التي استهدفت اشخاصاً آمنين إما يسير في طريقه ذاهباَ الى المسجد أو عمله أو راجعاً منه كما حصل للشهيد إيهاب.
ماذا صنع لكم إيهاب لتستهدفوه؟
هل لأنّه نشأ في رحاب القرآن الكريم متعلماً وحافظاً ومعلماً وعاش حياته قرآنا يسير في الأرض صالحاً في ذاته وسلوكه محباً للخير والخيرين ساعياً لتقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين في مجتمعه مرحاً أليفاً لا تسمع منه إساءة لفظية ولا كلمة نابية متخلقاً بخُلق القرآن،
وإذا عُدنا للمخطط ذاته نجد أنه ممنهج لتجفيف المجتمع من صلحائه ومستنيريه وقوى التأثير ليسهل تمرير الأجندات الخفية التي تستهدف الوطن وأمنه واستقراره ويصبح المجتمع داخله مجرد قطيع من الأتباع والمصفقين والهتّيفة،
لا همّ لهم إلاّ الشهوات والملذّات يتم تحريكهم وفق ما يشاء الراعي ووفق أجندات مرسومة سلفاً أعدّت بعناية فائقة ويُمهّد لها بحملة شيطنة عجز إبليس أن يأتي بمثلها، من خلال جوقة إعلامية منظّمة برع فيها مجموعة محترفة تم صناعتها بإتقان بعد شخبطت عقولها وفكرها وبعد أن أُغدق عليها من فتات المال المدنّس والاستمتاع بالملذات المحرّمة،
والأسوأ من ذلك مجاميع هائلة من المتطوعين بالمجان نتيجة أمراض وأهواء يصفقون لهذه الفئة بل ويتخطّونها بخطوات في شيطنة المعارضين لأهوائهم بل وصلوا الى التحريض اليومي بالقتل والاستئصال لكل من عارض مشروعهم أو كان له رأياً مخالفاً لطرحهم، فبالتالي يُقدِمُ المجرمُ على ارتكاب جريمته وله رصيد من التأييد اللفظي والفعلي بالدعم المادي والمعنوي فيرتكبها بدمٍ باردٍ ولا يرجفُ له رمش ولا يشعرُ بلحظة تأنيب ضمير،
هذا هو الواقع الآن فكيف لو تحقق مشروعهم ونُفّذت أجندتهم وفق ما يخططون له،
إيهاب باوزير قد ذهب إلى ربه شهيداً مجيداً وقدم عليه مظلوما كغيره ممن سبقوه من شهداءِ عدن ولن يضرّهم شيء بعد اليوم أما أبنائهم وذويهم فهم في كنف الله وهو أكرم وأرحم بهم.
هذه الدماء التي تراق دون وجه حق يتحمّل ذنبها من بيده مقاليد الأمور بعدن سواءً الشرعية أو الانتقالي فالانتقالي الحاكم الفعلي في عدن والشرعية هي التي أعطته الضوء الأخضر وجعلت منه شريكاً بل ومتفرداً بالأمر!!
في كل دول العالم لم نجدْ مليشيات تحمل السلاح وتقاتل الدولة وتُعطّل مصالحَ الناس إلاّ وتتم محاكمتها إلاّ في اليمن تشكّلت مليشيات مسلحة فصارت شريكاً مًعطّلاً في الحكومة ولله في خلقه شئون!
سؤالي هنا لمن يساندون الظلمة ويبررون للظلم هل ستقام دولة بعد أن كُسِرت أعمدتها وعماد الدول مفكريها ومصلحيها وعلمائها؟
هل يمكن أن تؤسس دولة على بحيرة عائمة من دماء الأبرياء؟
إن الله يقيم دولة الكفر العادلة ويفني دولة الظلم وإن كانت مسلمة.
ذهب الشهداء إلى ربهم وغدا سيلحق بهم من خططَ ومن نفّذَ ومن فَرِحَ واستبشرَ وأيّدَ وبرّرَ وشتان بين موقف أولئك وهؤلاء بين يدي الحَكَمُ العَدلُ.