محمد احمد بالفخر
في الأسابيع الماضية توقفت عند محطات متعددة اجتهد فيها بعضُ أبناء حضرموت لنيل شيئاً من حقوقها الضائعة والمنهوبة من قبل منظومات الحكم المتعاقبة، واليوم أجدني مضطراً لاستكمال ما بدأته لكن لكل محطة عنوانها الخاص بها، وحديثي اليوم عن محطة بالغة الأهمية وكان بالإمكان أن تكون نقطة الانطلاقة الحقيقية لو كُتِبَ لها الاستمرار والرعاية،
فبعد انطلاق ثورة فبراير2011م وبعد أن أصبح سقوط النظام وشيكاَ وتحسباً لدخول البلاد في اتون فوضى أو حروب تداعت العديد من الشخصيات الحضرمية من كافة شرائح المجتمع سياسية وفكرية واجتماعية واقتصادية وعدد من الناشطين وكنت أحدهم ولا فخر، فتمّ تأسيس "مجلس حضرموت الأهلي" والذي كادت بعض القوى المناوئة وأده يوم ولادته، فترعرع سريعاً وشقّ طريقه ولقي قبولاً في أوساط المجتمع داخلياً وخارجياً، وتكللت نشاطاته بعقد مؤتمر مصغر لمدة يومين شاركت فيها الكثير من شخصيات الطيف الحضرمي، ومنه انبثقت الوثيقة. وهنا نُذكِّر بها الأجيال المخدوعة ببعض شعارات المتسلقين في الوقت الراهن،
ففكرة اليمن الاتحادي وإقليم حضرموت قد وضعت قبل مؤتمر الحوار الوطني، وأن من أهم المبادئ التي تم تأكيدها في مشروع الوثيقة يأتي في سياق صياغة نظام الدولة المدنية الحديثة، حيث ينبغي لحضرموت أن تكون من عوامل استقراره وتنميته الشاملة، وإنجاز استحقاقاته بما يحقق مبادئ العدالة والشراكة والمواطنة المتساوية، والتنمية البشرية الحقيقية، في ظل دولة مدنية حديثة تبني وطن الحاضر، وتتجه صوب المستقبل، متخذةً من مبادئ الشريعة الإسلامية الغرّاء قاعدةَ انطلاقٍ وارتكاز لها، ولذلك فوثيقة (حضرموت: الرؤية والمسار)، أكدت على ثلاثة أبعاد رئيسة: وضع حضرموت في إطار النظام البديل، وحقوق حضرموت العامة، وآلية الاصطفاف حولها، وصولاً إلى تقديمِ نموذجٍ نهضويٍ وتنمويٍ يُحتذى به ويُوصل ما انقطع من ريادة حضرموت على المستويين الوطني والإقليمي وما جاوزهما، بما تدخره حضرموت من طاقات ماديةٍ وبشريةٍ كامنة.
وكانت البنود التسعة هي أهم مطالب حضرموت.
_1 الحد السياسي الأدنى أن تكون حضرموت إقليماً في إطار نظام اتحادي فيدرالي.
-2 أن تُمثّل بصورة عادلة في كافة لجان صياغة الدستور الجديد وشكل النظام السياسي القادم.
-3 أن يُمثّل الإقليم في سلطات الدولة الاتحادية التشريعية والقضائية والتنفيذية وهيئاتها ومؤسساتها وسلكها الدبلوماسي، بما ينسجم وحجم مساحته وثرواته وسكانه وطول ساحله البحري وثقله التاريخي والحضاري، وحجم مساهمته في الميزانية الاتحادية.
-4 أن يكون للإقليم حقه الكامل في إدارة شؤونه وثرواته وموارده، وأن يحصل على نصيب لا يقل عن 75% منها.
-5 أن يتولى الإقليم الإدارة الكاملة لموانئه الجوية و البرية والبحرية ومياهه الإقليمية.
-6 أن يكون للإقليم حق الملكية الكاملة لأراضيه وجزره ومياهه الإقليمية، وحق التمليك أو التأجير لغرض السُكْنى أو الاستثمار، ومراجعة ما تم صرفه من مساحات أرضٍ شاسعة خلال الفترات الماضية باعتبار ذلك من الحقوق غير المكتسبة.
-7 أن يكون للإقليم جيشه وأجهزته الأمنية الخاصة به من مواطنيه.
-8 أن يكون للإقليم تمثيل متساوٍ في تكوين الجيش الاتحادي والأجهزة الأمنية الاتحادية، لضمان حياديتها.
-9 أن يكون للإقليم حق سن التشريعات والقوانين المحلية المتفقة مع ثقافة المجتمع وخصوصية مكوناته.
ولأول مرة حظيت الوثيقة بشبه إجماع وخاصة من رجال المال ذوي الأصول الحضرمية كأمثال بن محفوظ والعمودي وبقشان من خلال الدور الفاعل لممثليهم كالدكتور عادل باحميد والمهندس عمر محسن العمودي وغيرهم ومن السياسيين كالعطاس وبحاح، وقد جوبهت الوثيقة بالرفض العلني من قبل حزب الرابطة والمؤتمر الشعبي العام،
وتم التداول السلمي لرئاسة المجلس حتى وصلت عند الدكتور محمد العوادي وتوقفت ولم تغادر احداً بعده وانتهى المجلس وصار من الذكريات ولم يعد للوثيقة ذكر إلا أنها كانت المنطلق والأساس لما تحقق بعدها.