محمد احمد بالفخر
مضت أربعون يوماً على طوفان الأقصى المبارك وعلى الهجمة الصهيونية المدعومة من الشيطان الأكبر الأمريكي وأعوانه من الاوربيين وغيرهم، وأكرم الله الفئة المؤمنة في غزه بالثبات والصبر واليقين رغم الخسائر الفادحة والجراح النازفة والمنازل المدمّرة فوق ساكنيها والتي أُلقيت فوقها أطنان من القنابل الحارقة،
وارتقى الشهداء إلى ربهم يشكون قلة النصير والحليف، لكن أبطال المقاومة الذين أبطلوا الأسطورة الكاذبة لجيش العدو الصهيوني الذي قيل إنه لا يقهر فأحرقوا مئات المدرعات بمن فيها من جنود الاحتلال وسجّلوا انتصارات غير معهودة في تاريخنا القريب،
وقطعاً سيتم تدريسها في أرقى كليات العالم العسكرية، ليس في العمليات العسكرية فحسب بل في كل المجالات دروس غزه كبيرة جداً لن تستوعبها آلاف المجلدات وينبغي أن يستوعبها كل أحرار العالم ليوقنوا أن الطغاة مهما تجبروا فهم مجرد نمور من ورق
وأمّا أنظمتهم ما هي إلاّ أنظمة هشة وهي أوهن من بيوت العنكبوت، والشواهد كثيرة جداً لا نحتاج الى سردها،
ورغم كل ذلك فإن ما يجري في غزه لم يُحرّك ساكناً عند ذوي القربى شركاء الهوية والأرض والدم عند سلطة رام الله وقواها الأمنية التي يقارب عددها ستون ألف فرداً وكأن الأمر لا يعنيهم،
وطبيعي ألاّ نعجب من صمتهم فهم في الأصل نتاج اتفاق أوسلو المُخزي وما تلاه وأنشئت خصيصاً لتسهيل مهمة جنود الاحتلال تحت ما يسمى التنسيق الأمني،
ولنا أن نتصوّر مجرد تصوّر لو هبّت مدن الضفة الغربية بدأً من القدس والخليل ورام الله وفي مقدمتهم رجال الشرطة الفلسطينية وبما يمتلكوه من سلاح وعتاد لرأينا مشاهد أخرى أهمها تخفيف الضغط الصهيوني على غزه وتشتيت تفكير العدو وخططه وكانوا خير ناصر ومعين لإخوانهم الغزاويين ولكن الواقع يقول إنهم ظلموا إخوانهم ظلماً فادحاً وشديداً
وظُلمِ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً
عل النفس من وقع الحسام المهند
كما قال الشاعر العربي الجاهلي طرفة بن العبد
وحقيقة موقف عباس وشرطته يذكرنا بما جادت به قريحة المبدع الحر احمد مطر منذ ما يزيد على ثلاثة عقود وهو يصف لنا المشهد الذي نعيشه في قصيدته حكاية عباس التي سأستشهد هنا ببعض أبياتها لتتصوروا المشهد برمته فبعد أن:
عَبَرَ اللص اليه وحل ببيته
أصبح ضيفه
قدّم له عباس القهوة
ومضى يصقل سيفه
صرخت زوجته عباس
ابناءك قتلى عباس
ضيفك راودني عباس
قم أنقذني يا عباس
الضيف سيسرق نعجتنا
عباس اليقظ المنتبه الحساس
قلّب أوراق القرطاس
ضرب الأخماس لأسداس
أرسل برقية تهديد!!
فلمن تصقل سيفك يا عباس؟
لوقت الشدة.
أصقل سيفك يا عباس...
وبعد كل هذه الشدة والمحن لم نرى لسيف عباس مهمة أو دور فلأي شدة وضع ذلك السيف في يدك؟
وهذه هي الحقيقة والواقع فمنذ تأسيس هذه القوى الأمنية لم نجد حتى شخص واحد من هذه القوى قد خرج عن إطار النص أو الهدف المرسوم لهم، ولم تثُر حميتهم وهم يرون صلف العدو الصهيوني وما فعله ويفعله بأهلهم وأرضهم وإخوانهم فيصبون نار غضبهم تجاهه على أقل تقدير من باب الاستعصاء على سياسة التدجين التي فرضت عليهم،
بل ما رأينا أو سمعنا بأنهم قد منعوا اعتقال مواطن فلسطيني في أي يوم من الأيام بل كانوا هم من يقوموا بذلك نيابة عن جنود الاحتلال الصهاينة تحت مسميات التنسيق الأمني وغيرها، وهذا ما تنبأ به الشاعر مطر في القصيدة الثانية التي تحمل اسم عباس يستخدم تكتيكا جديد:
بعد أن هدّ اللص باب داره ونهره وعابه وصرخ في وجهه:
يا ثور... أين البقرة؟
عباس دس ّ كفه في المخصرة
واستلّ منها خنجره
وصاح في شجاعة
في الغرفة المجاورة.
إذاً وجودهم لخدمة إسرائيل بالدرجة الأولى ليس إلاّ.
وما سمعناه من تصريحات عباس تجاه ما يجري في غزه وصمته حيال ذلك نستيقن بما لا يدع مجالاً للشك أنه راضي بما تقوم به إسرائيل من حرب إبادة لا مثيل لها تحت آمال أن يكون هو الحاكم البديل لغزه بعد القضاء على المقاومة لا قدر الله،
وهنا يكون ظلم ذوي القربى...