هل ظُلم الإصلاح؟

2013/06/02 الساعة 01:50 صباحاً

كم شاهدنا وكم حضرنا من فعاليات للحراك الجنوبي منذ نشأته وكم ساهمنا في الإعداد لفعالياته ونظمنا لشبابه ، وكم كنا كأننا ننحت في صخر من أجل أن نفهّم الناس أن لهم قضية يجب أن ينتبهوا لها وحقوق يجب أن ينتزعوها .


هكذا بدا حديثه معي ذات مساء واستطرد ...


كان الإصلاح أول حزب سياسي طالب بإزالة آثار حرب صيف 94م المشؤمة وبعدها مباشرة في أول مؤتمر له بعد انتهاء الحرب طالب بتسوية الأوضاع وإزالة الاحتقان واستمر الإصلاح في تبنيه للمطالب الجنوبية من خلال أعضائه في البرلمان وكان يتّهم بأنه يؤيد الانفصاليين ويساعدهم والسبب أن إصلاح حضرموت بالذات ساهم في إطلاق سراح المناضل حسن باعوم وعدد من معتقلي الحراك في عام 2008م .

 

من المكتب التنفيذي لإصلاح حضرموت ومقر الاشتراكي أيضاً كانت تطبخ كل الفعاليات المطالبة بحقوق الجنوبيين والحاملة للقضية الجنوبية وكان شباب الإصلاح المنظمين هم من يكثروا سواد الحضور بالأوامر التنظيمية الصريحة ، كان الزعيم باعوم يحمل من مقر الإصلاح إلى الفعاليات ليلقي كلمته التي يطالب فيها بالانفصال في حضور قيادات الإصلاح وعلى رأسهم المهندس باصرة وبموافقته والتنسيق معهم على كل شيء.

 

المهندس محسن باصرة رئيس المكتب التنفيذي لإصلاح حضرموت كان قد فاجأ الجميع في عام 2008م بتصريح هدد فيه بالمطالبة بالفيدرالية إن لم تستجب الحكومة لمطالب ابناء الجنوب كان ذلك يوم أن كان مجرد ذكر الجنوب جريمة .

 

قبل أيام اطّلعت على رسالة ( خاصّة) من محافظ عدن السابق موجهة إلى رئيس مجلس النواب السابق عام 2008م وفيها : ( نفيدكم بأن عضوين من أعضاء مجلس النواب من خارج محافظة عدن قد شاركا في فعاليات التصالح والتسامح وهما النائب محسن باصرة وناصر الخبجي ..، نرجو التعامل معهم وفق القانون لمخالفتهم صلاحياتهم).

 

بدأت ثورة الإصلاح على الفساد مبكرا أما المفاصلة مع النظام السابق فكانت بدايتها عام 2006م حين سخّر كل التنظيم الإصلاحي وإمكانيات الحزب وعلاقاته وامواله لزعزعة كرسي علي صالح المتشبّث بكل شيء . وللتاريخ فقد كانت هزّة عنيفة شققت الأرض تحت أقدامه وقطعت أهم أوردة حياة حكمه ونزعت الخوف من قلوب مظلوميه .

 

استمر نضال الإصلاح سياسيا سلمياً منذ عام 2005م حين رفع شعار (النضال السلمي طريقنا لنيل الحقوق والحريات ) في مؤتمره العام الثالث وبقي يردده ويعمل بمقتضاه حتى يومنا هذا .

 

خطط الإصلاح مع شركاه في اللقاء المشترك للتغيير الجذري بداية بانتخابات الرئاسة عام 2006م واستمرار في رفع صوت التغيير حتى كانت الهبة الشعبية المخطط لبدء أولى فعالياتها من الدرجة الثانية في 3 فبراير عام 2011م والتي شملت سبع محافظات كان من بينها حضرموت وأمانة العاصمة وخرجت حشود أذهلت النظام وأربكته فما استطاع رؤيتها بوضوح إلا من خلال المروحية التي أقلت زعيمه ذلك اليوم وأرغمته عن التنازل عن التمديد وقلع العداد الذي قد بشّر به .

 

قبلها بأيام خرج أنصار المشترك وأغلبهم من شباب الإصلاح في سيئون في مسيرة كبرى في شارع الجزائر حين كان الناس إن ذّاك يسخرون وينظرون إليهم من طرف خفي وعلى استحياء يبادلونهم نظرات التأييد وهم يضعون أيديهم في آباطهم خوفا من تهمة المشاركة في فعاليات الخروج ضد النظام .


في هذه الفعالية بالذات خطب الدكتور عبدالرحمن بافضل قائلاً :( نطالب برد حقوق أبناء الجنوب وحضرموت بالذات ونطالب بحكم محلي حقيقي كامل الصلاحيات فإن أبوا طالبنا بالفيدرالية فإن أبو طالبنا بالإنفصال ..) وهو ماجعل الحاضرين يتلفتون يمنة ويسرة ما الذي سيحصل بعد هذا الكلام القوي والشجاع .

 

مخطئ من ظن أن الإصلاح ركب موجة الثورة والحقيقة أن الثوار هم من ركبوا موجة الإصلاح والسبب أن أغلب من خرجوا في أيام الثورة الأولى هم إصلاحيون ، بل قد أبيح سراً إن قلت أن فروع الإصلاح التنظيمية في أمانة العاصمة كانت تخرج تباعاً وبتنظيم دقيق وأوامر ثورية محسوبة .

 

إلى هذه اللحظات لايزيد صوت القضية الجنوبية عن عدد من الناشطين وبعض الفعاليات التي يخشى الناس المشاركة فيها ويتبرؤون من مرتاديها ولكن سرعان ما تحوّل الأمر وخاصة بعد توقيع المبادرة الخليجية وبداية سقوط النظام السابق بدأت تظهر على السطح قيادات مؤتمرية موالية للنظام حتى النخاع تتكلم باسم الجنوب وقضيته العادلة .

 

هنا تغيّر الحال وأصبح أصحاب القضية من الإصلاحيين والاشتراكيين إلى عملاء في نظر الثوار الجنوبيين الجدد وللأسف ليس العتب على من ركب موجة الحراك الجنوبي من القيادات المتساقطة من النظام للكيد بمن أسقطهم ولكن العتب كل العتب على رفاق النضال من قيادات الحراك الشريفة أمثال باعوم والخبجي والنوبة الذين لم ينصفوا زملاء دربهم من الإصلاحيين والاشتراكيين حين طالتهم تهم العمالة والتخوين .

 

أما البيض فلم يكن له صوت ولم يسمع له حس حيث كان هناك في عمان يستمتع بهواها العليل ويتاجر بأموال شعب الجنوب التي أخذها معه حين الفرار تاركا شعبه يعاني الأمرين وناسيا أو متناسيا أن له قضية وشعب وفجأة يظهر ليكمل المشهد المشبوه.

 

.. هكذا حدّثني صديقي الإصلاحي والألم يعتصره حين أصبح يرى أن الولد أصبح بيد الدعيّة ويتهم أبوه بأنه اللص والدخيل ، غير أن ما لمسته من كلامه أن لا ضير مادام سيعود للمظاليم حقهم وتسود العدالة وتعم المساواة و يعود لشعب الجنوب حقه ولو من غير ذكر الإصلاح ونضالاته فأجرنا على الله وهو غايتنا التي تربينا عليها